
تقرير: الراكوبة
“ديسمبر الملتهب”.. هكذا يمكن توصيف اخر اشهر السنة الميلادية، لما تشهده الساحة من تنافس وتنازع محموم مابين رفض وقبول وممانعة، حول سير العملية السياسية التي تمضي الان والتي تتوج ان صح التعبير باتفاق اطاري، يوقع بالغد بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري، يعقبه اتفاق شامل.
تساؤلات
تطورات كثيرة اعترت المشهد السياسي الفترة الماضية، ولم تزل جعلت المسرح العام، بتلك الصورة التي يبدو عليها الآن والتي تتسيدها حالة التخوين والتهديد وتعاقب البيانات المؤيدة والرافضة لعودة الشراكة الثنائية بين العسكر والتغيير، وتلك المنددة بوصاية فولكر وسلب الإرادة الوطنية، غير ان الامر وفق مراقبين سياسيين يعتبر احد تمارين العملية الديمقراطية، فضلا عن انه اي _ الاتفاق الاطاري _ يعتبر قطع للطريق أمام عودة فلول المؤتمر الوطني، ليصبح السؤال الذي يفرض نفسه حول ماآلات الاتفاق في ظل حالة الرفض الواسع؟ وماهي السيناريوهات المحتملة بعد التوقيع؟ وهل سيكون الاطاري بوابة عبور للاتفاق على القضايا الأربعة المؤجلة وللانتقال ككل؟ وهل ينحج حميدتي في إقناع الكتلة الديموقراطية للتوقيع عقب اجتماعه معها اليوم؟
كسب أرضية
في ظل الساعات القليلة المتبقية على التوقيع على الاتفاق الاطاري، الكثير من المستجدات تتسيدت المشهد، في مبتداها إطلاق سراح القيادي البارز بالحرية والتغيير وجدي صالح الموقوف على ذمة بلاغات، وهو ما عده متابعون احد مطلوبات العملية السياسية بين المكون العسكري والمدني، فيما رفضه آخرون واعتبروه مخالفا للعدالة، في مقابل ذلك وفي ظل حالة الرفض للتوقيع الاطاري أستبق الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل اليوم التوقيع بإعلان تجميد نشاط الحسن الميرغني على اعتباره احد قوى الانتقال المنضم لتحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي.
وينظر مراقبون إلى ان المشهد الان يحسب لصالح مجموعة المركزى بالتوقيع على الاطاري وذلك في كسبها اسبقية الارضية التي سيتم التأسيس عليها للفترة الانتقالية.
انقسام
وفيما تنقسم معظم المكونات السياسية حول التسوية التي تمضي الان، يذهب خبراء في الشأن السياسي إلى إمكانية الآلية من إقناع الجميع للتوقيع على الاتفاق الشامل، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول المبعد بحكم الثورة، وذلك في ظل الضغوط الدولية على جميع الاطراف، ويعتقد الصحفي والمحلل اشرف عبد العزيز انه وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الاتفاق الإطاري الا ان المحك الرئيسي لا يكمن في كيفية إقناع الجميع، وانما في نجاح الاطراف الموقعة في العبور بالقضايا الأربعة المتمثلة في العدالة وإصلاح الاجهزة الامنية ومراجعة اتفاق سلام جوبا وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
ويرى عبد العزيز في حديثه ل “الراكوبة” انه وفى حال فشل العبور بهذه القضايا فان المعارضة على الاتفاق ستكون شديدة.
اصطفاف
وتواجهة التسوية السياسية منذ الإعلان عنها معارضة واسعة بين مختلف المكونات الحزبية، مابين رافضون وممانعون، لعودة الشراكة الثنائية مرة أخرى، ففيما تقف الكتلة الديموقراطية برئاسة جعفر الميرغني في صف الممانعين للتسوية، يصطف بالمقابل الجذريين بقيادة الشيوعي والمهنيين والمقاومة إلى جانب الرافضين لها.
ويرى من جانبه المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر في حديثه ل ” الراكوبة” ضرورة وقوف الجميع إلى جانب العملية السياسية التي تمضي الآن بغض النظر عن من المآسي او الخاسر، مشيرا إلى أن واحدة من أساسيات العمل الديمقراطي هو الاختلاف مع التمسك بالأهداف.
وتابع : في اعتقادي ان الاتفاق هذا حرك ساكن الاحداث وكون ان تتراجع القوات المسلحة بتاريخها الانقلابي من موقفها فإنها خطوة تعزز هذا الاتفاق.
إلتزام
وخلف لقاء النائب الأول محمد حمدان دقلو بالكتلة الديمقراطية اليوم حزمة من التساؤلات حول إمكانية إقناعها بالاتفاق، ويرى الصحفي والمحلل السياسي اشرف عبد العزيز في حديثه ل “الراكوبة” أنه لا خيار أمام الكتلة الديموقراطية من الاتيان والموافقة وذلك نسبة لالتزامها باتفافيات مع المكون العسكري.
وخلال اللقاء أكد حميدتي على ضرورة أن يعمل الجميع، على تحقيق الأمن والاستقرار للبلاد، من أجل رفع المعاناة عن كاهل المواطنين، داعياً إلى إعلاء الروح الوطنية والتسامي فوق الصغائر، من أجل وطن الحرية والسلام والعدالة، في وقت شدد فيه على أنه لا تراجع عن السلام واستكماله
وفي تصريحات صحفية أشار السكرتير العام للحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، د.عمر عثمان إلى ان دقلو أكد خلال الاجتماع، على ضرورة أن يتم التواصل بين الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي وبقية الأطراف الموقعة على وثيقة الاتفاق الإطاري، وأضاف د.عمر عثمان قائلاً ( اتفقنا والتزمنا مع بعضنا وسوف نتواصل للتشاور مع إخوتنا في الحرية والتغيير المجلس المركزي، حتى نصل إلى رؤية مشتركة ترضي الجميع وتخلق تسوية حقيقية تحقق الاستقرار للبلاد).
فقه الضرورة
ويتخوف متابعين للشان العام من مغبة حدوث فوضى في الشارع، عقب الاتفاق وذلك بسبب حالة الرفض الكبير للجان المقاومة الذي تعده شرعنة للانقلاب، فيما تنظر له قوى أخرى متمثلة في الاسلاميين ومجموعة نداء اهل السودان وغيرها إلى أنه تدخل اجنبي وفرض وصاية من المبعوث الأممي، وفي هذا السياق يعتبر المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة ان ان الاتفاق الإطاري الذي سيوقع غدا سيقطع الطريق أمام الفلول مشيرا في حديثه ل “الراكوبة” أن اي جهة تحرص على اخذ كل شئ يتفقد كل شئ وذلك في إشارة منه لمواقف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري.
ويرى الدومة ان الاتفاق الإطاري يأتي من باب فقه الضرورة منوها إلى انه من الاستحالة أبعاد العسكر من المشهد وان السياسة هي فن الممكن في إدارة الدولة.