وزارة الماليه والإضرابات !

صوت الحق
الصديق النعيم موسى
في السنتين الماضيتين كثُر الإضراب في المؤسسات الحكومية وهو نتاج طبيعي لسوء الأوضاع الإقتصادية التي تعيشها البلاد والموظفين والعمال هم الفئات الأكثر فقراً ، تمكنت بزيارة بعض المؤسسات التعليمية المُضربة حينها وجلست مع عدد كبير منهم وإستمعت للمآسي ( التي يعلمها الصغير قبل الكبير ) والحديث بالحديث يؤخذ في أغسطس من العام الماضي كتبت عن ماسآة التعليم العالي وضعف المرتبات التي تقدّمها وزارة المالية للأساتذة والموظفين والعمال فتحدّث معي أحد الخبراء الذي أفنى عمره في التعليم الجامعي قائلاً لي ( الدوله ما بتهتم بالمعلمين ) وصدق في حديثه ، وخلال الفترة السابقة إستمعت لصديقُ عزيز يعمل في إحدى الجامعات الحكومية سألته عن مرتبه فأخبرني بأنه أقل من العشرون ألف جنيه ! عندما قلت لكم عبر هذه الزاوية أنَّ الدولة لا تحترم موظفيها وشعبها لم يكن حديثي من فراغ ، فكيف لموظفٍ أو عامل يعيش براتب بهكذا مبلغ ! أخبرنا يا وزير الماليه ؟ ويا وكيل المالية ؟ هذا المبلغ حافز إجتماع في كثير من مؤسسات البلاد .
قبل أن نتحدث عن إضراب موظفي الجامعات السودانية ، نفتح الباب واسعاً أمام وزارة المالية لتخبرنا عبر خُبرائها عن دراسة المعيشة في بلدٍ كل يومٍ تزيد فيه الأسعار فألوزراء لا يعانون مُطلقاً يسكنون في مساكن الحكومة أو تستأجر لهم الدولة المنازل الراقية ويمتطون الفارهات وحُراس بلا عدد وحوافز ونثريات وفوق كل ذلك محصاتهم ( سالب ) عطفاً على ذلك مجانية الكهرباء والصحة . ومع كل ذلك ليتهم يقدمون ولو القليل للبلاد نظير المرتبات والمخصصات التي يأخذونها فليس من العدل في شئ أن تأخذ بلا مقابل ، ومنذ الإنقلاب الفاشل حتى تأريخه تتدهور الأوضاع شيئاً فشيئا وإزداد الوضع سوءً مما كان عليه بسبب أمثال جبريل في المالية وغيره من الذين لا يملكون الفهم الإداري وتفننوا في ضغط المواطن وأثقلوا عليه بالضرائب والجبايات والجمارك يزيدون الجمارك ولا يزيدون المرتبات ، إزدواجية وزارة المالية غير عادلة على الإطلاق فأشرحوا لنا كيف يعيش الموظف بمرتب لا يتصوّره عقل .
أضرب أساتذة الجامعات فترة طويلة وبعد جُهدٍ وعناء إنتصروا لحقوقهم المهضومة ورغم زيادتها إلاّ أنَّ السوق إبتلعها واجهوا صعوبات كبيرة ومع ذلك إتفقوا بكلمة واحدة في وجه حكومة ظالمة لا تُقدّر التعليم حكومة لا تسمع إلاّ لمن رفع صوته فكان سلاح الإضراب قوياً وما لبث إضراب أساتذة الجامعات حتى أدخل الموظفين الحكومة في ( فتيل ) وبعد إحتجاجات مطلبية بوقوف الموظفين والعمال أمام وزارة التعليم العالي وبعد فترة ليست بالقصيرة وافقت المالية على مطالبهم وسؤالنا البسيط لهم : لماذا إذاً المماطلة في هذا الأمر و كان بالإمكان الموافقة عليه ذلك بدون إضراب ؟ فمطالبهم واقعية ومقعنة فلماذا ركوب الرأس يا وزارة المالية ؟ .
يجب أن تتعلم الحكومة الدرس فما فعله أساتذة وموظفي وعمال الجامعات كان يجب ألا يحدث فبسبب التأخير ذلك تضررت الجامعات والطلاب معاً ولكن رفضت المالية كل الحلول قبل الإضراب ومع ذلك رضخت فأي إدارة هذه ؟ يقيني أنَّ وزارة المالية تعلم بضعف المرتبات حتى بعد زيادتها ولكنهم لا يريدون أن يفتحوا الباب أمام الموظفين للمطالبة بحقوقهم وحسب تقديري ظنهم أنّ الإضراب الذي قاده الأساتذه سيفشل ولكن خاب ظنهم وتواصل وأنتصر ولو كانت هناك نقابات صادقة ونزيهة في الوزارات لأضرب كل الموظفين ولكن ( حدث ما حدث ) فألراهن الإقتصادي لا يحتاج لشرح وجميعكم يعلم المُعاناة الحقيقية .
صوت أخير :
نجح موظفون وعمال الجامعات بسلاح الإضراب في كسب حقوقهم وتركوا الباب واسعاً أمام موظفي الوزارات الأُخر فهل سنشهد إضراباً آخر ؟ أم تلتزم وزارة المالية بدراسة الأوضاع الإقتصادية وتعمل على زيادة المرتبات بالصورة الحقيقية التي تغطي الإحتياجات ؟ سوء الإدارة هو السبب الرئيس للذي نعيش فيه الآن ، فإن أصلحنا إداراتنا ستنهض بلادنا أما إن إستمر ( الوزراء البوكو ) لن نجني إلاّ الزيادات .
ختاماً : ضرب المعلّمون مثالاً في القوة والإتحاد بنجاح إضرابهم الذي شارك فيه أربعون ألف مُعلّم وعشروف ألف مدرسة ، وهكذا تؤخذ الحقوق من حكومة لم تقدّم لهم شئ سوى الوعود ؛ وفي صبيحة يوم الإضراب الثامن والعشرون من نوفمبر ( 28/11/2022 ) حيث لبّت الحكومة مُكرهة على مطالبهم المُتعلّقة بالهيكل الراتبي .