إضراب المعلّمين ، الدروس المُستفاده !

صوت الحق
الصديق النعيم موسى
أربعون ألف مدرسة و عشرون ألف مُعلّم ، ضربوا مِثالاً في التكاتف والتعاضد والإتحاد ، عشرون ألف إتفقوا جميعاً تحت قيادة لجنة التسيرية للمعلّمين من أجل حقوقهم ويا لها من حقوق ؛ حقوق ضائعة ومهضومة من الحكومة التي وضح تماماً أنها لا ترضخ ولا تسمع إلاّ للصوت العالي وكان سلاح الإضراب الأقوى ( في بلادٍ خيراتها تُنهب عبر مطارها الدولي ) إبتدر أساتذة الجامعات الإضراب المُنظّم والأقوى وكان بداية خير لنيل الحقوق التي تتهرب منها وزارة المالية ؛ ثم سار موظفي وعمال الجامعات في نفس المسار وموظفي الكهرباء وأخيراً المعلمين السودانيين في جميع بقاع البلاد .
أعلم أنَّ الأمر عظيم ؛ ومع هذا قادت اللجنة التسيرية هذا الصراع من أجل الحقوق ونجاحهم إكتمل عندما آمن الجميع بالقضية وهنا يكمن مربط الفرس ؛ لم يدخل الخوف قلوبهم وهم يُصارعون ديكتاتورية المالية وتعنّت الدولة في إحترامهم والحق إنتصر لأنهم أصحاب قضية عادلة . الخوف سبب رئيس في فقدان الحقوق والخوف من الفصل والنقل هو جُبنٌ وعار والإيمان بالحقوق أحد أهم أسباب النجاح .
ضرب المعلمين الأمثلة الحيّة والمُعايشة في إقتلاع الحقوق ( ولو سمعت وزارة المالية بإصدار هيكل راتبي محترم لجميع هياكل الدولة لما وصلت الأمور لهذه المرحلة المُتأخرة ) وبرغم جبروت العسكر إلاّ أنَّ لجنة المعلمين تحدّت كل الصعاب فلم يخيفهم التهديد ولا الوعيد ولم يرضخوا وعلمت تماماً أنَّ الحقوق تُنتزع في دولة لا يُحترم فيها المُعلّم ساعدهم على ذلك الأساتذة الأجلاء الذين تماسكوا و واجهوا الأمر الواقع : ( إما زيادة المرتبات وتحسين العلاوات أو ترك العمل ) وهذه أهم عوامل نجاح إضرابهم الذي أبهر الجميع لدرجة جعلت وزير التربية والتعليم وفي أول يومٍ للإضراب أن يُعلن إجازة الهيكل الراتبي للمعلّمين ( مش قلت ليكم دوله ما بتجي إلاّ بالعين الحَمره ) ولعلّي شاهدت الكثير من الوقفات والإحتجاجات والإضرابات ما أعجبني في إضراب المُعلّمين الوحده والتكاتف وفي نفسي أضع إستفهاماتٍ كبيرة وعريضه : كيف يكون حالنا لو إتفق السودانيين على كلمة سواء ؟ مدنيين على عسكريين ؟
إضراب المعلّمين السودانيين أكّدَ معنى التعاضد والإتفاق في نيل الحقوق من حكومة ظالمة ؛ حكومة إعتمدت في إيراداتها على جيب المواطن . أوصلوا صوتهم بكل إحترام وتقدير وضعوا الطباشير وحملوا اللافتات ( أنا معلم مُضرب ) وكيف لا تضربون والحكومة تُهينكم وتذِّلُ كرامتكم جهاراً نهاراً ؟ كيف لا تضربون والتعليم مُنهار بسبب ضعف ميزانياته ؟ كيف لا تضربون والكثير منكم يعمل في أعمال أُخرى قاسية حتى يُطعم أولاده حلالاً طيبا ؛ أحد الذين درسوني في الثانوي كان يعمل في أحد الأفران ( يُدخل الخبز ويخرجه ) يتحمّل حرارة النار وجحيمها ؛ وآخرين يعملون على ركشاتهم بعد دوامهم يمتطون الشوارع والنماذج كثيرة في بلادي .
لن تتقدّم دولة لا تحترم مُعلميها ،،
لن تنهض دولة يُساء فيها لأهل العلم ،،
الوزراء والرؤساء المدنيين والعسكريين تتلمذوا على أيديهم وهم أساس الرفعة ولا خير في دولة لا تُقدّر جُهدهم وعطاءهم ؛ فإن سألنا ماذا طلب المعلّمين لوجدنا الأمر بسيط ، تعديل المرتب الأساسي من ( 12 ألف جنيه إلى 69 ألف جنيه ) فأموال الدولة يجب أن تُنفق في مكانها الصحيح ( مش تشترو بيها بمبان ) أموال الذهب والصادرات السودانية لا ندري أين تذهب ؟ فأولى أن تزيد ميزانية التعليم ولو مرةً واحدةً في التأريخ . عند زيادة المرتبات في عهد إبراهيم البدوي فرح المُعلّمون وسُرعان ما إلتهما السوق وإرتفع التضخم وعجزت وزارة المالية عن ضبط السوق ( ودفع المواطن الثمن )
صوت أخير :
عبر هذه الزاوية التحية الصادقة لمُعلّمي بلادي في جميع أنحاء البلاد وأخُص بها الأستاذ العزيز مجدي خالد فضل الذي أدين له بالكثير فكان صديقنا وأستاذنا الذي رسّخ في أذهاننا كيف نحترم التعليم ونُقدّس الأساتذة الأجلاء ؛ أستاذي مجدي رجل له من حُسن الخلق والكرم والشهامة يعجز قلمي عن الحديث ، وأثناء المرحلة الثانوية كان قريباً لنا كطلاب .
والتحية الصادقة للأستاذ المُربي عبد المتعال محمد علي ؛ الرجل الخلوق الأمين وأذكر عندما كُنا في الصف الأول ثانوي جاء إلى الفصل الذي ندرس فيه وكانت الحصة غير مجدولة وهو المدير حينها فكان عنوان الحصة : السيرة النبوية .
التحية للأساتذة خالد إدريس أستاذ التأريخ والتحية الخالصة للأستاذ نصر الدين البروف ، عالم البلاغة والصرف والنحو . التحية للأستاذ الكريم محمد يوسف الهواري .
ختاماً : الدرس المُستفاد من إضراب المُعلّمين ( بالوحدة تؤخذ الحقوق )