الاتفاق الاطارى…تحديات القضايا المعلقة

✍ مجدى عبد القيوم(كنب)
المركزى يكرس للشكوك حول أن الإطارى اتفاقا نهائيا
مطلوبات الحوار حول القضايا المؤجلة
ينبغى الإعداد للعملية التفاوضية
دور الرباعية فى إنجاح الحوار
المائدة المستديرة هى المنبر المطلوب
_____
على الرغم من ان الاتفاق الاطارى شكل اختراقا لحالة الجمود فى المشهد السياسي ووجد تاييدا اقليميا ودوليا كبيرا الا ان شكوكا تكتنف ما يمكن ان يفضى اليه ليس فقط لانقسام الشارع الداخلى حوله ما بين التأييد والرفض المطلق والقبول المشروط بل لان حالة من الارباك سادت بعيد التوقيع وربما بدأ لكثيرين انها ليست تلقائية ولكنها جزء من السيناريو.
حتى الان يتم تداول احاديث عن الميثاق السياسي الذى ينبغى ان يرتكز عليه الاتفاق وان التوقيع على هذا الميثاق الشبح هو جواز المرور المؤهل للمشاركة فى المرحلة الثانية من الحوار حول القضايا المختلفة ولعل حالة الغموض التى تحيط بالاعلان السياسي هى التى عززت من الشكوك حول ان الاتفاق المسمى اطارى هو فى حقيقة الامر اتفاقا نهائيا وقد اشار لتلك الفرضية كتير من الاقلام من اللصيقين بالمشهد فى المقالات التى تناولت الاتفاق الاطارى حتى قبيل التوقيع عليه من بينهم القيادى بحركة وعضو مكتبها السياسي الاستاذ محمد سليمان فى مقاله المنشور بصحيفة الجريدة فى عددها الصادر يوم الاثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٢.
تحت عنوان “الاتفاق الاطارى هو النهائى” واشار الكاتب الى عدة مؤشرات تعضد الفكرة التى ذهب اليها منها ان المجلس المركزى عمد الى تقسيم التسوية النهائية التى توصل اليها مع المكون العسكرى الى مرحلتين ركزت الاولى على مستويات وهياكل الحكم وأرجأت الثانية والتى تضمنت القضايا الاساسية التى تمثل عصب مطالب الشارع واهداف الثورة الى المرحلة الثانية حجة اشراك اوسع قطاع من الجماهير سيما اصحاب المصلحة فى الحوار حولها.
يستند الاستاذ محمد سليمان فى شكوكه على انه ليس هناك ما يجبر العسكر على التنازل حيال تلك القضايا او حتى الاستمرار فى مناقشتها كجزء من اتفاق ابرموه دون ان يتضمنها وهو حديث منطقى ومن المستبعد ان يستجيب العسكر لتلك المطلوبات
وهو ما ذهب اليه الاستاذ كمال الجزولى وهو يقول معلقا على استبعاد او ارجاء القضايا الاساسية.
“فلا يمكن اذن لاى تقييم امين ان يقفل ملاحظة ان هذا الاتفاق هو بالنتيجة محض شراكة دم اخرى لا تستهدف سوى محاصصة جديدة لتقاسم السلطة “.
ويمضى الاستاذ كمال الجزولى قائلا: اذ بدون هذه القضايا الاربع لا وجود ما يستوجب حتى التفاوض دع الاتفاق.
هذه الشكوك عززها الموقف السياسيى المريب للمجلس المركزى على لسان الامين العام لحزب الامة واحد قادة المجلس المركزى الاستاذ الواثق البرير ومضى فى ذات الاتجاه الناطق الرسمى باسم باسم المركزى الذى شدد على ان الاتفاق لن يكون مفتوحا حتى لا يحدث اغراق للعملية السياسية او كما قال .
وبصرف النظر عن ان المركزى لا يملك هذا الحق لانه احد الاطراف الثلاثة فى الاتفاق الى جانب الجيش والدعم السريع وليس راعيا او وسيطا ليضع شروط للعبة فان هذا عزز من الشكوك التى اثيرت بان الاتفاق نهائى وان ثمة ما هو تحت الطاولة بين العسكر والمركزى ويعزو اصحاب ذلك الراى موقف المركزى هذا بالخشية من مشاركة القوى التى طلبت التوقيع لهم فى انصبة الحكم التى اتفقوا عليها مع العسكر ولم يتم الاعلان عنها.
فى تقديرنا ان هذه الفرضية موضوعية جدا والشاهد ان طرفا الاتفاق الاخران الجيش والدعم السريع لم يتخذا موقفا من موقف المركزى الذى يتناقض كلية مع جاء فى خطابيهما بشأن الاتفاق والتاكيد على انه مفتوح امام كل القوى التى ترغب فى ان تكون جزءا منه .
كذلك هناك قرينة اخرى وهى موقف الرباعية نفسها التى رعت الحوار ثم الاتفاق الذى تمخض عنه وهو موقف يقدح فى حيادها ولاشك وبضعها امام مرمى النيران.
نعتقد ان طرفا المكون العسكرى لن يمضيا فى اتجاه رؤية المركزى وانهما على العكس سيفتحا الباب على مصراعيه امام اى قوى ترغب فى الانضمام للاتفاق ولعل تصريح السيد مبارك الفاضل بان تحالفهم سيقدم طلبه للرباعية والمكون العسكرى يشىء بالكثير.
ليس مهما كثيرا التوقف عند التعقيدات التى تحيط بمسالة التوقيع على الاتفاق انما الاهم هو التركيز على مطلوبات مناقشة القضايا المعلقة وهى:-
١/تفكيك نظام الثلاثين من يونيو
٢/العدالة والعدالة الانتقالية
٣/قضية شرق السودان
٤/اعادة اصلاح الاجهزة النظامية
٥/اتفاقية جوبا للسلام
وهى قضايا شائكة ومعقدة تتطلب الاعداد والتحضير الجيد من حيث مقترحات الحلول والتى ينبغى ان تشارك فى تحضيرها مجموعات واسعة من الخبراء والاختصاصيين تجنبا لمنزلقات انهيار العملية برمتها ولعل قضية اعادة هيكلة واصلاح الاجهزة النظامية هى ليس فحسب الاختبار لمدى جدية اطراف الاتفاق او امتلاكهم للارادة السياسية بل ربما تصبح كعب اخيل الاتفاق فعلاوة على انها قضية معقدة فهى كذلك تحفها الكثير من المحاذير التى تدخل فى صميم الامن القومى السودانى باعتبار ان تجربة تفكيك الجيوش فى المحيط كانت مدخلا لتفكيك الدول والفرق جوهرى بين عملية اعادة الدمج والتسريع وبين اعادة اصلاح الاجهزة النظامية.
كذلك ربما كانت قضية شرق السودان واحدة من اكثر القضايا تعقيدا لانها ازمة مركبة لا ترتبط فقط بالاشكاليات الناجمة عن انعدام التنمية المتوازنة وتداعياتها المتصلة بالصراع على الموارد ولا تنحصر فى الخلافات حول القضايا السياسية بل تتعداها الى التقاطعات الاقليمية اضافة للابعاد المتصلة بامن البحر الاحمر.
هذه هى القضايا الاكثر تعقيدا فى تقديرى من بين القضايا التى تم ارجاء الحوار حولها.
بحسب الاتفاق الاطارى يفترض ان تعقد ورش ومؤتمرات بغية الوصول لمعالجات وفى كل الاحوال ينبغى اثراء الحوار حول هذه القضايا.
الاتفاق الاطارى يظل اطاريا حتى وان تبين صدق فرضية انه نهائى وان تحت الطاولة ما تحتها فلبس عصيا لا على القوى السياسية ولا الشارع المتحفز لحماية مكتسبات الشعب ان بقذف بالاتفاق فى ذاكرة النسيان واعادة تشكيل المشهد من جديد
لذلك يتوجب ان يدور نقاش ثر وان تجرى عملية عصف ذهنى حقيقية فى اطار معالجة قضايا تاريخية قعدت بالبلاد.
ان تجربة التفاوض الذى افضى للشراكة مع المكون العسكر فى ادارة الفترة الانتقالية وفقا للوثيقة الدستورية ٢٠١٩ التى وصفت بالمعيوبة وقيل فيها ما يقله مالك فى الخمر تجعلنا ننبه الى ضرورة ايلاء موضوع تشكيل الوفد المفاوض عناية قصوى فحتى عامل توازن القوى فى طاولة التفاوض على اهميته ليس هو العامل الوحيد فيما يمكن ان تحققه من مكاسب انما هناك عوامل اخرى اهمها قدرات وخبرات وكفاءة الوفد المفاوض نفسه والاعداد الجيد للملفات والمجموعات المساندة من الاستشاريين ولا يعنى باى ان تترك هذه العملية الحيوية لهكذا عقلية او ذهنية ظلت دوما تدخل البلاد فى دوامة من الارباك.
فى التقدير ان التغيير الكبير فى تركيبة القوى المدنية التى وقعت او ستوقع على الاتفاق الاطارى ربما يقلل من مخاطر التفاوض ويجنب قوى الانتقال عثرات التجربة السابقة باعتبار انها قوى ذات ثقل سياسي وتجربة سياسية ثرة تمتلك كوادر مؤهلة
مع ذلك تظل الشفافية والحوار الذى يجرى تحت رقابة الجماهير هو العامل الحاسم.
ان ما ينبغى ان تضطلع به الرباعية من دور طالما اصبحت قدرا محتوما تجاوز وقفز حتى فوق دور البعثة الاممية ان تقدم ما يقنع شعبنا انها مجرد راعى لا فارض رؤية وانها جهة محايدة غير منحازة وان تقف على مسافة واحدة من كل الاطراف والا ستطالها اتهامات و ستشيع باللعنات.
عل كل تبقى القضية الاكثر اهمية وهى التحضير والتاسيس النظرى للمائدة المستديرة او المنصة الوطنية التى ينبغى ان يجتمع حولها اكبر قطاع من الشعب السودانى بمختلف فئاته للتباحث حول اعادة تاسيس الدولة السودانية.