أخبار السودان

العسكر والساسة.. من مُعترك السياسة إلى ساحات الاعتذار؟

الجريدة : امتثال عبد الفضيل

منذ أحداث فض اعتصام القيادة التي أحدثت شرخاً كبيراً بين المكوِّن العسكري والقوى الثورية والكثير من الأحداث التي تلت ذلك مثل قضية الشهيد ودعكر مروراً بانقلاب ٢٥ أكتوبر، التي وصل فيه عدد القتلى إلى أكثر من ١٢٠ شهيداً، كانت بمثابة دق إسفين كبير بين العسكر والقوى الثورية، أصبح الشارع الثوري ينظر لاعتذار العسكر بأنه محاولة لتهدئة الحراك ليقفز فوق ملفات العدالة الانتقالية التي تطالب بالقصاص للشهداء، كما يعتبر كثير من والمتابعين أن الاعتذار ومغازلة الشارع خطوة مرحلية فقط أملاها على العسكر مطبخ التسوية السياسية وضرورة المرحلة لكنها ليست رغبة أصيلة في الاعتذار وفتح صفحة جديدة مع الثوار.

فالناظر إلى المواكب السلمية وكيفية قمعها المفرط باستخدام أقصى درجات العنف تصل -أحياناً- إلى قوة مميتة عن طريق سلاح الأوبلن المحشو بالحجارة ومزيداً من استحداث وسائل القمع المفرطة يفند ويزيح الغمار عن اعتذار العسكر.

وإذا نظرنا إلى الناحية الاقتصادية يرى خبراء أن انقلاب 25 أكتوبر، كان قد قطع الطريق أمام الدعم والمساعدات الخارجية وبدَّد كل الجهود التي قامت بها حكومة الثورة من إصلاح اقتصادي وبناء خطة لهيكلة الاقتصاد غير أنهم أضافوا بأن الفرصة لا تزال مواتية إذا كان الانقلاب والقوى الداعمة له راغبة بشكل جاد في التصالح مع الجماهير وتسخير جهودها لدعم الفترة الانتقالية وتسهيلها للمواطن وحكومته المدنية ساعتها بمقدور الناس أن تقبل الاعتذار رويداً رويداً.

وقال المحلِّل السياسي إبراهيم ناصر، لـ(الجريدة): يبدو أن العسكر استفادوا من الدرس الجزائري أو التجربة الجزائرية واعتبرها خطوة جديدة من نوعها أن الجيش يحتك مع المواطن، وأوضح الاعتذار هذا ليس مقصوداً به المؤسسة العسكرية أو القوة العسكرية بشكل عام مقصود منه القوى المنضوية تحتها كالقوات في الدعم السريع التي بدأت تمثل عبئاً على القوات المسلحة تابعة لها تقتل وتضرب تعامل بصورة عنيفة مع المواطن، واعتقد هذا خيار طيب ويمثل حل للقضية أو تنعيم العلاقة مع القوات المسلحة .

“تبادل أدوار”

الناشط عبده خليفة، قال: في الحقيقة لم أقرأ خبر اعتذار حميدتي عن عنف الدولة الذي أدى إلى تأخير العدالة و التنمية في المجتمع دون التطرق غير أن السياق الذي ذكر فيه حميدتي ومعرفة التوقع الجديد لقائد الدعم السريع منذ قبوله و ترحيبه بمسودة الدستور الانتقالي للمحامين وأيضاً ذكره صراحةً أن انقلاب ٢٥ أكتوبر، قد فشل، ثم أضاف في حفل توقيع الاتفاق الإطاري أن إجراءات 25 أكتوبر، هي خطأ سياسي.

إلا أن في المقابل، قال: يجب أن تقرأ التصريحات رفقة رئيس الانقلاب الذي لم يصف إجراءات 25 أكتوبر، بالخطأ ولم يعتذر عن عنف الدولة، بل ذكر نصاً أنها ضرورة..واعتقد كل ذلك عبارة عن تمويه و تبادل أدوار بين العسكر انحناءً للعاصفة ريثما يجدون فرصة أخرى لتصفية الثورة.

“غير وطني”

وذهب وليد عيسى، إلى اعتذار العسكر لا يمحو ما فعلوه بالشعب طبعاً من قتل وسحل وتعذيب قبل وبعد الانقلاب البليد، وما أظن في أحد سيصدِّق ما قاله أو يقوله العسكر بعد اليوم. الشعب السوداني عرف تماماً أن هذا الجيش غير وطني وغير مهني. الجيش الوحيد في العالم الذي يقف ضد مواطنيه هو الجيش السوداني . وفي الوقت الذي يعتذرون فيه للشعب من خلال الفضائيات هناك جنود بالخارج يمارسون العنف ضد من يفترض أنهم يعتذرون منهم.

وحذَّر إذا لم تعِ المؤسسة العسكرية أنها مؤسسة مثلها مثل بقية مؤسسات الدولة وأفرادها هم مجرَّد موظفين لهذا الشعب وجميع ما يحملونها ويرتدونها من أسلحة وزي عسكري هي ملك للشعب والذي يدفع رواتبها -أيضاً- من دمه وعرقه سنظل نلف وندور في فلك الانقلاب والتسوية وسيظل العسكر يرتكبون ما يحلو لهم دون الخوف من أية عاقبة أو محاسبة في ظل وجود قوى مدنية مفككة وهشة، والقوى المدنية سوف تستلقي أثناء المعركة قبل أن يستلقي الشارع.

قال المحلِّل السياسي د.محمد عبدالله ود أبوك: إن ثقافة الاعتراف والاعتذار غير موجودة طوال تاريخنا السياسي ومطلوب من الجميع أن يعترف ويعتذر حتى نبني وطن متسامح أهله.واليوم يتحدث الجميع عن العدالة والعدالة الانتقالية ومسألة الاعتراف والاعتذار مسألة أساسية في تطبيق العدالة الانتقالية.

الجريدة

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..