مقالات وآراء

نصائح خاصة لبرلوم المدينة…!

خطرفات ذاتية

سايمون دينق

(١)
يجد اغلب القادمون من خارج عاصمة البلاد جوبا صعوبات جمة في فهم بعض الاشياء وطبيعتها، خاصة اذا كانت تلك هي الزيارة الأولى لهم.
في هذه الزاوية ومن منطلق انساني بحت، سأحاول في حدود امكانياتي المتواضعة تقديم بعض النصائح الضرورية لكل من يرغب معرفتها ولا نبتغي من وراء الفعل شيء غير راحتكم وسلامتكم النفسية والبدنية .

عزيزي الزائر: منذ الوهلة الأولى فور وصولك الي مطار جوبا ((الدولي!!!)) سوف تتبدل كل الاتجاهات الجغرافية التي تعرفها في نظرك.. لا تقلق.. دعني اطمئنك بان الامر طبيعي جدا.. اكرر.. لا داعي للأستغراب والدهشة والقلق اذا شرقت شمس اليوم التالي من الشمال بدلا عن الشرق، وانا ما بجيب سيرة الجنوب..!.. عفوا .. اعني انه مهما يكن تأكد بانك لست وحدتك من تشابهت عليه اتجاهات المدينة .. حتى كاتب هذه السطور لا يزال عاجزا من فك طلاسم هذه البقعة الجغرافية الغريبة بعد مرور عقدا كاملا من الزمان.

(٢)
وانت خارج من المطار او محطة المواصلات – لا يهم – من اي مكان خرجت !!.. فقط انتبه جيدا لخطر خفي يتربص بك من كل حدب وصوب وانت لا تدري.. ! ..تلك الوجوه البرئية التي تهيم حولك دون وجهة معينة لا تأمن لها جانب أبداً، فاغلب الظن ان من بينها “لصوص الترنتو”.. وترنتو عبارة عن كائنات اجرامية موغلة في اللصوصية وتتفوق على صقور الجو خفة وسرعة في خطف الاشياء، ان اغفلت امرها، فهذا يعني الفراق الابدي بينك وبين أمتعتك التي تحملها، ستشاهدها بام عينيك وهي تهرب عنك بعيدا في قبضة شخص آخر يمتطي الدراجة البخارية “بودابودا”.. وان حدث لا قدرالله.. فكن عاقلا ولا تهدر “شوية قريشاتك المتبقية” او وقتك الذي تحتاجه في فتح بلاغ جنائي او شيء من هذا القبيل ضد هذه العصابة، لانه اذا فعلت، فانت تزيد اللصوص نعمة.. اعنى انه في الواقع لن تفلح اجهزة الشرطة المحلية والعالمية، وجميع الوحدات الامنية بما فيها وكالة المخابرات المركزية الامريكية نفسها من ارجاع امتعتك اليك مرة أخرى بعد الفقدان.. وعليه، عليك بالحذر منذ البداية حتى لا تفقدها… الحذر ، ثم الحذر، ثم الحذر…!؟

(٣)

بالتأكيد انت مرحب به وسط معارفك واحبابك الذين ربما لم تلتق بهم من قبل، فهذه من امتع الاوقات التي يتمناها كل مغترب غاب عن اهله وأصدقائه طويلا.. ولكن ..! ارجو ان لا تدع احتفاءهم المبالغ فيه بك يفقدك اتزانك ورشدك الطبيعي وتقودك هيستيرية العظمة والفرح الي اتخاذ قرارات طائشة على حساب اموالك.. ان فعلت حتما ستندم ولو بعد حين.

ابعد بقدر المتسطاع من شلليات الطبقة البرجوزاية واشباه المنافقين .. عفوا .. اعني اشباه المثقفين الذين سيرابطون حولك ٢٤ ساعة حتى يوم اعلان افلاسك.. كن نبيها لتصرفاتهم ..!! لانه في البداية وانت (مريش) سينافقون من اجل الظفر بخدمات جيبك، سيحترمونك حد التقديس، ومن ثم يرفعون من شأنك عاليا الي مصاف اولياء الله الصالحين.. ولكن لن تجد احد منهم الي جوارك يوم السقوط العظيم.

(٤)
هل سمعت بـ”عربي جوبا” عزيزي البرلوم..!!؟ انا اعتقد ذلك وقطعا خدعوك وقالوا لك بانها لغة بسيطة وسريعة الفهم، ويؤسفني القول بانني هنا بصدد اطلاعك على ما لم تسمع به.
من بين المفاجأت التي ستقف امامها حائرا..! هي انك ستجدها لغة عميقة عمق البحار وسوف لن تسعفك معاشرة “اربعين يوما” ولا “اربعين شهرا” لتسير منهم.. مما يعني ان الغرق في بحرها امرا حتميا، شئت ام ابيت.. غير ان هنالك دائما ما يمكن القيام به لتخفيف أثار الغرق.. على سبيل المثال لا الحصر .. عليك بان لا تأخذ اي كلمة سمعتها في الشارع او في اي مكان عام على اساس قامسوك اللغوي التي في ذهنك.. اترك مسلمات اللغة بعيدا بعض الشيء واستعن بصديق خبرة اذا كان ذلك متحا .. فذلك يبعد عنك الحرج ويوقيك شر معركة وهمية قد تنتج عن (سوء فهم) اساسها اللغة بينك مع شخص انت لا تعرفه اصلا..! مثلا اذا قال لك احدهم: (ريحة تاكي عفن كعب) فهو لم يقصد اساءتك صدقني ..!. كل ما في الأمر انه يقول ان عطرك الذي تعطرت به قويا للغاية).. وكلمة (عفن) هنا يعني (قوة الرائحة) اي رائحة..! ولا علاقة لها بالمعنى الذي في ذهنك….! والله أعلم..!

اما اذا سمعت احد الباعة المتجولين يندح بصوته في الهواء الطلق على قارعة الشارع العام وهو يعرض بضاعته.. “دوا فار، دوا حشرات، دوا مرقوت … الخ”، فالامر لا يعنيك في شيء.. ولكن ان شئت وواخذته..! فمن الخطأ الفادح ان يخطر ببالك بان هنالك جهة تهتم بعلاج الفئران والحشرات وتنتج لها ادوية للشفاء في بلد يتداوى السواد الاعظم من اهله بالاعشاب والطب البلدي.. تلك القوائم التي سمعتها عبارة عن سموم.. نعم سمووووم.. فـ”دوا فار” يعني (سم الفار) وصحيح ايضا ان سمعت من يقول (فلان عملو ليهو دوا) فهذا يعني ان المقصود (عاملين ليه عمل عند سيد الكجور) .. بمعنى آخر .. (زول بتاع دوا) هنا يعني (سيد الكجور) وليس الطبيب..
وفي الآخير دعني اسألك سؤالا واحدا فقط عزيزي البرلوم… عندما اقول: ” ريحة تاكي عفن سمك سمك!. فماذا اقصد..!؟
اجابتك ستبين كم اربعينا تحتاج كي تصير منهم.. على ايه حال ! مرحبا بك وسط اهلك واخوتك في مدينة جوبا

ألقاكم.

جوبا ـ صحيفة الموقف

تعليق واحد

  1. قلت لي بحالتها عاصمة ؟ يتكلم سكانها الراندوك ورغم انك في بلدك معقول تحتاج لمترجم ودليل ! سبحانه ابعد عنا الترنتو حتي لو في كندا وزيد من عفن عفنا شديد وسط الاحباب والف شكرا لاخونا سايمون لهذه النصائح القيافة .
    اخوك/ قوندو ساكت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..