مقالات وآراء

العكليت!

علي بلدو

 منذ ان كان صغيرا ’ كان معتدا برايه واثقا من نفسه, قوي الارادة ومطمئن البال’ حتى ولو ضربوه ووصفوه بانه(ما بيسمع الكلام). كما كان زملاءه في الصف يصفونه بانه(عوير) لالتزامه التام بتعليمات الاساتذة والمعلمات ’ في مظهره وسلوكه وانضباطه وحضوره باكرا ونظافته الشديدة . وايضا (سمعانه الكلام) ، واتباعه التعليمات من المعلمين والأساتذة . تحدث البعض عن ان انه ايام دراسته الجامعية كان يلتزم بتعليمات اللافتات من عدم مشي على الحشائش وعدم اطعام الحيوانات في الحدائق وغيرها وكان جزاءه او وصفوه بانه (زول ما طبيعي) . وقيل والعهدة على الراوي ، انه كان يلتزم بدوره في الصف وما أكثر الصفوف والطوابير التي وفف بها لساعات طوال ، لاستخراج أوراق وإكمال معاملات ، بينما كان الكل يتجاوزنه بالعلاقات والعطايا وحتى بالابتسامات لمن هم خلف الكاونترآت ، والذين كانوا غالبا ما بتحججون له باعتذار واهي عن عدم إتمام معاملته ، من شاكلة الشبكة طاشت والمدير ما جا وفلان عندهم زول عيان وغيرها ، بعد أن ادركوا انه (زول ما منو نكهة)، بينما كان هو مصرا على كونه مستوفيا كل الشروط ولن يدفع جنيها واحدا زيادة على الرسوم المحددة في البورد المعلق في ردهة المصلحة الحكومية المعينة وبالتالي عاني وفقد الكثير من الفرص وضاعت الكثير من مستحقاته وحقوقه بسبب هذه (العكلتة). عمل موظفا بعد التخرج ’ ليحضر في السابعة وينصرف عند الثالثة ولم يتغيب ولم ياخذ اذنا او اجازة’ وكالعادة وصله ان زملاءه ينعتونه بانه (زول ما نصيح) . لانه لم يختلس ولم يقبل الرشوة ولم يتحرش بأحد . ولم يستغل منصبه في نيل الإطار والأسفار والتزوير ونيل الأموال ، رغم كثرة المغريات ، لدرجة وصفه بالجنون بعد أن رفض عرضا ماليا خرافيا من رجل أعمال نظير توقيع واحد فقط ، رفضه وهو يقول بثقة (كده ما صاح). عندما تغيرت الاوضاع , وبدل الله قوما مكان اخرين’ نصحه الجميع وبدون استثناء ان يركب الموجة بدل ركوب راسه وان يقوم ببعض التغييرات المورفولوجية على شكله’ليترك ما يشاء ينقص وما يشاء ينمو ويلحق بركب القوم الجدد ولكنه كان عكليتا من الطراز الاول اذ ظل على حاله ومبادئه لم يغيرها ولم يبدلها كطود شامخ وبناء راسخ’ مصرا على مقولته’ والتي قالوا له عنها انها بلهاء : صلابة المداومة مع جسارة المقاومة بلا مساومة نتج عن ذلك ان احالوه للمعاش وهو لم يبلغ الاربعين بعد . واضاعوا الفايل الخاص به ولم يعطوه حقوقه حتى’ لكونه لم يقدم القرابين لنسيبة السلطان والتى ولوها المناصب ظلما وجورا . رغم ذلك اصر على عدم احضار معلم خصوصي لابنه او اشراكه في درس المساء ’مصرا على ان ابنه ما محتاج’ ولانو وزير التربية قال المدارس مكتملة وما ناقصة اي حاجة وانه سمعه وشاهده في التلفزيون والإذاعة. وحاول البعض افهامه انه ان كان ابنه غير محتاج ’فالاخرون محتاجون ولم يستمع لهم’ قبل ان يرسب ابنه رغم اجتهاد ، لانو استاذه زعلان ، ويصاب بانهيار عصبي تطور لمرض نفسي مزمن . بعدها وفي طريقه لاجراءاءت حكوميه نصحه اهل الحي ان يجامل من يجده من مقدمي الخدمات ولو بالقليل , وكعادته رفض رفضا باتا ذلك الامر وخسر بذلك فرصة الارض والمنزل والعلاج والسفر وحتى الحج كذلك . رغم قسمه المغلظ ان كل حاجة عملها (حسب النظام وزي ما مكتوب) في اواخر ايامه والسماء تنهمر مطرا مدرارا وكانها دموع بلادنا وهي تبكي على المستقبل في هذه الايام النحسات, ظل واقفا منتظرا حافلة تقله لبيت الايجار الذي انذره صاحبه باخلائه’ وحضرت حافلة اخيرا ينادي كمساريها بان الراكب بضعف القيمة ’ وركب الناس ما عدا صاحبنا ذو الراس القوي والذي اصر على ان التعريفة هي كذا فقط (الوالي قال ذاتوا قال كده في الصحيفة و سمعتو) وهنا قهقهه القوم و هم يقولون له (والي شنو! هو ذاتوا عمروا ما ركب ليهو مواصلات ’ اركب مشي حالك) وجال به الخاطر في ذلك الوالي الذي قيل فيه : وإلينا أدام الله والينا رانا أمة وسطا فلم يترك لنا دنيا ولم يترك لنا دينا ولعله والينا الان نفسه ، ولكن وهم يتحركون ظل صاحبنا واقفا والماء يقطر من فوقه’ وظل علي تلك الحال حتى الصباح حيث دفع القيمة كما اراد و عاد للمنزل بالتهاب رئوي حاد’ ادت مضاعفاته اللاحقة وضيق ذات اليد الي وفاته حسرة والما، بعد أن رفض دفع اي اموال في المستشفي (لانو وزير الصحة قال العلاج الطارئ) مجاني ، مات . ولم يحضر جنازته الكمساري ولا الوالي ولا الوزير الذي تعلو كتفه النياشين وقالوا انهم توجوه بنجمة سموها الانجاز ولربما قصدوا انها الاجهاز على مواطني محليته سئية الحظ . ومواطني البلاد المنكوبة بهم عموما. لاحظ من يقرأون الصحف وجود نعي اليم ، تبرع به صديقه ، به كلمات النعي المعروفة و لكن بها جملة (كان رحمه الله عكليتا) ونحن نسال الله له الرحمة و ان يبعثه ، ونحن معه في زمرة العكاليت.

‫9 تعليقات

  1. لغة شنو يا ابني هو كاتب كما كان زملاءه يصفونه …الخ
    ووالصحيح كان زملاؤه فاسم كان واخواتها دائما مرفوع

    1. هذه يا الكسائي اخطاء الجوال الذكي لانه يكتب اما ملاحظتك فجديرة بالاحترام
      اظنك لم تجد غير هده الكائنة في كل المقال وكانك عبدالله الطيب اتحداك ان تكتب مقال بهذا الجمال دون ان تقع في اخطاء إملائية والموية تكذب الغطاس

    1. غلطان يا سيبويه المحلي اسم ان واخواتها دائما مرفوع لان مرفوع خبر للمبتدا وهو الجملة اسم كان واخواتها اما دائما فحال °مرفوع ) انت راكب من وين ؟

  2. ما تدقش يا خمسين علي بعض الأخطاء , وأهو القصد من ذلك إنك تمشيها عشان الدنيا تمشي
    شوف رغم انو حفيد بالأمير الاي علي بلدو مؤسس مدارس بلدو في الابيض برضو عايز يعمل
    فيها ما (عكليت ) عشان الدنيا تمشي
    كسرة : اقرأ بتمعن بتلقي زي ناس الناظر ترك ومني مناوي وكتير من الكيزان متواجدين بين السطور
    حتي القونات متواجدات بالفساتين المشخلعة وهم بيلقطوا في النقطة , وكولهم لامن يرجعوا البيت
    بيستغفروا ويصلوا صلاة التهجد , ولو قلت لأي واحد من ديل (العن ديشك) يقوم يعمل ليك فيها ابن جنبل

  3. يا عسام الدين عوض انا اكتب ستين مقال احسن من مقاله دا بكون ان اقع في اخطاء املائية وبعدين ايه الحماس تجاه بلدو دا يبدو انك من *ناسه *

    1. ان بعض الظن اثم وانت مخير بسوء ظنك الذي يرديك الى سوء المنقلب يا خمسين الما تامي المية يعني ناقص واذا اتتكً مذمة من ناقص مثلك فهي الشهادة لي باني كامل
      ثم اضف عندك انت مثل الذي يدخل سوبر ماركت ضخم ثم يخرج منه بفضلة جرو لانك مريض اسال الله لك عاجل الشفاء هماز مشاء بنميم عال بعد ذلك زنيم واجزم بانك مفلس من اسمك الرقمي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..