القطن السوداني..متى يعود للأسواق العالمية ؟

تقرير : خديجة الرحيمة
في ظل غياب القوانين واللوائح التي تحكم إنتاج القطن في جميع مراحل المحصول وعدم وجود رقابة على التقاوي ، جملة من التحديات تواجه الواضع الراهن لصادر القطن إنتاجاً وتسويقاً بعد أن شهد القطاع تدهوراً إضافة ًدخول الأجانب في التسويق ( الإنتباهة) بحثت في أصل المشكلة مع خبراء زراعيين واقتصاديين ومختصين في المجال وخرجت بالآتي :
تدهور القطن
بدأت زراعة القطن في السودان منذ مطلع القرن الماضي لتغطية مصانع النسيج البريطانية بالمواد الخام وأصبح الإنتاج يمثل العائد النقدي الأول الذي يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي بعد الاستقلال لجودة القطن ، وتراجعت زراعته بسبب العقوبات الدولية التي فرضت على البلاد .
وفي ذات الأثناء قطع الخبير الزراعي أنس سر الختم لـ(الإنتباهة) عدم العودة لزراعة القطن مطلقاً في السودان وقال كنا نزرع مليون فدان وبعد تحويل الحساب المشترك إلى فردي تدهور إنتاج القطن وأضاف التعامل بزراعة السياسة بدلاً من سياسة الزراعة تدهور الإنتاج وأضاف لا يمكن أن يعود إنتاج القطن إلى يوم القيامة.
وأرجع أنس أسباب تدهور إنتاج القطن منذ عام ١٩٧٩م وقال لـ (الإنتباهة) لا يمكن أن يعود القطن كمحصول مطلقاً في السودان ، وقال سابقاً كان يتم زراعة مليون فدان (500) في مشروع الجزيرة ومنذ تحويل حساب المشروع من المشترك إلى الفردي تدهور الإنتاج.
لافتاً إلى أن إهمال الزراعة والتعامل بزراعة السياسة بدلاً من سياسة الزراعة ساهم في التدهور، وقال (القطن ما برجع ليوم القيامة) وبرر ذلك بتدمير جميع المحالج والورش بجانب عدم وجود سياسات كلية من الحكومات المختلفة إضافةً لإنهاء البنى التحتية ، وجزم دخول القطن المحور وراثياً آخر مسمار يدق في نعش القطن في البلاد أدى إلى فقدان أشياء كثيرة وقال ان السودان ومصر هما الدولتان الوحيدتان اللتان تنتجان قطنا طويل التيلة.
فوضى
وبالحديث عن أسباب تدهور إنتاج القطن بالبلاد يقول الخبير الزراعي أمين خضر بله لـ(الإنتباهة) أن إنتاج القطن في السودان قديم وعرف أهل السودان القطن البري والنسيج وتجارة القماش من قبل الأتراك وحديثاً يمكن النظر إلى 1906م بتجربه الأمريكان من جامعه إيوا في منطقه الزيداب ومن ثم بدايات تجارب مشروع الجزيرة في طيبة وكركوج بقسم المسلمية عام 1911م كنقل لتقانة وخبرات تجربة الزيداب بجانب إقامة خزان سنار وقيام محطة بحوث الجزيرة قبل 115 عاما وأضاف شكل القطن محور هام للشركة الزراعية التي قامت عليها تجربة مشروع الجزيرة العملاق وتأسيس علاقات الإنتاج بمراحل تطورها .
مشيراً إلى أن تدهور إنتاج القطن بدأ منذ بدايات حكومة الإنقاذ وذلك بتطبيق سياسات التحرير الاقتصادي وفق منهج أهل الإنقاذ التي تميزت بالسطحية والتحليل الفطير ، مما أفقد البلاد العديد من المزايا النسبية وقنوات التواصل مع المؤسسات العالمية الحاكمه لصناعة الأقطان.
وأوضح قائلاً: فترة الصراع بين مراكز القوى في المؤتمر الوطني في عهد الوزير المتعافي وجماعة النهضة الزراعية بقيادة علي عثمان وعبدالجبار حسين والتي شهدت مخاض القطن المحور وراثياً ودخول السودان في فلك أقل ما يوصف به شغل عصابات مما أدى إلى هرج ومرج في الأصناف والحليج والتسويق وتكسير المؤسسات وتجاوز القوانين واللوائح وتابع ( فوضى خلاقة لخدمة مصالح تمددت حتى إلى أعمال لجنة الأصناف ) وتزامن ذلك مع حملة إعلامية مضللة تخصصت في الترويج لأوهام العصابة الحاكمة وضعنا في كل الحقائق العلمية ) بحسب قوله
وذكر السودان كان من الدول المتميزة في إنتاج القطن ويلعب دوراً قيادياً في مؤسسات التسويق العالمية لعقود من الزمان ويتصدر إنتاج الأقطان فائقة
الطول ( بركات ) .
بلا شك العقوبات الاقتصادية لها ظلال سالبة لكن الأسوأ سياسات الإنقاذ آنذاك.
وأضاف يمكن أن نعود بإعمال السياسات المحفزة وتفعيل الآليات والأدوات واللوائح والقانون وإعادة المؤسسات مع تحديثها حتى يستمر القطن كخيار يمكن أن يرفد المنتج البلاد بعائدات من العملة الحرة ونستفيد من مقومات المزايا النسبية.وزاد القطن هو الحل وان السودان مؤهل لإنتاج القطن ويملك المؤهلات البشرية المطلوبة والقطن خيار اقتصادي ذو جدوى للمنتج وكل سلسلة القيمة.
اختلال
وبحسب وصف الخبير الاقتصادي وائل فهمي أزمة القطن بالبلاد موضحاً أنها بدأت منذ بدء الركود في أوروبا في عام 1957م حينما انهارت أسعاره من حوالي 60 سنتاً إلى 29 سنتاً في عام 1958م ورفض الحكومة للبيع بذلك السعر توقعاً منها بالارتفاع مرةً أخرى كما ارتفعت الأسعار بسعر 35 سنتاً في المتوسط لعقد الستينات حيث لم تعد إلى ما قبل الركود الاقتصادي في عام 1956مم وقال في حديثه لـ(الإنتباهة) يتضح انعكاس هذا الأمر في لجوء حكومة عبود إلى قروض البنك الدولي للتغلب على اختلالات الميزان التجاري وتعنت الحكومة قبله في عدم بيع المخزون الكبير الذي كان متوفراً آنذاك، تلك الاختلالات، كان يعتمد على تلك السلعة الرئيسية (الخام) في التصدير (بمتوسط عام 60% فأكثر) وفي تمويل الموازنة العامة (بمتوسط عام 40% سنوياً) حيث لم تقم الحكومات المتعاقبة بتحسين هيكل الصادرات السودانية حتى ظهور النفط وتصديره في عام 1999م من بعد الهبوط الحاد لحصيلة الصادرات بما فيها القطن، في عام 1996م إلى حوالي (300) مليون دولار.
وأضاف من المشاكل التقليدية هي الاستمرار في تغيير سياسات تقاسم العائد مع المزارعين طريقة إلى جانب مشكلة التمويل المستمرة وسياسات التسويق المتقلبة وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي المحلي والدولي خاصةً بعد بدء حصار أمريكا وحلفائها المدمر في عام 1997م ووضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب خاصةً بعد أحداث 11 سبتمبر بأمريكا التي ساهمت بشكل كبير في حرمان السودان ليس فقط من مصادر التمويل الدولي والتحويلات الدولية وإنما أيضاً من عدم الحصول على التقنيات الحديثة وذلك إلى جانب إهمال حكومة النظام البائد في إطار سياساته الهادفة لإفشال المشاريع عموماً والزراعية خاصةً لتبرير خصخصتها فيما بعد.
وأردف كان للعقوبات الاقتصادية القدح المعلى في دفع حكومة النظام البائد للبحث عن سلعة رئيسية بديلة تحتاجها أسواق بديلة لأسواق الغرب الذي كان مستورداً للقطن، فكان التوجه نحو الشرق الذي كان يحتاج إلى النفط بنهم شديد بدلاً من القطن الذي يصدر للغرب بصورة أساسية
ونوه إلى صعوبة تسويق القطن في ظل منافسة (البوليستر) الحديثة والمستحدثات البديلة.
وأردف كانت رغبة حكومة حمدوك في السعي لإعادة مساهمة القطن في الاقتصاد ، وإن كان صعباً للغاية استعادة حجم الأسواق الخارجية له من بعد ضياعها خلال الحقب الماضية خاصةً مع تدهور القوة الشرائية العالمية حالياً بالمقارنة مع الفترات السابقة لتاريخ أسعار القطن ذات الاتجاه نحو الانخفاض المتواصل لتعمق ازمة اسعار القطن للمنتجين المحليين في ظل استمرار السياسات الاقتصادية (النيوليبرالية) التضخمية التي تطرف في استخدامها النظام البائد وحكومتا حمدوك خلال الفترة الانتقالية ، وقال لا يمكن إعادته ما لم تقم الحكومات اللاحقة بالاستفادة من القيم المضافة لهذه السلعة التي تدخل حتى الصناعات العسكرية.
عقوبات
ولكن المنسق القومي لبحوث القطن سيف الدين دوكة يقول لـ(الإنتباهة) أنه ومنذ بداية التسعينات بدأت الفروق في زراعته إلى أن انخفضت المساحات وتدهور الإنتاج بسبب التكاليف العالية ، مضيفاً كان شأنا عظيما في السوق العالمية ومواصفاتنا المتوفرة ننافس بخمس طبقات وعلى ضوء التدهور خرج السودان من السوق.
وأضاف إلى حد ما أدى ارتفاع أسعار المبيدات وطريقة الحصول عليها وعلى قطع الغيار للمحالج إلى تدهور القطن.
مؤكداً أن العقوبات الاقتصادية على البلاد لها أثر كبير في ذلك
وقال إذا توفرت الإرادة الشعبية والسياسة يمكن أن نعود إلى ما كنا عليه.
وتابع إذا تم استغلال الأراضي المطرية يمكن أن نزرع بالآلات والأصناف المحورة والعودة إلى الأصناف الجيدة وزراعة قطن عضوي في الدلتوات بهذه الطريقة يمكن أن نعود إلى السوق العالمية.
الانتباهة