الجيش لن يخرج من السياسة والحل في الثورة

من الآخر
أسماء جمعة
أقولها لكم بكل ثقة: الجيش السوداني لن يخرج من السياسة ولا الاقتصاد، لأنه أصبح مطية لقادته الانقلابيين أبناء الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والمليشيات التي التحقت بهم. وهؤلاء جميعاً لا يخافون من إدخال السودان في أي مصير مهلك من أجل طموحاتهم السلطوية والاقتصادية والسياسية التي لا يمكن لها أن تتحقق في ظل الحكم المدني الديمقراطي. وها هم الآن يبذلون جهوداً عظيمة من أجل تدمير أي أمل يبشر بميلاد قوى سياسية جديدة، أو يقود القديمة إلى التعافي.
ولو كان البرهان ومجموعته الانقلابية حريصين فعلاً على مصلحة السودان لقاموا بتصحيح الوضع الخاطئ للجيش فور سقوط نظام المخلوع، ولعملوا على معالجة مشاكل القوى السياسية وساندوها حتى تتمكن من إدارة الفترة الانتقالية. ولما تآمروا عليها وسعوا إلى تفتيتها وضربها لتظل قوى عاجزة، ويظلوا قادرين على هزيمتها دائماً.

أكثر من عام مضى على انقلاب البرهان، ومازال يردد نفس الحديث عن انسحاب القيادة العسكرية من المشهد السياسي حال توافق القوى السياسية على أي صيغة تأتي بحكومة مقبولة للقوات المسلحة، وهو ما لن يحدث طبعاً. فهي -القيادة العسكرية- لن ترضى إلا بحكومة موالية لها أو ضعيفة، بحيث تتمكن من السيطرة عليها. كما أنها لن توافق على أي حكومة تتفق عليها القوى السياسة، وإن أتت مبرأة من كل عيب.
ومن الناحية الثانية، لن توافق القوى السياسية على حكومة تفرضها عليها القوات المسلحة، لأنها ستكون تكراراً للنظام المخلوع. وهذه هي الحلقة المفرغة التي يدور فيها الطرفان، لكنها مكسب للقوات المسلحة، فهي تمنحهم مزيداً من الزمن للبقاء في السلطة وقد يمتد هذا الأمر إلى سنين، خاصة أن الانقلاب دخل عامه الثاني بسبب هذا الجدل نفسه.
المشكلة الكبيرة أن القوى السياسية رغم تاريخها الطويل إلا أنها مازالت غير قادرة على مقاومة تدخل العسكر في السياسة، وعجزت عن لعب دور سياسي قوي، وقدمت للعسكر تنازلات كبيرة جداً بعد سقوط النظام المخلوع لدرجة أنهم لم يصدقوا، فاستغلوا الفرصة وفرضوا عليها ما يريدون. وهم الآن يريدون تشكيل حكومة بمواصفاتهم هم وليس بمواصفات القوى السياسية، وهو أمر لن يتحقق، ولكنه يطيل الزمن ويحافظ على استمرار سيطرة القوات المسلحة على المشهد السياسي والاقتصادي وليس الانسحاب منهما.
المطلوب من القوى السياسية أن تعود إلى الشارع، وتعمل مع لجان المقاومة ومواصلة الثورة وعدم تضييع الزمن في التفاوض مع العسكر، لأنها لن تصل إلى نتيجة معهم. ولكن يجب أن تتوحد وتتمسك بموقف حاسم، وترفع من سقف أمنياتها، باعتبار أن العسكر على خطأ. وبصفة عامة، لا حل لإخراج السودان من أزمة العسكر إلا بالعودة إلى قوة الشارع.
الديمقراطي
لا حل لإخراج السودان من قبضة العسكر الا باتفاق المدنيين على برنامج الحد الأدنى لإدارة البلاد.. دعونا لا ندفن رؤوسنا في الرمال.