البرهان والخوف من النقابات والاتحادات

من الآخر
أسماء جمعة
قبل أيام من توقيع الاتفاق الاطاري، أصدر قائد السلطة الانقلابية عبدالفتاح البرهان قرارا يقضي بتجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل، وأصدر قرارا آخر يقضي بتشكيل لجنة لمراجعة أرصدة وحسابات هذه الاتحادات داخل السودان وخارجه، لوضعها تحت السيطرة.
الأسئلة التي تطرح نفسها هنا، لماذا أصدر البرهان هذا القرار وفي هذا الوقت تحديدا؟ ولماذا يريد وضع النقابات والاتحادات تحت سيطرته بعدما بدأت تتعافى وتخرج من مستنقع الحركة الإسلامية الآسن وتخرج من دائرة الاحتكار الكيزاني؟
اعتقد الإجابة واضحة، فهو باختصار يخاف منها، لا يريد كيانات قومية واعية ذات انتماءات مهنية تتجاوز الانتماءات الضيقة التي تخدم رغباته، ولأنه لا يريد كيانات صادقة تدعم مسيرة الثورة والتغيير وتحقيق احلام الشعب في الحرية والسلام والعدالة، ولا نستبعد أن يمضي إلى أبعد من هذا القرار ويقوم بتعيين اتحادات ونقابات بنفسه، ويعين عليها من يريد، واصدرها قبيل اتفاق المبادئ حتى لا تجد القوى المدنية جهات تساندها عندما يأتي الحديث عن التفاصيل.
البرهان بهذا القرار يخون تعهده للمجتمع الدولي أثناء انعقاد الجمعية العمومية، فقد التزم بالاعتراف بأهمية دور منظمات المجتمع المدني، وتسهيل عملها والسماح لها بممارسة أنشطتها بحرية وكعادته لم يفِ، كما أنه لم يلتزم باتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، التي تنص على أن لا تخضع منظمات العمال وأصحاب العمل لقرارات الحل أو وقف العمل التي تتخذها السلطة، وهذا يعني أن قرار البرهان مخالف لالتزامات السودان الدولية، ومخالفة لالتزامات البرهان المتكررة امام الشعب السوداني بالعمل على ارساء الديمقراطية، فهو بهذا يكسر أهم وسيلة تساعد الشعب على دعم الانتقال والتحول والتغيير والإصلاح السياسي الذي يوصله إلى الديمقراطية، وفي الفترة الأخيرة اصبح البرهان مرعوبا من الحراك النقابي في السودان.
المهم على جماهير الشعب السوداني أن لا تنتظر أن يصدر البرهان قرارا يسمح بتكوين النقابات والاتحادات من جديد فهو لن يفعل، لأنه يريد وقف اي وسيلة تساعد على التغيير، وعلى الجميع التحرك من أجل تكوين مبادرات ومنظمات مجتمع مدني واتحادات ونقابات تعمل رغما عن البرهان، فهذه البلد لن تتطهر من الفساد والظلم وعسكرة الحياة إلا من خلال عمل الاتحادات والنقابات المهنية الحرة النزيهة المستقلة الواعية.
الديمقراطي