عدالة انتقالية دون انتقال !

الهام عبدالخالق
حين يتحدثون عن العدالة الانتقالية وهم هناك في دهاليز التسوية أتراهم قد بذلوا بعض الجهد ليتخيلوا كيفية إنزال هذه العدالة للواقع والمجرم مازال يقتل ويخفي ويسحل؟ حين يتحدثون عن العدالة الانتقالية في ظل حكم انقلابي دكتاتوري هل يا تري سألوا أنفسهم عن المناخ الديمقراطي المعافي والذي يمكن فيه تطبيق العدالة الانتقالية؟ حين يتحدثون عن العدالة الانتقالية هل يا ترى احسوا بالام الامهات وحرقة افئدتهن؟ هل يا تري وضعوا أنفسهم ولو لحظة في مكان اهل الضحايا؟؟.
سالت ام الشهيد في مرة من المرات ونحن نعد (لمائدة مستديرة) جمعنا حولها عدد من العاملين في مجال حقوق الإنسان من أحزاب ومنظمات وأفراد من أسر الشهداء وبعض ممثلي لجان المقاومة ، سالت والدة الشهيد مطر عن التحديات والمفارقات الحادثة في ظل الوضع القائم فيما يخص قضايا القصاص للشهداء اجابت “التحديات كثر اهمها ان النظام العدلي شديد الهشاشه وامكانية تطبيق مبدأ العدالة هو ضرب من المستحيل الآن ناهيك عن العدالة الانتقالية”. نعم الحديث الان عن عدالة انتقالية مبكر جدا فالتاريخ اثبت ان العدالة الانتقالية تنجح حين يتوفر الأتي :
نظام عدلي قوي وراسخ
حكم ديمقراطي مدني
سلم ووقف كامل لانتهاكات حقوق الإنسان
وهذه العناصر الثلاث لا يتوفر منها ولا ظل إحداهما ناهيك عن 85% من مطلوبات الانتقال. ويا عجبي
أما أليات تنفيذها فهي : محاكمات عادلة لمرتكبي هذه الجرائم والتي يبدو جليا استحالة تنفيذها الان لضعف الجهاز العدلي وثانيا لان مرتكبي هذه الجرائم من لجنة امنية ومليشيات لن يقدموا أنفسهم طوعا وانصياعا للعدالة وفي أحسن الفروض سيقدمون أكباش فداء من النظاميين الاقل رتبة كما أشارت أضابير التسوية. اما الالية الثانية فهي البحث وكشف الحقائق علي اسر الضحايا والشعب قاطبة وفي ظل طمس الحقائق واخفاء الادلة والتخلص من جثامين الشهداء والأدلة وبتلك الحالة كيف يتأتى كشف الحقائق والاعتراف بالضرر؟ الالية الثالثة هي جبر الضرر وهذا يحتاج لبناء الثقة والتئام الجروح والذي لن يحدث ونزيف الوطن لازال مستمرا والشهداء يتساقطون حتى بالأمس وكل يوم . وأخيرا الاصلاحات المؤسسية والتي لاتلوح اي بادرة في الافق علي امكانية تحقيقها في الظرف الراهن . فهل الواقع مهيأ ؟ ام هي محاولات ذر الرماد في العيون الذي تجتهد فيه قوي التسوية والاليات المصاحبة من ثلاثية ورباعية وغيرها. ولقد أثبتت التجربة أن تجارب العدالة الانتقالية التي طبقت دون مراعاة للظرف الموضوعي وخصوصية المنطقة والتي فرضت فيها قواعد الانتقال بواسطة قوى خارجية لم تنجح في خلق سلام ولا في تضميد الجروح كما حدث في ليبيا او سوريا وغيرها.
أن ملف العدالة والقصاص يظل أهم الملفات و ذلك لحساسيته وارتباطه باهم مبادئ الثورة وهو العدالة والسلام . الحديث عن طرح هذا المبدأ لأسر ضحايا المجازر والتصفيات والاغتيالات الفردية قبل وبعد الانقلاب في ظل وضع يفتقر لأهم العناصر التي يجب توفرها حتى تتم العدالة الانتقالية كحل يظل قاصرا ويبدو أنه مدفوع باستعجال قوي التسوية لاكمال تسويتهم وتكوين حكومة ستعيد انتاج الكارثة. فبالله ارفعوا ايديكم عن هذا الملف فدماء الشهداء تنتظر القصاص ومواكب الشهداء لم تتوقف حتى الآن.
هل تتجزأ العدالة
واين العدالة حيال من حصدتهم مغامرات العسكر مع اليسار في ابا وودنوباوي
اين العدالة في المجزرة الحسيسة التي ارتكبها الشيوعيين في قصر الضيافة
اين العدالة في مجزرة الكيزان في ٢٨ رمصان وفي ضحايا العيلفون وكجبار
الحديث عن العدالة الانتقالية اصبح ملف مزايدات سياسية لاغير ولن يتم التحقيق والقصاص الي قيام الساعة