ملتقي مخرجات البحث العلمي والابتكار الثاني تحت شعار : البحث العلمي أساس التنمية المستدامة 26 – 28 ديسمبر 2022م

إسماعيل آدم محمد زين
جاءت كلمة مخرجات ترجمةً مباشرةً لكلمة آوت بت Output- وهي في إطارها أو محتواها باللغة الانجليزية مفهومة ولا غبار عليها ولكنها في العربية تبدو نشازاً ! لعل كلمة نتائج كانت أوفق أو كلمة ثمار- ثماراً حلوة للعمل العلمي الدوؤب ، وهو بطبيعته بطئ- وقد لا يصل الباحث إلي تحقيق مراميه وقد يجني ثماراً حلوة أو غير حلوة وربما يعثر في طريقه علي نتائج لم تك في حسبانه أو ضمن إفتراضاته! .
لا أدري لم تم تفادي كلمة مؤتمر وإستعاض عنها بكلمة ملتقي ؟ مؤتمر هي الأفضل ، أما الملتقي فذي دلالات مكانية !ملتقي النيلين ! والملتقي في الشمال ، قريباً من دنقلا.
تصرف دول العالم التي أدركت دور العلوم والتكنولوجيا نسبةً مقدرة قد تصل إلي 4% وفي دول أخري يتم تخصيص نسبةً ضئيلة من الدخل القومي لا تصل إلي 1%.
في ظل الأوضاع الحالية والسابقة لا يتم الكشف عن أرقام الموازنة الحقيقية ، فهي جد صادمة لدعاة التنمية ورواد التقدم . لذلك لا بد من توصية برفعنسبة الانفاق علي البحث العلمي.
لم أحضر برنامج اليوم الأول ، وقد وجدت أول متحدث رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية ليخبر عن دور البحث العلمي في التنمية المستدامة ! ومن عجب فقد بدأت النهضة الحديثة في مصر منذ عهد محمد علي باشا في منتصف القرن التاسع عشر ،متزامنة مع نهضة اليابان في عهد الامبراور ميجي Meigii. فأنظروا كيف أضحت اليابان وأين غربت شمس مصر ؟ فهي ليست الأفضل للتحدث عن نهضة أو تنمية مستدامة أو غير مستدامة ! ليتهم دعوا رئيس الأكاديمية الصينية أو عالماً من إحدي نمور آسيا.
من المؤشرات الجيدة بروز دور حاضنات الأعمال رغم مجيئها متأخرة كثيراً ولكنها جاءت علي كل حال وقد إرتبطبت بالجامعات ونجدها في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وفي جامعة أم درمان الاسلامية ومدينة إفريقيا والمركز القومي للبحوث. نجد منتجاتها وإبتكاراتها في المعرض المصاحب- حيث شاركت حاضنة الخميرة بالمركز القومي للبحوث بانتاج الخميرة من المولاس وهو من منتجات صناعة السكر الجانبية.
أيضاً زراعة الأنسجة ، حيث نجحت تجارب زراعة الأنناس الموز ، الفراولة وغيرها من المحاصيل ويتم بيع الشتول إلي المزارع الكبيرة للتمكنة من متابعة النتائج . وهو أمر يتناقض ومفهوم حاضنات الأعمال ! إذ يتم في الحاضنة إدارة أنشطة عدد من الأفراد لعامين تزيد أو تقل وفقاً للمستوي الذي يصل إليه الأفراد المنتسبين للحاضنة وإمكانية ممارستهم لأعمالهم منفردين بعيداً عن سقف الحاضنة. ففي الحاضنة يتم توفير معينات العمل والخدمات من ماء وكهرباء وتسويق…إلخ وتحت إدارة رشيقة وسقف واحد في موقع واحد . ما تم من عروض يمكن أن نطلق عليها تجارب ، أو أبحاث علمية.
تم عرض منتجات صيدلانية بمدينة إفريقيا للتنكنولوجيا وزيت الجوجوبا . أيضاً من الاشراقات تجارب زراعة وإنتاج المشروم في جامعة الأزهري ، إذ يُنتج من مخلفات الانتاج الزراعي ،مثل البرسيم، و نشارة الأخشاب . لقد إضطلعت علي تجربة في إسرائيل منذ عقود لانتاج المشروم من مخلفات زراعة القطن ، للتخلص منها ، بدلاً من حرقها ! و ظلتُ أحلم بمن يُدخل مثل هذا الانتاج في السودان وهنا تكمن علة نقل التكنولوجيا والمعرفة عموماً –فهي بطيئة بالرغم من التقدم الذي حدث في وسال الاتصلات والتواصل ! لا بُد من معارف أخري ، مثل اللغات وإجادتها! سعت حاضنة الأزهري إلي تمليك التكنولوجيا إلي إثنين من خريجيها. لقد تذوقتُ شوربة مشروم لذيذة ودسمة ، من المعروف بأن المشروم بديل جيد للحوم! .
إن إرتباط حاضنات الأعمال بالجامعات قد لا يساعد في إنتشارها ، فهي أجدي لدي قطاع الأعمال- في الزراعة والصناعة والتجارة . كما أن مفهوم الحاضنات لم يتم إستيعابه جيداً . ففي الغرب عموماً وفي ولايات أميركا المتحدات نجد الحاضنة عبارة عن موقع تهيأ فيه أسباب نجاح الأعمال الصغيرة ، أي عمل – في مجال الكمبيوتر، الزراعة ، الاتصالات …إلخ. تحت إدارة واحدة مع توفير مستلزمات العمل والتسويق في مرحلة لاحقة لما قد يُنتج أو ما يتم إختراعه. ومن بعد ينطلقوا إلي دنيا الأعمال وقد إستوي عودهم و قويت شوكتهم.
وهي بهذا الفهم توفر فرص عمل لأعداد كثيرة من الشباب وغيرهم من رواد الأعمال الناشئة.
خلال جلسات ورشة العلوم الطبية والصحية إستمعتُ إلي مخاضرة بجامعة كسلا ، قدمت بحثاً مع محموعة من الأطباء حول تأثير التغذية عل التفاعل معىمصل الدرن أو السل خلال 2016-2018،م ، مما يؤكد علي دور الجامعات الاقليمية وإيجاد الحلول لها. هنا وتحت ظروف البلاد قد نحتاج لمرؤاجعة أوضاع الجامعات الولائية ، كأن تصبح فروعاً للجامعات الكبيرة ، الأمر الذي سيقلل من تكلفة الادارة ويعزز مكانة الجامعات في سلم التميز والترقي . عندها سيكون للجامعة نائباً للمدير ونائباً للعمداء . ليتم تحويل المال المتوفر علي البحوث وتدريب الكوادر الجديدة.
ثمة ملاحظة جديرة بالدراسة وهي تتلخص فيروجود مراكز متميزة ولديها إسهامات وإختراعات مهمة ، ولكنها تتبع لوزارات أخري فقد كان من الأجدي إلحاقها بالجامعات السودانية بدلاً منوضعها الحالي ، مثل مركز النيل للابحاث التقنية وهنا يتجلي هدر الموارد المالية للبلاد ، علي شحها ، ففيظل الوضع الحالي نفقد عائداً مهماً لاضافة الاختراعات للجامعات الوطنية، مما يُعزز من وضعها بين جامعات العالم . كما تساهم الاختراعات في رفدها بالمال. ففي نهاية المطاف ستكون المكاسب للبلاد بدلاً من تبعيتها الحالية وما تشكله من مخاطر علي وجودها – كما حدث في مصنع اليرموك الذي دمرته إسرائيل! وقد لا تجد مثل هذه المراكز تعاوناً من بعض الباحثين من داخل البلاد أو من خارجها في ظل تبعيتها الحالية.
قبل عقدين أو أكثر تم تكوين لجنة برئاسة ب. أحمد عبدالرحمن العاقب للنظر في مستقبل المركز القومي للبحوث وكان حينها مديراً للمركز ذاته ! لذلك لم يصل إلي شئ مفيد وظل وضعه كما هو- لذلك قد يكون من الأوفق إلحاقه بالجامعات السودانية حتي نضمن الاستفادة من نتائج أبحاثه وإختراعاته علي الجامعات القومية. ففي براءات الاختراع فرصاً جيدة للتصنيع و شيئاً من المال ، كما ذكرتُ سابقاً ، فهل نحن فاعلون؟ علينا أن نتجرد من نزعة بناء إمبراطوريات و ننظر لمصلحة البلاد العليا. فلتأتي توصيات هذا المؤتمر بما يخدم البلاد وإقتصادها.
من الملاحظ وجود وزارتين تعملان في البحث العلمي ! وهذا أمر لا يكون ! لا بد من إعادة النظر في تبعية البحث العلمي لوزارة واحدة ، بما يضمن التنسيق وحسن إدارة الموارد المالية ! وقد سبقت هذا اللقاء مؤتمراً علمياً بالرقم 11 ، نظمه المركز القومي للبحوث ، تحت شعار : النباتات الطبية والعطرية مجالات واعدة من أجل التنمية المستدامة وتوطين صناعة الدواء! لم أجد الوزارة الأخيرة بالبحث علي النيت! يبدو بأنه تم دمج الوزارتين ! ولكن ما زالت الأنشطة تسير متوازية ودون تنسيق.