مصابو الثورة المعتصمون أمام مجلس الوزراء يكشفون تفاصيل معاناتهم

*تعرضنا لتهديد من أطباء بالخارج وإهانات من أحد أعضاء اللجنة ونطالب بحلها*
*مدثر مختار: نحتفظ بتسجيلات صوتية للشخص الذي أهاننا على خلفية مطالبنا..
*اللجنة الفنية لديها تصديق بمبلغ 150 ألف يورو وميزانية مفتوحة لكن أوضاعنا لم تتحسن..
*أحد المصابين: أوضاعي الصحية والنفسية تدهورت وهذه هي الأسباب..
زارت (الجريدة) اعتصام مصابي ثورة ديسمبر المجيدة أمام مجلس الوزراء الذين يطالبون بحل اللجنة الفنية المكونة بمجلس الوزراء لعلاج مصابي الثورة، والتي سبق وأن اشتكي المصابين إبَّان حكومة حمدوك من عدم فعاليتها وفشلها في علاجهم، بحسب مصطفي احمد فريد مسؤول مكتب علاج المصابين الذي أبان بأن حمدوك قام بحلها قبل ثلاثة أيام من الانقلاب، إلا أن الأخير قام بتفعيلها في يوم 28 أكتوبر 2021، ويطالب المصابين بتشكيل لجنة جديدة تضم ممثلين لهم بجانب كوادر طبية، ومشاركة فعّالة من القمسيون الطبي بدلًا عن اللجنة الحالية، الصحيفة أجرت استطلاعات وسط المصابين لمعرفة حكاية إصابة كل منهم والأسباب التي تدفعه للمطالبة بحل اللجنة فإلى الحصيلة:
شلل نصفي:
وروي صديق إسحق صديق المصاب في النخاع الشوكي للصحيفة قصة إصابته، والتي بدأت في فض اعتصام القيادة العامة الدموي، حيث أصابه أحد الجنود الذين شاركوا في فض الاعتصام برصاصة في ظهره، مما أدى إلى إصابته بشلل نصفي ورغم الإصابة الكبيرة لم تتركه ميليشيات العسكر ليتم إسعافه، لكنها قامت باعتقاله وبقي في الاعتقال لمدة 22 يوم، لكنه لا يتذكر حتى الآن المكان الذي تم اعتقاله فيه.
ثم نقل لإحدى المستشفيات ليجري فيه عملية على حساب أسرته وبقي في المستشفى لمدة 7 أيام .
وأوضح بأن الإصابة كانت شديدة وأجرى علاج طبيعي لمدة 40 يوم، ثم سافر إلى وسط دارفور التي عاد منها قبل عام . وأشار إلى تسفيره بواسطة اللجنة الفنية إلى الهند في مارس الماضي، حيث أجريت له عملية تم تركيب شريحه له في الظهر لمساعدته في الحركة بجانب عملية خلايا جذعية، إلا أن كل ذلك لم يساعد في تحسين حاله على الإطلاق، بل أن الشريحة خلفت بعض الأوضاع الصحية السيئة له، ولفت إلى أنه حاول إخراج الشريحة إلا أن اللجنة رفضت توفير الأموال اللازمة لإجراء العملية بغرض إخراجها، مبينًا أن اللجنة رفضت ذلك بحجة عدم مسؤوليتها، وأوقفت العلاج الذي يتلقاه وغيرها من إجراءات، وشدد صديق على تدهور أوضاعه بجانب تأثره نفسيًا من تداعيات الشريحة.
تهديد ووعيد
أما قصة مدثر موسي مختار وكان طالبًا بمرحلة الأساس الصف الثامن وقت إصابته في 8 رمضان 2019 بالقيادة العامة، برصاصة في الظهر أيضًا فهي أغرب من الخيال، وروى مدثر وهو مقعد تمامًا ويستعين بكرسي متحرك القصة.
واشار إلى أن الإصابة التي أدت لحدوث شلل نصفي له أدخلته في غيبوبة لمدة 17 يومًا، وأوضح للصحيفة أنه عندما أفاق من الغيبوبة بمستشفى المعلم الذي أسعف به تفاجأ مع غيره من المصابين بدخول قوات من الدعم السريع للمستشفى وأمرت بإخلائه غير عابئة بأوضاع الثوار المصابين، وأشار إلى نقله بإسعاف إلى مستشفى الفيصل الذي قضى فيه 3 أشهر كاملة بالعناية، وتم تخريجه لأجل علاج جرحى آخرين من الثوار، لكن تدهورت حالته بعض الشيء الأمر الذي دفع إلى إعادته مرة أخرى إلى المستشفى، لكن جرى تحويله إلى رويال كير حيث أجريت له عملية. وقال إن اللجنة ابتعثته للعلاج الطبيعي إلى الهند دون أن يطرأ أي تحسن على وضعه الصحي، مما أدى إلى تسفيره في وقت لاحق إلى أوكرانيا لتركيب شريحة طبية تساعده، إلا أنه علم بأن مدة صلاحية الشريحة قد انتهت ولن يستفيد من تركيبها. وأشار إلى أن أحد الأطباء السودانيين الموجودين بأوكرانيا هدده بإعادته للسودان إذا لم يجري العملية، وأوضح للصحيفة بأنه لم يكن أمامه سوى إجراء العملية الفاشلة أصلًا، مشيرًا إلى أن الطبيب الذي سماه ذكر له بأن الإحساس سيعود لساقيه بعد 3 أشهر من إجراء العملية ولكن لم يتم ذلك حتى اليوم.
شريحة أمريكية
وأوضح بأنه تم تسفيره إلى الهند مرة أخرى لمقابلة أحد الأطباء الهنود الذي اخطره بأنه سيقوم بتركيب شريحة أمريكية له، ووعده بأن وضعه سيتحسن حال تركيبها له وأن الإحساس سيعود لساقيه، ورغم أن مدثر أوضح للصحيفة بأنه لم يرغب أيضًا بتركيب الشريحة الأمريكية، إلا أنه تفاجأ بالطبيب الهندي يهدده أيضًا هذه المرة بعدم إجراء علاج طبيعي ما لم يجري العملية، ورضخ أيضًا للأمر بتركيب هذه الشريحة، مبينًا أنه رغم مرور عام كامل على تركيبها إلا أن وضعه لم يتحسن.
شريحة ثالثة
واوضح مدثر بأن آماله في أن يشفى ويترك الكرسي ليمارس حياته الطبيعية لم تنقطع أبدًا، وأشار إلى إجراء عملية أخرى لتركيب شريحة ثالثة لتحسين أوضاعه الخاصة وصبر عليها.
وأشار إلى أن بجسده الآن شريحتين وقد سبق وأن أخرج الشريحة الأوكرانية، ويحاول أن يخرج الشريحة الأخيرة، وأنه أتصل بأحد الأطباء وطلب منه إخراج الشريحة واخطره الطبيب بضرورة موافقة اللجنة التي لم ترد عليه حتى الآن، رغم وجود تصديق بمبلغ 150 ألف يورو لعلاج 5 أشخاص، بجانب توفر ميزانية مفتوحة بالعملة المحلية لمواصلة علاجه، وألمح إلى أن أوضاع المصابين من بينهم شخصه تتدهور من يوم لآخر. وأشار لمعاناته أثناء العلاج بالخارج أيما معاناة خاصة وأنهم قضوا قرابة العام في العلاج، عاشوا فيه بتقشف شديد رغم الأموال الضخمة الموفرة لعلاجهم. وشدد مدثر على ضرورة حل اللجنة ومحاسبة عضويتها وتشكيل لجنة أخرى تضم ممثلين للمصابين وعدد من الكوادر الطبية، وأن يتم تمثيل القمسيون الطبي في عضويته، وأوضح للصحيفة بأنه سبق وأن طالب اللجنة بتوفير كرسي متحرك له أو أن يتم إصلاح الكرسي الذي يتحرك به الآن، وبدلًا من أن يلبوا طلبه وجه له أحد أعضاء اللجنة إهانات شديدة، مبينًا بأنه يحتفظ بتسجيلات صوتية لذلك الشخص.
الأمن الشعبي
وروى أيضًا عاطف أحمد الحاج أسرار إصابته بمنطقة بري على يد الأمن الشعبي في 17 يناير 2019، وأشار إلى أن الاعتداء الشديد الذي تعرض له أثناء الاعتقال في الرأس والصدغين والرقبة والأكتاف أصابه بأضرار شديدة، حيث تعرضت أذنيه للأذى الشديد، بجانب خروج فقرة في الرقبة بملحقاتها وتقطع أوتار أحد الكتفين، وأشار إلى تسفيره إلى الهند حيث أجريت له عملية في الرقبة وأخطره الأطباء بعد ذلك بضرورة إجراء عملية لأحد الكتفين، لكن اللجنة الفنية بمجلس الوزراء رفضت تكلفة العملية الأخرى، مما دفع بالأطباء الهنود إلى علاجه بالمضادات الحيوية.
وأوضح عاطف بأن الأطباء الهنود قاموا بتركيب سماعات للاذنين ومنحوه فلاتر طبية لاستخدامها مع السماعات، بيد أن الفلاتر انتهت وأنه طالب اللجنة بشراء أخرى له، بيد أن اللجنة لم تحفل بالأمر مما دفعه إلى الذهاب لأطباء آخرين بالسودان، أوصوا بتركيب سماعات جديدة تبلغ تكلفتها 7 ألف دولار خصمًا على التأمين الصحي، ولفت إلى أن تلكؤ اللجنة في شراء الفلاتر له أهدر أموال ضخمة، وهي تكلفة العملية التي أجراها بالهند بجانب تضرره صحيًا من عدم استجابتها لشراء فلاتر له. وطالب بحل اللجنة والاستجابة لكل مطالب المصابين، مبينًا بأن وجودهم معلقين هكذا دون تكلفة العلاج يبدو أنه يصب في مصلحة آخرين.
تقرح الجسد
وأوضح محمد زكريا وهو أحد المصابين من جنوب كردفان محلية التضامن، بأن قصته تمت هناك حيث تم اعتقاله أثناء الثورة في 21 ديسمبر 2018، وأن السلطات عذبته بشدة لدرجة لم يبق مكانًا في جسمه إلا وتقرح بفعل التعذيب، وقبل سقوط البشير تم تحويله لسجن كوبر وأطلق سراحه بعد سقوط المخلوع البشير، حيث تم تحويله إلى مستشفى رويال كير، ثم جري تحويله إلى مستوصف تقي بأمدرمان، ثم مركز النيلين بالخرطوم والسبب لعلاجه في كل هذه المستشفيات يعود إلى وضعه الصحي الشديد الخطورة، وأشار أيضًا إلى متابعته قبل سفره إلى الهند بواسطة الدكتور أحمد عبدالله الشيخ بأمدرمان، ثم جري تسفيره للهند ليعالج بالحقن في السلسلة الفقرية واليدين والقدمين، لكن أوضاعه الصحية لم تتحسن بسبب عدم توفير اللجنة الأموال اللازمة لمتابعة علاجه وطالب بحلها علي الفور.
أسباب المطالبة
وقال المهندس مصطفي أحمد فريد مسؤول مكتب علاج المصابين، وهو أيضًا من بينهم حيث تعرض للإصابة ثمانية مرات منذ اندلاع الثورة، وحتى بعد اندلاع الانقلاب من بينها إصابات بالرصاص الحي، قال إن المصابين سيواصلون الاعتصام حتى تتم الاستجابة لمطالبهم، مبينًا أن اللجنة سبق وأن تم حلها أبَّان حكم حمدوك بعد أن اشتكى له المصابين عدم فعاليتها وفشلها في علاجهم إلا أن الانقلاب قام بتفعيلها مرة أخرى.
الجريدة