حديث البرهان.. ردة عن الاطاري أم مناورة لكسب الوقت؟

الحرطوم – عبد الناصر الحاج
قبل أن يجف المداد الذي تم به توقيع اتفاق إطاري بين المكون العسكري وعدد من القوى السياسية في بدايات هذا الشهر الجاري، وبحضور ومباركة وتشجيع رموز للمجتمع الدولي والإقليمي.
قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لدى حضوره مناورات عسكرية، إنّ الجيش وافق على نقاط في الاتفاق الإطاري تصب في مصلحة السودانيين، بيد أنّه أرسل تحذيرات للقوى السياسية الموقِّعة من أية محاولة لاختطاف.
إلا أن حديث البرهان لم يُفهم في سياق إيجابي، بل اعتبره الكثيرون هو بمثابة ارتداد ونكوص عن ما تم الاتفاق عليه، خصوصاً فيما يلي خضوع مؤسسة الجيش لسلطة مدنية، وكذلك عدد من القضايا المهمة التي تم تأجيل البت فيها للمرحلة النهائية قبل إعلان الحكومة المدنية الجديدة.
وذهب كثير من المراقبين لتفسير حديث البرهان، إلى أنه مجرد تكرار لطبيعة المناورات السياسية التي اعتاد عليها البرهان كلما جاءته سانحة للحديث أمام قواته العسكرية، بيد أن آخرون فسروها بأن الرجل لم يكن مقتنعاً منذ البداية، لكنه أراد إرضاء المجتمع الدولي حتى يتبين له حقيقة الموقف الجماهيري من الاتفاق.
وحينما أدرك البرهان ان الاتفاق لم يُحظى بأية تأييد من لدن قوى الثورة الحية التي تقود التظاهرات ضده، فضلاً عن رفض مؤيديه وانصاره من المجموعات والتكتلات السياسية الأخرى، ظهر البرهان وكأنه غير حريصٍ على الاتفاق الذي يريد انتزاع سلطته ثم تسليمها لعدد محدود من القوى السياسية التي لا تجد دعماً ولا اسناداً كبيراً داخل المجتمع السوداني.
وبالمقابل يرى نشطاء أن البرهان يتخوف من مالات ذكرى 19 ديسمبر في أن تكون تاريخ جامع بين الرافضين للاتفاق من كل ألوان الطيف السوداني، ولهذا قرر المناورة التي يريد منها كسباً للوقت حتى يتم اقناع انصاره بدخول الاتفاق، أو يقوم هو بالغائه لمصلحتهم مع وجود ضمانات كافية له في مواجهة الذين يربطون رفضهم للاتفاق بضرورة اسقاطه ومحاكمته.
وعلى صعيد اخر، تتحدث مجالس المدينة، عن أن حديث البرهان أمام قواته العسكرية، مقصودٌ منه إرسال تطمينات لعناصر النظام البائد المتغلغلون بداخل القوات العسكرية والأمنية خوفاً من وجود قرار مكتوم بينهم بالانقلاب عليه، وقد ارتفعت أسهم نائبه حميدتي أعقاب اعلان التوقيع على الاتفاق الاطاري، لما أظهره حميدتي من رغبة كبيرة اتجاه إنهاء الانقلاب والعودة للمسار المدني الديمقراطي، وهو ذات الأمر الذي يفسره عامة الناس، بأنه بدأ يشكل هواجس كبيرة عند البرهان خوفاً من أن يجد نائبه حميدتي تأييداً دولياً يصاحبه تأييداً محلياً يُغير موازين القوى لصالح قوى التغيير، ولهذا يرى أصحاب هذا الرأى بأن البرهان أراد بخطابه ذلك الاحتماء بقوات الجيش واقناعهم بأن بقائه هو يعني بقاء مؤسسة الجيش حاكمة وموحدة.
الجريدة