مقالات وآراء سياسية

كلنا شعب انتقاد وتنظير

محمد حسن شوربجي
حقيقة لا يوجد لدينا أسهل من الإنتقاد.
ولا يوجد لدينا ايسر من التنظير.
وفقط كباية شاهي والواحد يعدل المزاج تحت الشجرة القدام البيت و الهواء الجميل لنطلق العنان للتنظير.
وممكن في اي جلسة جبنة جنب ست شاهي ظريفة ويبدأ الانتقاد وىالتنظير لكل شيء.
وممكن نفصفص مجلس الوزرا وزير وزير.
ونتكلم عن التجارة البينية ومدي تأثيرها علي الاقتصاد.
فلقد اصبحت تقنيات اليوم في متناول الجميع وهي تكشف لنا كلزالخبايا.
وفلان عمل وعمل.
وبايدن الليلة اتعشي شنو.
وما هي هواية بوتين.
فسودان ما بعد الثورة اصبح الشعب كله في وضعية انتقاد وتنظير .
واصبح الشغل الشاغل انتقاد كل شيء.
والكل يتفلسف في قضايا الوطن وكأنه خبير.
واليوم صباحا ارسل لي احدهم صورة رغيف خبز كتب عليها بنفسه هذه ليست جمجمة الفرعون عنخ آمون.
وكأن كل رغيف في المدينة بهذه الشاكلة.
حتى أصبحنا متيقنين بأن برنامج الكيزان ودولتهم العميقة هي الدعوة الحقة  لانتقاد كل ما تقوم به الحكومات والتنظير فيه.
وان كان الشعب يدرك تماما من الذي يشعل النيران.
ومن الذي يصنع الازمات.
ومن الذي يدير المشهد.
وقد عجزوا جميعا في حل  مشاكل الوطن حين كانوا في السلطة.
فلم يساهموا فكريا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا في الأزمات التي كان يعيشها  السودان حتي بدأت هجرات السنابك والسفر الجماعي.
بل كان كل دعمهم لحماس والتنظيم العالمي الذي نشر الإرهاب في كل العالم.
وقد تركوا ميناء البلاد بعدد 3 مرابط فقط.
صحيح السودان مازال يجلس القرفصاء برغم زخات الخير التي ينعم بها مواردا .
وصحيح أن شبابه مازال يتلمس الخطي رغم الوعود التي ملأت أسماعه.
وصحيح أن البلاد قد عجزت عن فك عقدة الشباب في كثير من المجالات.
لكن الصحيح أيضا انه لا مفر لنا سوى ممارسة الممكن.
وزرع الأمل في نفوس شبابنا بدلا عن اليأس.
وان نكون قادرون في حربنا لتفكيك الدولة العميقة  وحراسها من عسكر ومن هم وحتي الآن على رأس الهرم  يمتصون دماء شعبنا.
والبديل اننا سنتفرق كدويلات وممالك الأندلس التي كانت  في عصر ما عرف باسم “ملوك الطوائف”  .
فبلادنا الآن تعانى تمزقا وانحلالا وان كنا قد فجرنا ثورة عارمة.
ولكن مازالت خطوطنا متباعدة وأمالنا مشتته
والود مفقود.
ومازال التحدي قائما بين ثورة تريد لبنوها مستقبلا مشرقا وواعدا.
ومجرمون يريدون العودة بالشعب ليجهزوا عليه بسكينهم الصدئة  .
وقد نفخ الشيطان ذلك الشقاق ليقتل بعضنا بعضا وينتزع القوي منا ما في يد الضعيف
وقد تفرّقت كلمتنا .
فنحن حقا امة انتقاد وتنظير اكثر منها امة بناء وتعمير.
والانتقاد والتنظير أرهقنا  وأصابنا بالنكوص كثير.
فثقافة الانتقاد والتنظير تسيطران علينا.
وتستوطن أدمغتنا ومفاصلنا.
فالكل منا ينتقد و ينظر ويتفلسف.
وابدا لا نجيد الفعل والتخطيط.
ننادي على الإصلاح والتجديد والتغير والتبدل والإفاقة وليتنا نترك الانتقادات والتنظير.
فحقا نحن غارقون في بحر لجي مليء بالتنظير والانتقادات والكلام والجدل والتخوين وتوزيع الاتهامات ،
نعم لدينا احيانا تنظير مميز.
لكننا نفتقد للتطبيق المميز.
فثقافتنا انتقاد وتنظير .
واقتصادنا انتقاد وتنظير.
وإعلامنا انتقاد و تنظير.
والتربية عندنا تنظير.
وتعليمنا تنظير.
والثقافة المرورية تنظير.
والمعلم ينظر.
والطالب ينظر.
والأب ينظر.
والأخ الأكبر ينظر.
والتاجر ينظر.
والمسؤول ينظر.
والشرطي ينظر.
وصاحب التاكسي ينظر.
والشاعر ينظر.
والراوي ينظر.
وحتي مقالتي هذه انتقاد وتنظير.
ورجل الذين ايضا يعتمد الانتقاد والتنظير.
لذلك نشاهد التأثير واهنًا وضعيفًا في حياتنا الدنيوية.
والدليل ضعف تديننا ووهنه واشكالاته.
رغم كل برامجنا الدينية والخطب والطرق والأساليب التوعوية والتربوية والترغيبية والتحذيرية .
ورغم كل الوعيد والتهديد بجهنم.
ورغم كل دموع الشيوخ وبكائهم المنبري وآيات سورة الحاقة : خذوه فغلوه ، ثم الجحيم صلوه ، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه.
فحقا نريد الإقلاع فورا من محطات الانتقاد والتنظير.
فمتي اخوتي نقلع عن هذه الآفات اللعينة.
فهي حقا  دمرتنا.
فلم يعد صغيرنا يحترم  كبيرنا.
ولم يعد جاهلنا يحترم عالمنا.
فكلنا ينتقد وينظر دون حدود.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..