محنة الفلول!!

نقوش
لؤي قور
عودة فلول النظام البائد للسيطرة على مقاليد الأمور، في مؤسسات الخدمة المدنية للدولة، أصبح أمراً واقعاً، عقب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، والذي اتخذ من القرارات ما كان كفيلاً بتراجع عملية تفكيك بنية نظام الإخوان البائد – والتي أقرها دستور الفترة الانتقالية المنقلب عليه – حتى صارت عملية عكسية تعيد تمكين الإخوان في تلك المؤسسات، وتشدد قبضتهم عليها. ولذا يتوهم الفلول اليوم أن لهم القدرة على إحداث تغيير في المعادلة السياسية الحالية، من خلال سيطرتهم على مؤسسات الدولة خاصة الجهات العدلية والقانونية والرقابية كالنيابة والقضاء. فتجد قرارات (مشبوهة) تخرج من هنا وهناك مرة بعد مرة في شكل فرقعات إعلامية تطعن في رموز الثورة وتتهمها بما شاءت من تهم لا تلبث أن تؤول إلى العدم حينما يتبين للجميع أنها مما لا يقف على ساقين.
الفلول اليوم في محنة إذن، وهم يحاولون عبثاً تأجيل نهايتهم الوشيكة، باكتمال الحل السياسي، الذي يضع تفكيك بنية نظام الإخوان البائد في صدارة قائمة مهام الفترة الإنتقالية. ووجد فلول المؤسسات العدلية من نيابة وقضاء – بعد عودتهم بفضل الانقلاب – ضالتهم في مكونات الأجهزة الأمنية، التي لم يتم تفكيك التمكين فيها. من شرطة، وجهاز الأمن الإخواني – بعد عودته للعمل بأمر من قادة الانقلاب – فتمكنوا من الفتك بالتظاهرات السلمية، والمليونيات الرافضة للانقلاب بفعل عناصرهم النافذة في الأجهزة الأمنية التي تضطلع بتفريق التظاهرات، ليسقط العشرات بين قتيل وجريح، واستخدموا حتى الأسلحة المحرمة (سلاح الأوبلن) في حملتهم الانتقامية تلك. يعمل الإخوان على هزيمة ثورة ديسمبر إذن، والتي يرونها لا زالت (ممكنة)!! على الرغم من كل المياه التي مرت تحت الجسر. ويأملون في الاستمرار في السلطة، ولو تحت غطاء عسكري انقلابي، كما كانوا في أول عهدهم عقب انقلاب الثلاثين من يونيو، في محاولة لشرعنة الانقلاب، أو إطالة أمده على أسوأ الفروض. وعليه فقد صارت مؤسسات الدولة العدلية والقانونية والأمنية منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، مُسخرة لتلفيق التهم لرموز ثورة ديسمبر، دون أن تستطيع النيل من أي منهم، أو من ذمته المالية .لكن وعلى الرغم من ذلك ظلت هذه المؤسسات حريصة على نشر مثل هذه التهم المُفاجئة، وعلى أوسع نطاق، سعياً للإضرار بسمعة رموز ديسمبر.

في فبراير الماضي، استدعت نيابة أمن الدولة، وجدي صالح، بشأن بلاغ قيده ضده القائد العام للجيش، تحت تهم تتصل بالتحريض وإشاعة التذمر وسط القوات النظامية، وبعد وصوله النيابة فوجئ بأنه لديه أمر تسليم بموجب بلاغ مختلف تحت المادة (177) من القانون الجنائي الشاكي فيه وزارة المالية. وفي مارس الماضي تم اعتقال رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي، بابكر فيصل، من ضاحية شمبات شمال الخرطوم بموجب بلاغ قيدته وزارة المالية ضده بالرقم (17490) تحت المادة (177) المتعلقة بخيانة الأمانة. وفي أبريل الماضي اتهمت أسرة المعتقل محمد آدم الشهير «بتوباك»، سلطات سجن «كوبر» بضربه وتقييد معصميه بالحديد، عقب احتجاجه على الحرمان من الذهاب إلى الحمام وتتهم حكومة الانقلاب توباك بالتورط في جريمة مقتل العميد بالشرطة علي بريمة الذي لقي حتفه «أثناء تأدية واجبه» في تأمين المواكب الاحتجاجية في الثالث عشر من ينايرالماضي ضد الانقلاب العسكري. ولم يثبت جرم على أحد سواء المفرج عنهم أو أولئك الذين ما يزالون يقبعون في السجون.
وهذا الاسبوع تعلن النيابة العامة بياناً إلى متهم هارب، لنكتشف أن المقصود هو (د. عمر القراي)، مدير المعهد القومي للمناهج السابق!! ولا عجب، فالفلول مدفوعين بشهوة الانتقام، يبغضون كل ما يرمز لهزيمتهم النكراء في معركة ديسمبر الكبيرة، وسقوط نظامهم. بل أن بعضهم يعجز حتى اللحظة، عن الإفاقة من صدمة فقدانهم لسلطة، ظنوا وبعض الظن إثم، أنهم مخلدون فيها. ولا يرون العودة إليها مستحيلة بقدر ما يرونها تحتاج لخدعة جديدة. وفي نهاية الأمر، قد يتسبب الإخوان بفعل جرائم جديدة يرتكبونها أثناء التظاهرات، أو حتى عبر المؤسسات التي يتحكمون فيها، في تأخير الحل السياسي، أو زيادة فاتورة الدم على القتلة. لكنه وحال إقرار حل سياسي يلبي مطالب ثورة ديسمبر، في تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو، ومؤسساته، فسيكون مصير الإخوان بالطبع مشابهاً لمصيرهم عقب انتصار ثورة ديسمبر المجيدة. وهو الشئ الطبيعي، بعد ثورة قامت على نظام الإخوان، وهو أن يتم تقديمهم للمحاكمات العلنية والعادلة، ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم من جرائم. حفظ الله السودان وشعب السودان.
الديمقراطي
يبدو أنك من القلة التي التي تصدق إمكانية حدوث حل سياسي عبر هذه التسوية لمصلحة الثورة.