معارك بالشرق.. روسيا تصعد من لهجتها ضد الغرب وتتهمه بتحويل أوكرانيا لتهديد وجودي والناتو يتحدث عن خطأين كبيرين لبوتين

صعدت روسيا -اليوم الخميس- من لهجتها إزاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذ أطلق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سلسلة من المواقف اتهم فيها الولايات المتحدة بتحويل أوكرانيا إلى تهديد وجودي لروسيا، في حين تحدث حلف شمال الأطلسي عن خطأين إستراتيجيين كبيرين ارتكبهما الرئيس بوتين في أوكرانيا.
وقال لافروف إن الولايات المتحدة جعلت من أوكرانيا تهديدا “وجوديا” لروسيا.
وفي وقت سابق اليوم الخميس، تحدث لافروف في مؤتمر صحفي، واتهم خلاله الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالضلوع المباشر في حرب أوكرانيا، بسبب الدعم الذي يقدمانه لكييف.
وقال لافروف إن واشنطن والحلف متورطان في الحرب، لأنهما يزودان أوكرانيا بالسلاح، ويقدمان لها التدريب العسكري على أراضيها.
وأكد أن روسيا لم تنسحب أبدا من أي اتصالات مع الولايات المتحدة، لكن الروس لم يسمعوا أي “أفكار ذات قيمة كبيرة” من نظرائهم الأميركيين.
الناتو: بوتين ارتكب خطأين كبيرين في أوكرانيا
في المقابل، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ إن “الرئيس الروسي ارتكب خطأين إستراتيجيين كبيرين عندما غزا أوكرانيا”.
وأشار إلى أن بوتين ارتكب خطأ بتقليله من شجاعة القوات الأوكرانية والتزامها، أما ما وصفه بالخطأ الإستراتيجي الكبير الآخر الذي ارتكبه بوتين، فهو “التقليل من أهمية قدرة الناتو في وحدتنا وعزمنا على تقديم الدعم لأوكرانيا”
وأكد أن الأسلحة التي قدمها الحلف إلى أوكرانيا أحدثت فرقا كبيرا في ساحة المعركة، وأنه سيستمر ويصعّد ويضمن حصول أوكرانيا على الأسلحة والذخيرة ما دام الأمر يتطلب ذلك.جريمة حرب
من ناحية أخرى، قال مسؤول السياسات الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن روسيا تدمر البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، وهي جريمة حرب.
وأضاف أن الاتحاد يدعم إنشاء محكمة خاصة لمجرمي الحرب في أوكرانيا، وسيساعد في محاسبة مجرمي الحرب.
وأكد أن روسيا يجب أن تدفع تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا، وأنه يجب استخدام الأرصدة الروسية المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي سيبحث السبل القانونية للقيام بذلك.
وفي رده على إعلان المفوضية الأوروبية مقترحا لمصادرة الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي لاستخدامها في إعادة الإعمار في أوكرانيا، نقلت وكالة “ريانوفستي” عن وزارة الخارجية الروسية قولها إن موسكو ستتخذ ما وصفتها بإجراءات مناسبة إذا تعلق الأمر بمصادرة أصولها في الاتحاد الأوروبي.
كما أكد الكرملين -اليوم الخميس- أن أي محكمة تتأسس لملاحقة روسيا قضائيا بشبهة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا ستفتقر إلى الشرعية ولن تحظى باعتراف موسكو، بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يسعى لإقامة محكمة من هذا القبيل.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين “بالنسبة للمساعي الرامية لتأسيس نوع من المحاكم، لن تكون لها أي شرعية، ولن نقبلها وسندينها”.
وفي الأثناء، ينطلق في مدينة وودج البولندية الاجتماع السنوي لوزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمشاركة وزراء خارجية 57 بلدا.
ويبحث الاجتماع تطورات الحرب في أوكرانيا، والتحديات التي تواجه منظمة الأمن والتعاون في ظل المتغيرات الأمنية والجيوسياسية التي فرضتها حرب روسيا على أوكرانيا.
وكانت بولندا أعلنت رفضها السماح لوزير الخارجية الروسي بدخول أراضيها لحضور الاجتماع، وبررت ذلك بأن الوفد الروسي يجب ألا يتضمن أشخاصا معاقبين من جانب الاتحاد الأوروبي.
قصف روسي على مناطق بالشرق
ميدانيا، أكد الجيش الأوكراني استمرار القصف الروسي على مقاطعات خيرسون وزاباروجيا وميكولايف ودنيبرو جنوبي البلاد.
وقال الجيش الأوكراني إن الروس نفذوا خلال الساعات الماضية 41 غارة جوية و28 قصفًا من منظومة صواريخ على مواقع قوات أوكرانية ومناطق مأهولة بالسكان في خيرسون.
وأضاف أن قواته رصدت انسحاب قوات روسية من مواقع معينة في منطقة خيرسون أيضا.
كما أكد استمرار القصف الروسي لمنطقة أوتشاكوف في ميكولايف والعديد من قرى التماس في زاباروجيا ودنيبرو.
من جهة أخرى، قالت قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية إن قواتها نفذت 17 غارة على مواقع تمركز الروس خلال الساعات الماضية، إضافة إلى 4 غارات على مواقع منظوماتهم الصاروخية المضادة للطائرات.
وفي زاباروجيا أيضا، تحدثت القيادة الأوكرانية عن سقوط أكثر من 100 جريح في صفوف القوات الروسية، في قصف لقواتها على مواقعهم هناك.
وفي إقليم دونباس، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أوكرانية أن معارك شرسة تدور على محور مدينة باخموت (شمال مقاطعة دونيتسك) بعد سيطرة القوات الروسية على قريتين جنوب شرق المدينة.
وأكدت مصادر أوكرانية أن الجيش يمنع المهاجمين الروس من التقدم شمالا نحو باخموت، وأنه كبدهم خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات، وفق قولها.
وذكرت قيادة الأركان الأوكرانية أنه تم صد 9 محاولات روسية للتقدم في مقاطعة دونيتسك و3 في مقاطعة لوغانسك، مشيرة إلى أن القوات الروسية أعلنت حالة التعبئة العامة في مدينة خروستالني بمقاطعة لوغانسك، وأنها تسيّر دوريات للتدقيق في أوراق من يرغب في المغادرة.
ألمانيا: هولودومور إبادة جماعية
وفي السياق ذاته، أقر البرلمانيون الألمان -أمس الأربعاء- تشريعا يرى أن المجاعة التي طالت ملايين الأشخاص في أوكرانيا في ثلاثينيات القرن الماضي -في عهد الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين- “إبادة جماعية”، معتمدين بذلك لغة تستخدمها كييف.
وقال أحد البرلمانيين إن النص المشترك -الذي أقره أعضاء البرلمان من تحالف يسار الوسط في ألمانيا والمحافظين المعارضين- “تحذير” موجه لروسيا، بينما يمكن أن تشهد أوكرانيا أزمة جوع محتملة هذا الشتاء بسبب الحرب.
وامتنعت أحزاب اليمين المتطرف واليسار المتطرف عن التصويت على القرار في مجلس النواب في البرلمان الألماني (بوندستاغ).
تشغيل الفيديو
مدة الفيديو 02 minutes 37 seconds
02:37
وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -في تغريدة على تويتر أمس الأربعاء- “أشكر مجلس النواب على هذا القرار التاريخي”، مؤكدا أن “الحقيقة تنتصر دائما”.
وترى كييف أن “هولودومور” (تعني بالأوكرانية الموت جوعا) التي حدثت عامي 1932 و1933 إبادة جماعية متعمدة ارتكبها نظام ستالين بهدف القضاء على الفلاحين.
وتشير إلى أن ستالين استولى في إطار حملة -“التشارك” الإجباري التي قام بها- على الحبوب والمواد الغذائية الأخرى؛ مما أدى إلى تجويع الملايين.
وهذه المجاعة الكبرى كانت دائما محور خلاف بين روسيا وأوكرانيا.
وترفض موسكو ما تراه كييف، وتؤكد أن الوقائع جرت في سياق أوسع لمجاعات دمرت مناطق آسيا الوسطى وروسيا.
وأجج النزاع الحالي المخاوف من أن التاريخ قد يعيد نفسه. وأدى استهداف روسيا منشآت تخزين الحبوب وحصار صادرات أوكرانيا من البحر الأسود إلى اتهام موسكو باستخدام الغذاء سلاحا في الحرب.
وقال روبن فاغنر -من حزب الخضر الألماني وأحد الذين يقفون وراء القرار- إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عمل في إطار ما وصفها “بالتقاليد القاسية والإجرامية لستالين”.
وصرح لصحيفة “فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ” (Frankfurter Allgemeine Zeitung) بأن “أسس الحياة في أوكرانيا تُنتزع مرة أخرى بالعنف والإرهاب”، وأن اعتبار “الهولودومور” إبادة جماعية عبارة عن “رسالة تحذير” إلى موسكو.
المصدر : الجزيرة + وكالات