البيت الأبيض ينظر بحذر إلى الاتفاقية السياسية الإطارية «الهشة» في السودان

لم يوجه البيت الأبيض الدعوة للقادة العسكريين في السودان الدعوة لحضور القمة الأمريكية-الأفريقية، التي سيحضرها قادة من جميع أنحاء القارة في واشنطن الشهر المقبل، لكن إدارة الرئيس جو بايدن ستوجه الدعوة لأعضاء المنظمات غير الحكومية في السودان إلى منتدى «المجتمع المدني».
وقد جاءت تأكيدات واشنطن بعدم دعوة السودان بعد ساعات من ترحيب الولايات المتحدة بتوقيع الأطراف السودانية على الاتفاق السياسي الإطاري ما يشير إلى تعقيدات الاستراتيجية الأمريكية في الشأن السوداني.
وأوضحت دانا بانكس، كبيرة مستشاري شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أنه لم تتم دعوة الدول التي علق الاتحاد الأفريقي عضويتها، بما في ذلك السودان ومالي وبوركينا فاسو وغينيا.
وكانت واشنطن قد علقت الدعم الاقتصادي للسودان وأوقفت عدة إجراءات تهدف إلى إنهاء آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان ضد النظام السابق بعد الانقلاب العسكري الذي قاده اللواء عبد الفتاح برهان.
ورحب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بيان حصلت «القدس العربي» على نسخة منه بتوقيع الأطراف السودانية على الاتفاق السياسي الإطاري المبدئي في 5 كانون الأول/ديسمبر، والذي يعد خطوة أولى أساسية باتجاه تأليف حكومة انتقالية بقيادة مدنية وإنشاء ترتيبات دستورية للفترة الانتقالية.
وقال بلينكن :»نحن ندعم نية الأطراف المدنية السودانية والجيش السوداني إجراء حوارات شاملة حول القضايا العالقة قبل إبرام اتفاق نهائي ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية وندعو إلى إحراز تقدم سريع نحو تحقيق هذه الغايات».
وأكد أكبر مسؤول دبلوماسي أمريكي على أن الولايات المتحدة تخضع المفسدين الذين يحاولون تقويض التقدم الديمقراطي أو تأخيره للمساءلة، سواء كانوا من الأطراف الفاعلة العسكرية أو السياسية، وذلك دعما لمطالبات الشعب السوداني بالحرية والسلام والعدالة في ظل حكومة ديمقراطية وإقرارا منا بهشاشة عمليات الانتقال الديمقراطي.
وأعلن بلينكن تحقيقا لهذه الغاية عن توسيع نطاق سياسة حظر منح التأشيرات المطبقة حاليا بموجب المادة 212(أ)(3)(ج) من قانون الهجرة والجنسية لتشمل أي مسؤول سوداني حالي أو سابق أو أي أفراد آخرين يعتقد أنهم مسؤولون عن تقويض عملية الانتقال الديمقراطي في السودان أو متواطئون في ذلك، بما في ذلك من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وكذلك أفراد الأسرة المقربين لكل من هؤلاء الأفراد.
وحسب ما ورد، يوسع هذا الإجراء من نطاق أدوات وزارة الخارجية لدعم التحول الديمقراطي في السودان ويعكس عزمنا المستمر على دعم الشعب السوداني لتحقيق رغبته الواضحة في حكومة مستجيبة ومسؤولة بقيادة مدنية. ولن نتردد في استخدام سياستنا الموسعة ضد المفسدين في عملية الانتقال الديمقراطي في السودان تماما كما استخدمنا سياسة القيود على منح التأشيرات ضد من قوضوا الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة مدنية.
وقال بلينكن :»نجدد دعوتنا إلى القادة العسكريين في السودان حتى يتنازلوا عن السلطة للمدنيين ويحترموا حقوق الإنسان ويضعوا حدا للعنف ضد المتظاهرين، كما نحث ممثلي القادة المدنيين في السودان على التفاوض بحسن نية ووضع المصلحة الوطنية أولا».
ونشر السيناتور الأمريكي كريس كونز (ديمقراطي) وجون بريندرغاست من «ذا سينتري» مقال رأي في مجلة «فورين بوليسي» يناقش مستقبل السودان حيث يواصل الشعب السوداني الضغط من أجل الديمقراطية في حركة وطنية، ودعا السيناتور كونز، رئيس اللجنة الفرعية لتخصيص اعتمادات العمليات الخارجية وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الولايات المتحدة إلى الاستثمار في المنظمات السودانية المقاومة للحكم العسكري وفرض عقوبات حديثة وشاملة ضد قادة الانقلاب مثل تلك الموجودة في السودان.
ويدعم هذا المقال قانون الديمقراطية الذي قدمه السناتور كونز العام الماضي للسماح للحركة الديمقراطية في السودان بالنمو.
وحذر كونر وغاست من أن الصراع مستمر من أجل مستقبل السودان، وقالا إن نتيجة الصراع الحالي بين الجيش الكليبتوقراطي (حكم اللصوص) وحركة الاحتجاج المرنة في الشوارع عواقب تتجاوز القرن الأفريقي على الولايات المتحدة وحلفائها وخصومها مع الإشارة إلى محادثات موسكو مع كبار المسؤولين العسكريين السودانيين أثناء غزو القوات الروسية لأوكرانيا.
واتهم كونر وغاست روسيا بالضلوع في الانقلاب العسكري في الخرطوم في تشرين الأول/اكتوبر، وقالا إن مصر ودول الخليج تحجم عن المخاطرة باستقرار قصير المدى لدعم التحول الديمقراطي في جوارها في حين تريد الصين شريكًا تجاريًا.
وعلى الرغم من أن أوروبا تدعم التحول الديمقراطي، إلا أنها لا تريد مئات الآلاف من المهاجرين الجدد يتجهون شمالاً.
وأشار قادة النظام السوداني إلى أن هذا سيحدث إذا لم يدعم المجتمع الدولي الحكومة التي يقودها الجيش.
وأكد كونر وغست أن الشعب السوداني لن يتراجع في الدفاع عن مكاسبه السياسية، حتى في مواجهة عمليات القتل المستمرة والعنف الجنسي والاعتقالات من قبل النظام، استمرت حركة ضخمة مؤيدة للديمقراطية على مستوى البلاد لعدة أشهر في احتجاجات الشوارع غير العنيفة. يجب أن يكون التصميم الذي أظهره هؤلاء الآلاف من الأشخاص وهم يخاطرون بحياتهم ضد قوات الأمن المدججة بالسلاح بمثابة تذكير للعالم حول مدى قيمة الديمقراطية حقًا.
وقد تجنب الاتفاق بين القادة العسكريين والمدنيين القضايا السياسية الحساسة المتعلقة بالعدالة الانتقالية وإصلاح الجيش، وهي سياسة تعد برؤية الفصائل المسلحة المختلفة داخل السودان تندمج في قوة قتالية واحدة، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس».
وحسب ما ورد، هناك حالة أخرى من عدم اليقين تتمثل في الكيفية التي ستؤدي بها الاتفاقية إلى موازنة القوة بين الحكومة المدنية الجديدة والجيش.
ووفقاً للاتفاق، سيشكل الجيش بعد إصلاحه جزءًا من «مجلس الأمن والدفاع» الذي يشرف عليه رئيس وزراء جديد، ومع ذلك، شكك المعلقون في ما إذا كان الجيش يتبع هذا التعهد بشكل صحيح.
ومن المتوقع إجراء مزيد من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً.
وقد توسطت الأمم المتحدة والولايات المتحدة على مدى شهور من المفاوضات بين الأطراف في السودان، جنبًا إلى جنب مع العديد من الفاعلين الدوليين الآخرين. وقد أقر الطرفان بهشاشة الاتفاقية ودعا إلى مزيد من المحادثات.
القدس العربي