مقالات وآراء

رسائل في بريد هؤلاء؟

احمد بطران عبد القادر

يقول أحمد ابو الطيب المتنبي

بِذا قَضَتِ الأَيّامُ مابَينَ أَهلِهامَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ

من الحقائق المؤسفة ان تصاعد وتيرة الصراع بين التيارات السياسية السودانية ومحاولات الأطراف المعنية كل منهم ان يكسب المعركة لصالحه جعلت أحزاب اليمين المتسلط تاريخيا والمتحالف مع الشمولية دوما يجنح للاستنصار بالعسكر ويجمع حوله كل دوائر الرجعية التخلف مستغلا عاطفتهم الدينية كما ظل يقدم خدماته واغراءاته للقوى الخارجية بازلا فروض الولاء والطاعةحتي يضمن الدعم والمساندة فمسألة الخضوع لسياسة المحاور أضحت أمرا مهما في تفكير بعضهم يتعاطونه بكل ثقة ويقبل عليه معظمهم كأنه عمل خلاق مبدع يعزز من مفهوم ان لهذا الحزب او التيار علاقات دولية يمكن ان تنتشل البلاد من وهدتها وتحدث فيها النهضة المطلوبة هذا لعمري ان دل علي شيء انما يدل علي ضعف الإرادة السياسية وقصر النظر وغياب الحس الوطني فقد تولدت لدي بعضهم قناعة بالا حل الا عبر بوابات السفارات الأجنبية والحج لمدن البترول وعاصم التطبيع ودبابات العسكر وبركات الصوفية المسيسة وليست الصوفية التي نعرفها كمنهج للاحسان وعبادة الله كأنك تراه وتعلم ان لم تكن تراه فإنه يراك وهذا بالطبع مقصده تحسين سلوك الفرد ومراقبته لحاله ليكون قريبا من الله .
هؤلاء العسكر المغامرين بمستقبل البلاد وأمنها واستقرارها والحواضن القوغائية الهلامية من أحزاب اليمين المتسلط وبقايا نظام الانقاذ والنفعيين والانتهازيين والمتسلقين الباحثين عن الشهرة واعتلاء المناصب الكبرى والكسب السهل من المال العام وريع السلطة هؤلاء شوهوا هذه المعاني الجليلة التي كانت من ممسكات الوحدة الوطنية مثل التصوف الذي أفلح في توحيد الوجدان السوداني والإدارة الأهلية التي لعبت أدوار عظيمة في التماسك الاجتماعي وفض النزاعات وعقد المصالحات بين بعض مكونات المجتمع التي تنشأ فيها بؤر خلاف وهؤلاء بجهلهم افرغوها من محتواها واعلوا كعب الجهوية والطائفية وحولوا وجهة الصراع من صراع اجتماعي طبقي تنافسي علي الرؤي والأفكار والبرامج الي صراع جهوي عنصري يستأسد فيه البعض على الاخر بالبندقية والاصطفاف الجهوي ودرجة القبول للخارج والخضوع لسلطوية العسكر الطامح في الاحتفاظ بالسلطة وحماية مصالح حلفائه القدامى والجدد
ولما كبرت حدة الانحراف عن خط الثورة ومشروعها النضالي الهادف للتغيير والإصلاح توحد هؤلاء النازيون الجدد المدفعوعين بدوائر التخابر الخارجية وبدأوا في مسلسلات التشكيك والتخون في قادة العمل الثوري وبزلوا مجهودات خارقة لشق الصف الثوري الوطني وتقسيمه وتشويه صورة العاملين فيه من المناضلين الشرفاء الذين لا ولاء لهم الا لهذا الوطن ووحدة ترابه
هذه المسلك المشحون بالنرجسبة وحب الذات والانانية جعل هؤلاء لقمة سائغة في أفواه المحتالين والاستعماريين الجدد فعملوا كروافع ودعامات يصعد من خلالها هؤلاء الانتهازبون خدام العسكر واعداء الحرية ليفخخوا الحلول السياسية التي تعيدنا لمسار التحول المدني الديمقراطي ويبعثوا الروح في دوائر اللا وعي وحسالة أعوان النظام الظلامي المباد ليعيقوا كل عمل وطني خالص
كل هؤلاء العابثين بمقدرات الشعب السوداني ونضالات شبابه تناسوا ان هنالك ثورة وان الصانعين لها من أبناء شعبنا والمؤمنين بحتمية انتصارها مازالوا يقبضون علي جمرها ويحترقون من أجلها اصابعهم علي زناد الإقدام والمواجهة للتحديات ببسالة واعينهم ترصد الأعداء وتفشل مخططاتهم في النيل من الوطن المعطاء وشعبه التواق للحرية وهذا المشهد العبثي الكارثي الذي تعري فيه البعض عن الأخلاق والوطنية ونكرات الذات واصبح يلهث لينال حظه في سلطة مسلوبة بسطوة عسكرية من شعب مازال يقف علي قدميه ليستردها ويحاسب كل المجرمين والقتلة الذين حولوا حياته لجحيم فعليهم الانتباه لمخاطر العزلة والمواجهة مع شعبهم قبل فوات الأوان .
لئن كان هذا هو واقع الحال الذي جعل البعض يستفيدون من مصائب حالة التشظي والانقسام وينشطون لقطف ثمار استمالة الكفة لصالح مكائدهم ومطامعهم عندنا وجب أن نرسل بعض الرسائل الي :
الأولى في بريد العسكر
اعلموا سادتي في القوات المسلحة ان لا مجال لكم بعد هذه الثورة العظيمة المستمرة لممارسة اي دور سياسي في ادارة الدولة فيكفينا ما لحق بالوطن من دمار وخراب وحروب وقتل من الدكتاتورية الشمولية التي صنعتها أنظمة حكمكم طيلة الحقب الماضية والعودة للثكنات طوعا او كرها ستحدث هي مسألة وقت بإرادة هذا الشعب فعليكم ان تختاروا اما الالتزام بقسمكم المقدس ونصرة هذه الثورة التي تعبر عن إرادة الشعب او الحنث باليمين و معاداتها علما في كل الحلات لا افلات لمجرم من العقاب لكن ما يأتي بالرضا يفتح أبواب العفو والخير والتسامح .
اما الرسالة الثانية الي قوي الثورة التي أنجزت التغيير بكافة مكوناتها الحزبية والمهنية والمطلبية ولجان الأحياء تروس الثورة وحماتها لئن تجمعت عناصر النادي القديم وامراء الحرب وتوحدت لإجهاض ثورتنا فإنه لا خيار أمامنا غير التحالف مجددا وتشكيل منظومة عمل مشترك للاتي:
– الوحدة البرامجية توحدوا خلف برنامج وطني نهضوي يقدم مباشرة للشعب وليس في الغرفة المغلقة نتذاكره فيما بيننا يجب ان يعرف هذا الشعب من نحن؟ وماذا نفعل؟ وماذا نريد ان نفعل؟ فللجماهير دورها الحاسم في الصراع في الأيام المقبلات
– التوقف عن جلد الذات توقفوا عن جلد الذات وتجريم بعضكم لبعض وتخوين المواقف التي تكون ناتجة عن تقديرات خاطئه او معلومات خافية عن بعض منا
– القيادة الرمزية التفوا حول قيادة رمزية من بضع أشخاص موثوف فيهم من اهل الحلم والحزم والدراية والقدرة علي المواجهة والصمود والسيرة الحسنة نتخطي بها هذه المرحلة العصيبة .
– التصعيد الثوري واصلوا في التصعيد الثوري المحكم المخطط له لإسقاط الإنقلاب وتمسكوا باللآت الثلاث فهي القاهرة للعسكر وحلفائه والمزلزلة الأرض تحت أقدامهم ودعوا الأحزاب السياسية التي تخندقت معنا في خط الثورة تذهب في مسعاها السياسي فيما يعرف بالعملية السياسية فإن جاءت بمطالب الثورة قبلناه والا ردت عليهم ولا أسف لا تذكروا ان لهذه الأحزاب تاريخها النضالي المحفور في ذاكرة الشعب وتاريخ كفاحه ضد الشمولية المفسدة والثورة مستمرة ومنتصرة كونوا مؤمنين بذلك بلا شك فالارض يورثها الله لعباده الصالحين والايام دول بين الناس من سره زمن ساءته أزمان والأنظمة المستبدة مصيرها لزوال مهما عظمت قوتها وتطاول عهدها عليكم الالتحام بالجماهير اعقدوا الورش والندوات المفتوحة في الاحياء السكنية والنوادي بشروا بالخير الذي تحملونه لشعبكم وان مصلحته في هزيمة النادي القديم القائم علي السلطوية وهضم حقوق الآخرين وسلب حريتهم وازلالهم بمشاريع الافقار والتجويع ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية وتفشي الفساد والمحسوبية وان مشروعنا يقوم علي دولة المواطنة والرعاية وأسس النهضة التنموية المتوازنة وإزالة مظاهر التمكين والفساد والإرهاب الفكري وتعزيز الوحدة الوطنية والتعاون علي استغلال الموارد وتسخيرها لخدمة الجماهير والمشاركة الجماعية في الحكم والإدارة
اما الرسالة الثالث للمجتمع الدولي والفاعلين فيه .
ان السودان يتشكل فيه واقع جديد وان حركة التغيير تسير خطاها الي الامام وستقوم بتصميم مستقبله والا تراجع عن خيارات شعبنا في التحرر والانعتاق من هذا الواقع المزري السلطوي الاستبدادي الجبان وأننا سنتخطي كل المعيقات والعراقيل أمام مشروع التحول المدني الديمقراطي وان اساسه السليم يبنى علي أسس الحرية والعدل والسلام وان الانتقال لا بد ان يكون عبر تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية وتفكيك بنية النظام السابق ومحاكمة ومحاسبة رموزه وأعوانه وعود الجيش للثكنات وحظر اي نشاط سياسي للمؤسسة العسكرية واعتماد جيش وطني مهني خاضع للسيطرة المدنية وانتهاج سياسيات اقتصادية ومالية توقف التدهور الاقتصادي وتهتم بمعاش الناس وانتهاج علاقات خارجية تقوم علي الصداقة والتعاون والندية والاحترام المتبادل ولن يكون السودان حلبة للصراع الدولي بين مختلف المعسكرات وان الشواطئ السودانية ستصبح مدائن حرة للتجارة والاستثمار والسياحة ومعابر آمنة للتواصل بين الدول والشعوب وان مشاريع التقسيم والهيمنة والاستعمار الحديث لن تجد طريقها الي أرضنا وان إنهيار بلادنا او تأجيج الصراعات فيها سيؤدي الي فقدان الامن والاستقرار في كل المنطقة ودول الإقليم فعلي المجتمع الدولي ان يطلع بدوره في حماية الديمقراطية والا يسمح لمنتهكي حقوق الإنسان بالافلات من العقاب وان يقف مع خيارات شعب السودان لا مع قاتليه وناهبي ثرواته فمصلحته في اكتساب دولة مستقلة مستقرة تسهم في الحضارة الإنسانية لا في دولة فاشلة تعاني من حروب وأزمات وتصدر العنف وتصبح بعد الأنهيار بؤرة للإرهاب والقتل خارج نطاق القانون .
الرسالة الرابعة خاصة لجوارنا الأفريقي والعربي تذكروا ان السودان بلاد المليون ميل مربع الغني بثرواته في باطن الأرض وظاهرها كان من اوائل الدول التي نالت استقلالها وقد قام بادوار تاريخية في دعم حركات التحرر الوطني الأفريقي وقدم خبراته وخيراته دون من او اذي للأشقاء في حروبهم وازماتهم وساهم في نهضتهم وتامين ثغورهم ولم يبخل بشيء وكان من دعائم النهضة العربية والأفريقية وإنشاء المنظمات والاتحادات التي اهتمت بحاضرهم ومستقبلهم وتحمل استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين والمهاجرين الباحثين عن فرص عمل وتعليم حتي أوشكت ان تتغيير تركيبته السكانية والان يستضيف برحابة وسعة صدر أكثر من إحدى عشرة مليون اجنبي يتجولون في وديانه وفيافيه بحرية متواجدون مناطق الإنتاج في المزارع والحقوق ومناطق التعدين يشاركوننا في تلقي كل الخدمات معنا علي قدر المساواة اعلموا ان في نهضته وازدهاره ملاذا آمنا لكم ضد الفقر والجهل والتخلف فارفعوا ايادكم عن عدائه ومساندة الحكام الظالمين من ابنائه وادعموا خياراته في الحكم المدني الراشد وبشروا بان في استقراره خير كثير سيع المنطقة بأكملها واعلموا ان بلادا عرفت الحضارة والحكم المدني منذ آلاف السنين قبل الميلاد وفي تاريخها الحديث اندلعت أعظم ثورة ضد الاستعمار البريطاني وفي تاريخها القريب ثلاث ثورات اطاحت بدكتاتوربات متمكنة لا يعجزها ان تنتصر علي قوي الباطل وتصنع المستقل المشرق للأجيال القادمة ببد ان طلائها من تروس وكنداكات تحت الثلاثين من العمر يشاركون بفعالية في كل المظاهر الثورية بوعي متوقد ودراية حكيمة وحنكة ثاقبة فلله درهم يبتسم لهم الزمان ويطرب بهم المكان ويخلد فعلهم التاريخ علي مر الأزمان

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..