مقالات سياسية

المخلوع على راسو ريشة!!

بشفافية

حيدر المكاشفي

العنوان أعلاه (المخلوع على راسو ريشة)، هو تحوير منا للمثل الذائع (الحرامي في راسو ريشة)، ومعنى المثل أن الحرامي دائما ما يترك أثرا أو شارة تدل عليه، أي أنه لا بد من أن يوقع نفسه بشيء يبدو منه، وللمثل قصتان، قصة تروى عن نبي الله سليمان عليه السلام، نقلتها بعض كتب التراث، منها ابن قتيبة في كتاب (عيون الأخبار)، وفي كتاب (أخبار الظّراف والمتماجنين) لابن الجوزي، وخلاصتها أن شيخا سرِقت له إوزة، فشكا ذلك إليه، فخطب الناس فقال، ما بال أحدكم يسرق إوزة جاره وريشها على رأسه، فمد رجل يده إلى رأسه كأنه يمسحه، فقال خذوه فهو صاحبكم، والقصة الأخرى تتفق مع السابقة في التفاصيل ولكنها تنسب الحكاية لشيخ احدى القرى..

الشاهد أن المخلوع البشير في حديثه أمام محكمة مدبري انقلاب يونيو 1989، لم ينطبق عليه فقط المثل المار ذكره، وانما أيضا انطبق عليه المثل الآخر الذي يقول (الشرك ان قبض كتر البتابت عيب، وقدر الله ان وقع ما بينفع الجقليب)..ففي جلسة محاكمة المتهمين بتدبير انقلاب 30 يونيو، قال المخلوع (أتحمل كامل المسؤولية عما تم في 30 يونيو، وأعلم أن الاعتراف هو سيد الأدلة) و(أنا قائد ومفجر (ثورة) الانقاذ الوطني)، فهذا اعتراف لا مجال ولا محيص من الادلاء بغيره، فحتى لو لم يعترف بتنفيذ الانقلاب، فهناك جملة شواهد ومشاهد تؤكد ضلوعه في الانقلاب، منها ما هو منقول عنه صورة وصوت، مثل ظهوره على التلفزيون وقراءته لبيان الانقلاب الأول، وما تبع ذلك من مراسيم انقلابية صدرت تحت توقيعه، وغيرها كثير من الشواهد والحيثيات والادلة التي لا سبيل لنكرانها، ولم تكن أمامه أية فرصة لـ(البطبطة) و(البتبتة) و(الخرخرة)، فاعترافه لن يضيف شيئا وانما هو تحصيل حاصل، فالشرك قبض ولم تعد تنفع أية (بتبتة) أو جقلبة، كما أن هناك العديد من الشواهد والمشاهد تؤكد ضلوعه في الانقلاب، منها بعض ما جاء على لسان قيادات الحاضنة السياسية للانقلاب، منها المقولة الذائعة لـ د. الترابي عراب الانقلاب للمخلوع وهو يودعه (اذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا)، ومنها أيضا قوله فيه (البشير هدية السماء لشعب السودان)، أو كما قال، أما أن يقول المخلوع إن الانقلاب (عمل عسكري بحت ولم يشارك أي مدني في التخطيط والتنفيذ)، فتلك مخادعة بائنة وكذب بواح، يدحضه التاريخ الموثق لكل الانقلابات التي وقعت في السودان، فأيما انقلاب حدث كانت وراءه حاضنة سياسية هي التي خططت ودبرت وتولى العسكريون التنفيذ، فانقلاب عبود كان وراءه سياسيون وكذا انقلاب مايو، أما انقلاب الانقاذ فحدث ولا حرج، اذ لم تكن قيادات الدائرة الضيقة في تنظيم الجبهة الاسلامية هي التي خططت ودبرت، بل أن بعض كوادر الجبهة المدنية شاركت في التنفيذ، والشواهد والشهادات والاعترافات مسجلة ومحفوظة،

ولم يكن مستغربا من المخلوع هذا التدليس والكذب، ويكفي أن واحدا من أشهر هتافات الثوار كان مؤداه (مش كدا يا وداد كضااااابة)، الذي اجترحه الثوار من كلمة للمخلوع بمدينة الأبيض، وجاء فى كلمة المخلوع (الأبيض تستاهل أكتر من كدا..لأنها هي عروس..ليست عروس الرمال و إنما عروس السودان.. و العروس لازم تتزين و تتحنن.. و إلتفت إلى الوزيرة وداد التي كانت برفقته و قال ليها مش كدا يا وداد)..و..كما قال الشاعر الشعبي وأظنه عكيرالدامر

سمح الزول اكون بين الرجال عمسيب

التـــــــوب والكفن ما بخيطولن جيب

الهم ان كتر في الراس بسوي الشيب

والصقـــر ان وقـــــــع كتر البتابت عيـــب..

الجريدة

 

‫2 تعليقات

  1. ومعنى المثل أن الحرامي دائما ما يترك أثرا أو شارة تدل عليه، أي أنه لا بد من أن يوقع نفسه بشيء يبدو منه….
    الأستاذ/ حيدر …
    لا اعتقد أن معني المثل كذلك ، ولكن يقصد به أن الحرامي يكون مرتابا دوما بأنه مكشوف رغم عدم صحة ظنه لذلك تجده يتحسس غير الموجود ‘إعتقادا منه بوجوده رغم أنه مجرد هواجس وظنون تعتريه تجعله هو من يكشف نفسه تماما مثل المثل العربي (يكاد المريب أن يقول خذوني)…
    عموما…
    علي الرغم من صحة القول بأن الإعتراف لا مناص منه ولكن الكيزان عادتهم أنهم يكذبون كما يتنفسون ودونك الإنكار المذل والمخزي لصحب البشير في أمر هو معلوم للقاصي قبل الداني مما جلب عليهم الشماتة والإستهزاء بتأكيد ما هو مؤكد من سيرتهم وأفعالهم الخسيسة التي لا تشبه أفعال الرجال….
    ولكن….
    هذا أمر دبر بليل وتم تجهيز المنصة الرئاسية والبث علي التلفزيون الرسمي ولأول وهلة أعتقدت أن هذا هو أحد خطابات البشير عندما كان في سدة الحكم ، والأسباب علي ذلك أكثر من ان تعد او تحصي ولكن أبسط الأسباب هو التحالف المصري مع الكيزان لشرعنة وتسهيل تسليم البلاد للمصريين بتسهيل وتواطوء الكيزان والمعروف أن الكوز يمكن أن يبيع أمه وعرضه ووطنه في سبيل مصالحه والنجاة لرقبته والشواهد خلال حكمهم أكثر من أن تعد أو تحصي مع محاولة البرهان ومن ورائه الجيش بتحالف مع القضاء الحالي لمحاولة إعادة تدوير العجلة التي يمسك بمقبضها السفير الأمريكي بالعصا الغليظة…
    وبالرجوع للوراء قليلا….
    نجد أن ذات السيناريو حدث مع حسني مبارك بمصر فبعد حضوره الذليل والمخزي للمحاكمات وهو محمول علي السرير طريحا ، رغم أنه كان الحليف المقرب لكل من أمريكا واسرائيل وقد ساء ذلك السيسي ورفاقه من أبناء اسرائيل والشماتة عليهم بعد ان امسكو بذمام البلاد بترتيب من سادتهم …فما كان منهم إلأ وأن أحضرو له منصة وبقربه ابنائه مع فناجيل القهوة لكي يحكي تاريخه في صولة الأسد بعد أن ثبت بأنه كان مجرد هر وضيع يحاكي إختيالا صولة الاسد….
    عموما….
    السيناريوهات تتقارب وتتقاطع وفق رؤية اليانكي ومن خلفه جيش جرار من ثعالب وبعاشيم الداخل والخارج التي تمني نفسها بالفريسة وقد تلمظت طعم الدم ، والضحية والخاسر الأكبر والمغلوب علي امره هو المواطن السوداني ولكن الله غالب علي أمره ، ولله الأمر من قبل ومن بعد….

  2. الشيء المؤكد من اشتراك الكيزان المدنيين هو حديث ابوقرة وزير الصحة في التلفزيون بأنه كان مشاركآ وقد اعطوه سلاح ولبس عسكري وكان يحرس كبري أمدرمان.
    يجب تقديم القردة للمحاكمة

زر الذهاب إلى الأعلى