مقالات وآراء
حصيلة 2022 .. وقضية الحرب والسلام

خارج السياق
مديحة عبدالله
ما من صباح جديد وإلا يحمل أخبار الموت في مختلف مناطق البلاد جراء النزاعات الدامية المؤلمة في دارفور والنيل الأزرق وكردفان والمشهد الحزين الآن في جنوب دارفور، يؤكد أن الأمر أكبر من نزاعات متفرقة يروح ضحيتها المئات، وينزح الألاف وتضيع الممتلكات، ويجد المواطنون أنفسهم أمام واقع عليهم مواجهته بلا حماية ولا تدخل رسمي ولا مجتمعي ولا إعلامي يساعدهم على تجاوز محنتهم المستمرة.
سلطة الانقلاب تقوم بعمل امنى عسكري بعد أن يفقد المئات أرواحهم بقوات مشتركة!! وكأنها أمام مشهد لا تجري فصوله داخل السودان، وسيظل الوضع هكذا ما لم يتم وضع قضية السلام في مكانها الصحيح وفى قلب قضايا الانتقال من الاستبداد لدولة المواطنة، حيث ظل المواطنون في الولايات يقولون كلمتهم بلا لبس، أنهم يريدون السلام والديمقراطية وفقًا لرؤيتهم ومصالحهم ولن يقبلوا أن يتم فرض أي حل للنزاعات ما لم يتم استيعاب واقعهم التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي
وحاولت اتفاقيات السلام المختلفة أن تعالج قضية السلام بطريقة مجزأة، تجاه كل إقليم يسوده النزاع، وفشلت لحد كبير لأنها أغفلت حقيقة موضوعية هي أن جغرافيا السودان وحدة واحدة بتنوعها البيئي والاقتصادي والثقافي، وتمثل ملكية الأرض والموارد لب القضية، وإن معالجتها لا تنفصل عن قضية السلطة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
لن يتخلى السودانيون في مختلف مناطقهم وكياناتهم الاجتماعية وتنظيماتهم السياسية عن طرح السؤال الأساسي، أين موقعنا في خارطة التنمية وفى مواقع السلطة؟، وهو سؤال ليس منطلقه المطالبة بالحق فقط وإنما من منطلق أنهم أصحاب الأرض والموارد في مناطقهم ومن موقع قدرتهم على استخدام هذه الملكية لفرض ما يريدون، وحتى لو غلب الصوت القبلي والجهوى وصاحبه خطاب الكراهية والعنصرية فهو لا يقدح في أصل السؤال وهدفه، إلا إذا أردنا أن ننظر للعرض ونتجاهل أصل المرض.
وعلى ذلك فأن الانتقال ليس عملية إجرائية، تسليم وتسلم من سلطة عسكرية لأخرى مدنية، إنما هو عملية تبدأ بالنظر في أصل المشاكل في البلاد، وأولها قضية السلام وملكية الأرض والموارد، وكيف يمكن إدارة حوار ديمقراطي حولها يستوعب ما هو تاريخي واجتماعي وثقافي ويطرح معالجات قصيرة المدى متوسطة وبعيدة استراتيجية متفق عليها تراعي ما هو ولائي وقومي ووضع حجر الأساس لدولة مدنية وفقًا لواقع البلاد بكل تعددها وتنوعها.
الميدان