رد على مقال الأستاذ محمد على صالح

عبده الحاج
اطلعت على مقال للأستاذ محمد علي صالح منشور بصحيفة الراكوبة الإلكترونية بتاريخ 30 ديسمبر 2022 بعنوان سودانيون في أمريكا (54): الجمهوريون (2)
ابتدر الأستاذ محمد علي صالح مقاله بقوله (وأكرر بأني اريد تحاشى الكتابة عن الأديان والعقائد، لأنها مواضيع معقدة. وأفضل الكتابة عن شخص معين، كتب رايا معينا، في موضوع ديني معين.) وأتفق معه في أن يتحاشى الكتابة عن الأديان والعقائد، لا لأنها كما ذكر هو (مواضيع معقدة)، ولكن لأن الكتابة فيها تتطلب قدرا من المعرفة، والدقة، والصدق في النقل، وهو أمر التمست غيابه في المقال المشار إليه، كما سيتبين لنا لاحقا، فإن للدين حرمة وقدسية ولا يجوز أن نخوض في أموره، كما نخوض في (الونسة) العادية.
المقال المذكور، كما ذكر الكاتب، هو بمناسبة حوار دار في ندوة أقامتها مجموعة دعم الثورة السودانية بمنطقة ديلمارفا، ونحن نشجع الكتابة عما يدور في ندوات المجموعة حتى تعم الفائدة، فإن المجموعة تتفنن في انتقاء المواضيع، وربطها بالثورة السودانية، وما يدور في الساحة السياسية، كما تحسن اختيار المتحدثين، وقد أمها لفيف من المفكرين، والوزراء، والزعماء والقادة السياسيين والمختصين في المجالات المختلفة، وكما هو حال المتحدثين، فإن الحضور أيضا وكأنهم الدرر المنتقاة من حيث المعرفة، والاهتمام والقدرة على الحوار العميق، والمنبر يعد رائدا في مجاله، فهو من أوائل المنابر الاسفيرية، إن لم نقل أولها على الإطلاق، وقد حافظ على رونقه واستمراريته رغم كثرة المنابر الاسفيرية في الآونة الأخيرة.
وبالرغم من أن سبب المقال هو الندوة المذكورة، إلا أن الكاتب أبحر بنا في سماوات شتى، وقد أفرد مساحة واسعة لذكر وفرة إنتاجه في الكتابة (عشرات الحلقات عن كذا، وعشرات الحلقات عن كذا، وربما 200 حلقة عن كذا) وقد انبهرت بغزارة إنتاجه، ولكن زالت حيرتي عندما توغلت في المقال ولمست خلوه من دقة النقل، ومن عمق الطرح ومن أي مجهود في البحث والتحري!
ابتدر الكاتب حديثه عن تلك الندوة بقوله عن مقدم الندوة، بروفيسور عبد الله أحمد النعيم: (وها نحن، بعد 12 سنة تقريبا، هو يكرر فصل الدين عن الدولة (حياد الدولة)، وانا اكرر ان القرآن لا يفصل نفسه عن الدولة.)!
وكأني بالكاتب لشدة انصرافه عن ما قدم من طرح، وكأنه لم يكن حضورا في تلك الندوة! أو ربما كان مشغولا بالبحث عن نقاط يذكرها في مقاله الذي أعد له سلفا في عقله، فلم ير المفارقة بين أقواله وأقوال بروفيسور النعيم التي أوردها هو في المقال! أو ربما الكاتب لا يعرف الفرق بين الدين والقرآن! فبروفيسور النعيم يعلم أن القرآن منهاج حياة تنزل من الله في إطلاقه إلى أرض الناس ليسوقهم إليه، وهو في تنزله كتاب مثاني (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني) وتلك الثنائية طبقات غير متناهية بين القيد والإطلاق، ولكنه تحدث في طرحه بوضوح وتحديد شديدين عن شيء محدد وهو (ضرورة الفصل الصارم بين الدين -الإسلام- والدولة) وعن (استحالة الفصل بين الدين والسياسة)، وقد عرف الدولة بوضوح بأنها (المؤسسات ذات السيادة وذات الاستمرارية بين حكومة وأخرى) وأضاف بأنها لا يمكن أن تكون مسلمة لأنها مؤسسة لا تملك الاعتقاد.. أما ما ذكره الكاتب عن علاقة القرآن بأمور الناس فهو يندرج تحت إطار السياسة، فعند بروفيسور النعيم السياسة تشمل سياسة النفس البشرية وسياسة أمور الناس، وقد ذكر بوضوح استحالة الفصل بين الدين والسياسة، الشيء الذي تجاهله الكاتب تماما في مقاله! وهو أحد مرتكزين أساسيين اعتمد عليهما بروفيسور النعيم في طرحه (اختلفنا معه أم اتفقنا)، فطرح بروفيسور النعيم في الندوة كان واضحا ومحددا وشمل تعريفات محددة لما يقصد فقدم نقاط قصد بها أن تكون رؤوس مواضيع للحوار، ولكن جاءت تعليقات الكاتب معممة، وانشائية، تخاطب العواطف أكثر مما تخاطب العقول فكانت أشبه بخطب الوعاظ من منابر المساجد!!
ذكر الكاتب أربعة نقاط استخلصها من حديث بروفيسور النعيم، وما يهمني هو النقطة الرابعة: “أنا أدعو للفصل المؤسسي الصارم بين الدين والدولة. فلا يمكن، ولا يجوز، للدولة أن تتخذ أي موقف ديني باختلاف الأديان، وليس الإسلام وحده.” وتوقف الكاتب عند هذا الحد! وقد أعقبها بروفيسور النعيم بقوله باستحالة الفصل بين الدين والسياسة وطالب بضبط العلاقة بينهما، وقد تعجبت لتجاهل الكاتب لتلك النقطة الجوهرية عند بروفيسور النعيم (كفتي الميزان)!!!
أوضح الكاتب أنه تفاجأ بتداخل واعتراض د. عمر القراي على طرح بروفيسور النعيم، وأردف قائلا: (وعرفت، لأول مرة، أن النعيم لا يمثل كل الفكر الجمهوري.)، ولا أعيب على الكاتب جهله بالفرق بين طرح النعيم والفكرة الجمهورية، ولكن أعيب عليه عدم فهمه لعبارات بروفيسور النعيم الواضحة وصريحة في تلك الندوة، حيث قال: (لا أنسب أي شيء أقوله للسيد الأستاذ محمود محمد طه) وأضاف: (أنا مسئول شخصيا عن ما أقول)، ثم شدد قائلا (الكلام ده يكون واضح)، فهل كان الكلام واضحا عند الكاتب؟!!
وتطوع الكاتب بتعريف د. القراي بقوله (كان القراى مسئولا عن المناهج في حكومة عبد الله حمدوك بعد ثورة ديسمبر. واشتهر بنشر كتاب للتلاميذ الصغار، على غلافه صورة الرسام الإيطالي مايكل انجلو، التي رسم فيها الله، ورسم ادم عاريا، يظهر عضوه التناسلي). وهو وصف أبسط ما يقال عنه إنه في منتهى عدم الدقة!! فد. القراي اشتهر قبل ان يعرف الناس تخصصه الأكاديمي بأنه صاحب قلم جريء وشجاع وقد برع في نقد ومواجهة قيادات الإخوان المسلمين وحكومتهم وقد صدرت في حقه التهم الكيدية إبان حكم حكومة البشير، كما عرف بأنه مفكر ومتحدث في المنابر العامة، وهو لم ينشر الكتاب المذكور ولم يؤلفه، وإنما تم نشر صورة منه بواسطة الفلول لغرض لا يخفى على لبيب، فعلاقة د. القراي بالكتاب هي أنه كان مديرا لإدارة المناهج بالوزارة والتي صدر عنها الكتاب، أما الصورة المعنية فلم تكن (على غلافه) كما ذكر الكاتب، وإنما كانت في أحد أبوابه، كما أن الصورة المعروضة في الكتاب لم تظهر العضو التناسلي لآدم، فعجبا لكاتب يتناول موضوعا بكل الجرأة وهو يجهل أبسط تفاصيله ولا يكلف نفسه بالبحث والتحري!!!
ذكر الكاتب مداخلة د. القراي بقوله (اثناء المقابلة مع النعيم، تدخل القراى، واختلف معه. وانتقد “الدولة العلمانية” و”الدولة المحايدة”. واقترح “الدولة الإنسانية”. ووصفها بأنها “دولة قائمة على مستوى علمي تتلاقى فيه الأديان، والأفكار الانسانية.”) ليخلص الكاتب لقوله (هكذا، اختلف مع هذين الجمهوريين المحترمين، مثلما اختلفت في الماضي مع شيوعيين، وعلمانيين سودانيين محترمين في أمريكا.)
ومن يقرأ الجملة الأولى يظن أن د. القراي قد اختلف مع بروفيسور النعيم في كل طرحه، مع أن د. القراي بدأ مداخلته بالتأمين على نقطة اتفاق جوهرية بينهما، وقد ذكر غيرها من نقاط الاتفاق التي وردت في حديث بروفيسور النعيم خلال مداخلته، ولكنه ختم المداخلة بأنه يختلف مع حديث بروفيسور النعيم في نقطتين فقط سماهما تحديدا فكيف غاب كل ذلك على الكاتب؟!!
ثم ما الغرابة في الاختلاف بين الرجلين؟ فبروفيسور النعيم صاحب طرح يخصه هو وقد ذكر ذلك صراحة، فهل غريب أن يختلف معه الاخرون؟!!! ألم يختلف الكاتب نفسه مع كلا الرجلين (رغم أنه لم يوضح نقاط الخلاف ولم يبرر لها!!)؟! ولكن تزول الغرابة ان لاحظنا ان الكاتب خلال مقاله تجاهل تماما الصفة التي دعت بها المجموعة المنظمة فبروفيسور النعيم وقدمته بها، وهي كونه خبير في القانون الدستوري وناشط في مجال حقوق الإنسان وصاحب طرح خاص به، وهي نفس الصفة التي تحدث بها البروف، فالكاتب جرد البروف من تلك المكانة العلمية العالمية الرفيعة باعتباره من القامات العالمية المرجعية التي يشار لها بالبنان في مجاله وبمجهوده الفكري الخاص الذي حاضر فيه وكتب بمختلف اللغات، ولم ينظر إليه سوى بمنظار (هذين الجمهوريين)!! وهي ليست سُبة، ولكن إن تتبعنا نهج الكاتب في المقال (كتب شيوعي!! كتب علماني!! كتب مسيحي!! هذين الجمهوريين!!) فسنعرف حجم الخلل في تفكيره وتعامله مع الغير.
الغريب في الأمر أن بروفيسور النعيم قدم طرحا معينا واختلف القراي معه في نقطتين ذكرهما صراحة وبين بطريقة علمية مسنودة بالأدلة لماذا يختلف معه، بينما الكاتب أطلق حكما تقريريا باختلافه مع كلا الاثنين دون أن يفصل في ذلك، فأين هو بين نقطتي الخلاف بين الرجلين؟!! فمثلا بروفيسور النعيم يعتقد أن الدولة الدينية لم تحصل باستثناء دولة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام (حسب مافهمت من كلامه) بينما يرى د. القراي أن الدولة الدينية كانت موجودة منذ القدم، فكيف يختلف الكاتب مع الاثنين بحيث يكون كلام بروفيسور النعيم بأنها غير موجودة غير صحيح وفي نفس الوقت كلام د. القراي بأنها موجودة غير صحيح!!!!
الاختلافات ظاهرة صحية، ومطلوبة وهي واقع معاش، ومن أجل ذلك تقام مثل هذه الندوات لتتلاقح الأفكار، ولكن على أن ننحو منحى د. القراي في إدارة الاختلافات حيث أبرز أولا نقاط الاتفاق الأساسية والأرض المشتركة، ثم ذكر نقاط الخلاف صراحة وتحديدا وبين بطريقة علمية لماذا يختلف مع بروف النعيم، فهل انتهج الكاتب منحى قريب من ذلك وهو ينشر الندوة على القراء؟!
هل اختلاف الكاتب (مع هذين الجمهوريين) مؤسس ومبني على طرح وفهم أم لمجرد انتمائهما الفكري (هذين الجمهوريين)؟!!
يبدو جليا أن الكاتب غير ملم بمنطلق د. القراي الفكري وذلك من خلال الخلل الواضح في نقل أقواله مثل قوله (واقترح “الدولة الإنسانية”. ووصفها بأنها “دولة قائمة على مستوى علمي تتلاقى فيه الأديان، والأفكار الإنسانية.”) مقرونا بقوله في آخر المقال (يا ليت المسلمين الذين يخاطبون الأمريكيين (مثل الاخوين المحترمين عبد الله النعيم، وعمر القراى) يقولون لهم ذلك، بدلا عن اللهث وراء المفاهيم الامريكية، مثل: “حقوق الانسان” و “الدولة العلمانية” و “الدولة الإنسانية”.)
فعبارة (الدولة الإنسانية) عند د. القراي أصيلة ومأخوذة من القرآن كما ذكر صراحة في حديثه أثناء الندوة، ولا علاقة لها بالحضارة الغربية كما يظن الكاتب، فيبدو أن جهل الكاتب بالإسلام وطول معايشته للمجتمع الغربي (48 سنة) قد أصابه بالانبهار بتلك الحضارة فصار ينسب إليها كل ما هو جميل وإنساني، وبنفس المفهوم الغربي يجرد الإسلام من تلك القيم التي هو أولى بها من غيره!!
د. القراي فصل في موضوع (الدولة الإنسانية) بما يكفي لنفي هذه التهمة عنه، فقد قال ما نصه: أنا في رأيي أن الدستور الإنساني والدولة الإنسانية دي الفرصة الوحيدة لنظام حكم محايد تجاه الأديان كلها وتجاه الأفكار) وأضاف (وده هو الدعى ليه الأستاذ محمود محمد طه) ثم فصل قائلا (وده ممكن يُدعى ليهو من ناحية علمية ما عقائدية موش لأنه الزول عنده عقيده فيه، لا، ده موضوع علمي جدا، الدعوة لدولة إنسانية ده موضوع علمي قائم على أصول القرآن موش باعتبار أن القرآن كتاب المسلمين.. لا، باعتبار أن القرآن كتاب الإنسانية،
وكونه القرآن كتاب الإنسانية موش لأنه نحن معتقدين فيه، ده رأينا نحن، لأنه نحن مسلمين نقول القرآن كتاب الإنسانية، لا، لأن القرآن فيه خطاب للناس “يا بني آدم” للناس كلهم.. الخطاب ده إنساني، وبيتكلم عن قيم إنسانية في المساواة وفي الحقوق، ده ممكن يُطرح، والدولة تطرح دولة إنسانية والدستور دستور إنساني، وبعد داك نشوف هل الدستور ده بيحقق القيم الإنسانية ولا مافيه) “انتهى حديث د. القراي” فهل هذا هو (لهث خلف الغرب)؟!!
تناول الكاتب في مقاله حوار دار في السابق في قروب (خريجي جامعة الخرطوم في أمريكا الشمالية) فذكر نماذج لثلاث متداخلين وصفهم ب (شيوعي)، (علماني) و (مسيحي) بدلا عن أن يقول (أحد الأعضاء) ولا أدري ما السر في هذا التصنيف، هل لتعميم طرح الأول على الشيوعيين والثاني على العلمانيين والثالث على المسيحيين؟!اليس الأولى ان نركز على ما يوحدنا (عضو المجموعة) بدلا من تعميق الخلافات مستغلين إرث تعدد الثقافات والأفكار وكأنه مسبة؟ أقول ذلك مع ملاحظة أن الكاتب تعرض فقط لأقوال (شيوعي أو علماني ومسيحي) ثم اختلف مع (هذين الجمهوريين) وهي نفس الفئات التي يشن الهجوم عليه الفلول في محاولاتهم المستمرة لتفتيت وحدة الثورة وتعميق الخلافات بينها مستغلين منابر المساجد ووسائط التواصل الاجتماعي، الشيء الذي أثر سلبا على المد الثوري وأوشك على إفشال الثورة، وبهذه المناسبة فإن مجموعة دعم الثورة ستقدم مولانا نصر الدين مفرح وزير الشئون الدينية والأوقاف لحكومة الثورة في ندوة عن هذا الموضوع يوم السبت القادم 7 يناير 2023.
وبعد ذكر الكاتب لمداخلات أولئك الأعضاء قام بتحليل ظروفهم ونفسياتهم ليجد لهم بعض العذر ثم ليتهمهم بالخلط بين الإسلام والإسلاميين وباستخدام الطريقة الغربية في انتقاد الأديان (بما فيهم بروفيسور النعيم ود. القراي كما أشار صراحة في آخر المقال)، ودلل على جنوحهم للغرب في فهم الإسلام استخدامهم لعبارات منها الديمقراطية، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، والاشتراكية، فالكاتب يزعم أنه (لا توجد في القرآن كلمات “العلمانية” و “الديمقراطية” و ” الاشتراكية” و “حقوق الإنسان” و “حقوق المرأة” و “حقوق الأقليات” و “حقوق الشاذين جنسيا.”)!!!
هذه المقولة تنم على جهل فظيع بالقرآن، فهو كتاب لم يغادر صغيرة ولا كبيرة (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، ولكن من يصعب عليه فهم كلمات د. القراي وبروفيسور النعيم، فهو أمام كلمات الله أعجز، فالديمقراطية، والاشتراكية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة وحقوق الأقليات كلها واردة في القرآن (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )،، ولكن معاني القرآن تحتاج للتوسل إليها بالوسائل الصحاح (واتقوا الله ويعلمكم الله)، فآية الديمقراطية هي (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، وآية الاشتراكية (ويسألونك ماذا ينفقون، قل العفو) والعفو قد فسره المعصوم عمليا بكل ما زاد عن حاجته الحاضرة، وحقوق الإنسان في قمتها حق الحياة (من قتل نفسا بغير نفس، او فسادا في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا) وحرية الاعتقاد (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وحق المرأة (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وحق الأقليات (ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله، والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، واجعل لنا من لدنك وليا، واجعل لنا من لدنك نصيرا)
وكل تلك صور من (رحمة الله) و (رعاية الله) فرحمته ورعايته ليست كلمات معلقة فوق الرؤوس وإنما هي مترجمة عمليا في قيم إنسانية مثل الديمقراطية والاشتراكية والعدالة والسلام والمحبة، فمن لم يراها في القرآن فما عرف القرآن
لعمري أن الكاتب في نهاية مقاله انتهج نفس النهج الذي أسماه بنهج الغرب مستعملا عبارات مثل (يهبط الله الى مستوى الناس) وعبارة (يكاد الله يركع أمام الناس الذين خلقهم، ويرجوهم ان يتوبوا) فالله لا يهبط ولا يركع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وإنما كلامه تنزل حتى نفهم (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) كما أن من عصاه لم يعصاه مراغمة عنه حتى يكاد يركع أمامه ويرجوه أن يتوب (إن تكفروا فإن الله غني عنكم) فالغني هو القوي الذي لا يغلب، فالعاصي لا يخرج بمعصيته عن إرادة الله وإن خرج عن الرضى ولذلك بخلاف ما يظن الكاتب ففي نهاية المطاف سيغفر الله حتى للذين لم يؤمنوا به في الحياة الدنيا، بعد أن يحصلوا الإيمان في الحياة الأخرى (إن علينا للهدى، وإن لنا للآخرة والأولى) وتلك مغفرة تأتي بفضل الله بوسائلها من التطهير بالعقاب (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )
النقاط المقتضبة الأخيرة اسوقها للكاتب حتى يتأنى فيما ذهب إليه في آخر مقاله بحديثه عن (استثنائية القرآن) وعن وعده بالكتابة عنها، فما أحب له أن يخوض في هذا الأمر بدون علم، فهو من الخطورة بمكان وأرجو له أن يجدد علاقته بالقرآن ويصححها، عسى الله أن يفتح علينا وعليه.
عبده الحاج
هولي سبرينقز نورث كارولينا
2 يناير 2023
لم استطيع اكمال المقال ليس لسؤ او نقص فيه ولكن اعطيت الرجل على وقتنا اكثر من ما يستحق فالرجل لا يستحق اكثر من كلمتين (مريض نفسي)
قد يكون الكاتب محقاً في نقده لأسلوب ومنهج صاحب المقال موضوع النقد في عرضه لما دار في الندوة المعنية بابتسار آراء مقدم الندوة والمتداخلين واقحام تقييمه الشخصي للشخوص وآرائهم المبتسرة ولكنه كذلك أدلى بدلوه فيما قال المتحاورون في الندوة وعرض آراءه الخاصة نافياً تأثر السودانيين من الجمهوريين والشيوعيين والعلمانيين المقيمين بأمريكا والغرب وانبهارهم بأفكار الغربيين واستخدامهم لطريقتهم المثلى في نقد أديانهم والأديان بصفة عامة في نقد الدين الاسلامي والقرآن. والكاتب محق أيضاً في رده على صاحب المقال بأنه هو الذي بدا متأثرين بأسلوب الغرب في التعامل مع القرآن ومنزله من خلال عبارات تفتقر للتقديس وتعتمل بالجسمية والتشبيه الذي لم يقل به غير السلفية المجسدة الذين يفتقرون للفهم الصحيح عن الذات الإلهية المنزهة عن المادية والجسمية التي هي صفات المخلوقات وليس الخالق. عبارة مثل يركع ويسجد ويترجى التوبة من عباده العاصين، تعالى الحق عن ذلك علواً كبيرا، ولم ير صاحب المقال المعني غضاضة في التفوه بها لشدة تأثره بالمناهج الغربية التي يرونها علمية في استبعاد كل قداسة ومن ثم التعامل الحسي مع الغيبيات بما في ذلك ذات الخالق التي لا يتصورونها إلا جسماً كالمخلوقات التي يرونها وآلهة الإغريق التي تصوروها وما لوحة الخلق المعلقة في أكبر كنائسهم والتي الصقت للقراي بأحد كتب المنهج الدراسي الذي أشرف على وضعه، إلا مثالاً لتلك العقيدة الفاسدة، والبركة في ذلك كله للسلفية الجسمية من أمثال التيمية الجاهلية من بعد الأساطير الإغريقية. كم رد الكاتب على صاحب المقال المعني بأن كل ما توصل إليه الغرب العلماني من نظم الاشتراكية والديمقراطية وحقوق الأقليات وحقوق الإنسان، ولكنه اشتط على صاحب المقال الذي عنى فقط عدم وجود المصطلحات أو الكلمات مثل “العلمانية” و “الديمقراطية” و ” الاشتراكية” و “حقوق الإنسان” و “حقوق المرأة” و “حقوق الأقليات” و “حقوق الشاذين جنسيا.” ولم يتطرق إلى توفر مفهومها في القرآن. وأراد الكاتب أن يثبت لصاحب المقال توفر تلك المفاهيم في القرآن ولكن جانبه الصواب في اختياره للدليل فاستشهد بآيات تدل على جهله كذلك ببعض المفاهيم القرآنية وتوجيه الخطاب بها فخلط مابين ماهو موجه للنبي الرسول الكريم وما هو توجيه عام لكافة المسلمين. فالرسول صلى الله عليه وسلم وكل رسول من عند الله لا تحكمه ديمقراطية ولا شورى في تطبيق رسالته وإلا تنازل عنها لقومه وما بلغها وهذا مما لا يجوز عقلاً إذ كيف يطبق الديمقراطية أو الشورى وهو معه الوحي يوجهه إلى ما يقول ويفعل. فهل تلزمه الشورى أو أغلبية الديمقراطية ويترك ما يوحى إليه وكيف يبلغ رسالته ويطبقها؟ بل قد أذن الله في سبيل إكمال الرسالة بمقاتلة المشركين والكفار الذين يقفون عائقاً دون تبليغها وذلك لإخضاعهم لتأمين اكتمال الرسالة وتبليغ الدعوة. فآية (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) ليست آية الديمقراطية وانما تذكير للنبي بعدم اليأس من استمرار دعوته رغم معارضته فالله هو الذي يهدي من أراد له الهداية، وانما الديمقراطية في الآية (وأمرهم شورى بينهم) الآية 38 سورة الشورى وهي الشورى بين المتساويين بعد الرسول من عامة المسلمين ومعلوم أن المتساويين فإن إمضاء شوراهم إنما تكون للأغلبية المطلقة وذلك في اختيار نظام الحكم والحكام وتنظيم إدارة الدولة فيما يتعلق بالمصالح الدنيوية السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية إلخ مع مراعاة الحلال والحرام والعدل وعدم الظلم والمساواة ورعاية حقوق الأقليات المأمور نصاً وأخلاقاً فهذه يتم النص عليها في الدستور والقوانين ولا مساس بها فهي التي عليها مدار مصالح المجتمع بمسلميه وغيرهم أو هي التي تحكم الغالبية الحاكمة وبهذا تختلف عن ديمقراطية الغرب التي لا حدود أخلاقية تحدها. وهناك الكثير من النقاط الأخرى قد يحسن التذكير بها لاحقاً.
شكرا جزيلا على الملاحظات الجيدة وعلى التحليل الموضوعي والعلمي، واحمد الله كثيرا اننا على توافق في معظم النقاط، كما اقدر واحترم وجهة نظرك في نقطتي الخلاف التي ذكرتها، وسأقوم بتسليط الضوء عليها بعض الشيئ على امل ان أكون مفهوما اكثر فيهما
لقد كانت محاولتي الا أكون متحاملا على الأستاذ محمد علي صالح، فالتحامل يخرج النقد من الموضوعية ويضر به، ولذلك لا اجدني متحاملا عليه في موضوع القران والقيم الإنسانية من الديمقراطية والاشتراكية والعدالة والحقوق، وسيكون قولك بتحاملي عليه صحيحا لو انه ذكر خلو القران من تلك المفردات بدون ان يربط ذلك باعتراضه على من كتبوا عن “الديمقراطية في القرآن” و “حقوق الإنسان في القرآن” و “حقوق المرأة في القرآن.” و “الاشتراكية في القرآن”، فأولئك النفر لم يدعوا وجود المفردات في القران، وانما كتبوا عن تلك القيم والمعاني من انها إسلامية وموجودة في القران، الشيئ الذي استنكره عليهم الكاتب، واعتبره مجاراة للغرب، ومحاولة منهم لنسب ما فيه من حسنات للإسلام وحشرها حشرا فيه، وهو يرى ان ذلك لا يجوز ويستحق النقد منه، لان القران لم يشتمل على تلك الكلمات، فعند الكاتب الامر ليس مجرد خلو القران من المفردات، وانما خلوه من تلك المعاني والقيم والتي اعتبرها غربية ولذلك استنكر الامر عليهم، ولذلك تجدني غير متحامل عليه عندما انتقدته من خلال طرحه المتكامل في مقاله ولم افصل تلك الجملة من السياق العام.
بخصوص النقطة الثانية، فاني لم اخلط بين ما هو موجه للنبي الرسول الكريم وما هو توجيه عام لكافة المسلمين في القران، فعندي ان القران خطاب للنبي الكريم بالأصالة، ولكنه في نفس الوقت خطاب لكل منا بالحوالة، ولذلك جُعل لنا النبي عليه صلوات الله وسلامه، غدوة نغتدي به، وأسوة نتأسى به، فقال جل من قائل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، بل اكثر من ذلك، فهو امرنا باتباعه بصورة قاطعة (قل ان كنتم تحبون الله، فاتبعوني يحببكم الله) وعند العارفين (فاتبعوني) هو أمر واجب التنفيذ مثله مثل قوله تعالى (وأقم الصلاة لذكري)، والاتباع له بدايات ولكن لا نهاية له، فهو عليه الصلاة والسلام رسول الله الينا ليسوقنا اليه، وقطعا من هو على الاحد الأدنى من الاتباع بعيد كل البعد في مضمار السير، ولكنه يظل داخل الملة، وكلما ذادت معرفته يزيد اتباعه فالقاعدة هي (لا يكلف الله نفسا الا وسعها)، هذا بصورة عامة بخصوص الخطاب في القران، اما بخصوص قوله تعالى (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) فهو ليس مجرد تذكير، وانما هو امر الهي بالتذكير، والتجافي عن السيطرة، وهو قمة الديمقراطية حيث يمنع الفرد الرشيد المؤيد من الله بالوحي عن ان يتسلط على القصر الجهلاء، ممن يرفضون عبادة الله الواحد الاحد ويعبدون الحجر الاصم ويقطعون الرحم ويأدون بناتهم احياء، وهذا الامر بعدم السيطرة ينسحب علينا جميعا بما لا يجعل مكان لاي صور من الديكتاتوريات (السيطرة) بيننا، فالمطلوب ان تذكر بما تراه حق (حرية التعبير) ولكن لا تفرضه فرضا، وبطبيعة الحال فان الديمقراطية وكذلك الشورى لا تشمل تبليغ الوحي والرسالة، فهو تكليف له (رسول الله) دون سواه، وقد قام به على اكمل وجه، فحتى هو عليه الصلاة والسلام غير مخير فيما يبلغ من أمور الرسالة، خلي عنك ان يستشير غيره.
أما بخصوص الشورى، فهي ليست ديمقراطية، وان كانت احكم ما يكون في وقتها، بل اشبه بالقفزة، وخصوصا في العهد النبوي، وما ذلك الا للقيمة التربوية الرفيعة عند المعصوم، الذي ادبه ربه فأحسن تأديبه، فجسد قيم الديمقراطية في ارفع صورة في تاريخ البشرية، فصارت تلك الوصاية ارفع من كل الديمقراطيات الحاضرة. والشورى هي امر للحاكم الوصي الرشيد ان يشاور القصر ليدرجهم ويعلمهم، ولكن الامر في نهاية المطاف بيده (فاذا عزمت فتوكل على الله)، وهي تعني فيما تعني ان انست في رايهم حكمة وعزمت على تنفيذه فتوكل على الله ونفذ، وان رأيت رايهم غير ملائم وعزمت على تنفيذ رايك، فتوكل على الله ونفذ، فمعروف ان الشورى غير ملزمة، كما ان الحاكم يختار من يستشير وهم من يسمون اهل الحل والعقد، وبالطبع فانه في تجربة حكم الشورى لم يكن من بينهم نساء او غير مسلمين، ثم بجانب انه صاحب الامر مخير في من يشاور، فهو أيضا مخير في الأمور التي يشاور فيها، فمثلا نبينا الكريم لم يشاور أصحابه في صلح الحديبية، وقد كان بعضهم، ومنهم بعض كبار الصحابة غير مقتنعين ببنوده، ثم ان سيدنا ابوبكر في عهده حارب مانعي الزكاة رغم اعتراض بعض الصحابة وعلى رأسهم سيدنا عمر، وذلك لاستناد الخليفة الأول على النص في الحديث الشريف، ثم انه عين سيدنا عمر بن الخطاب ليخلفه دون مشاورة اهل الحل والعقد، كما ان سيدنا عمر جعل امر خلافته عند سته منهم عبدالله بن عمر، على ان لا يكون له من الامر شيء، سته هم المرشحين للخلافة وهم من يختارون الخليفة وقد كان، فالشوري ليست ديمقراطية، وانما هي وصاية الرشيد على القصر وكانت احكم ما يكون وانسب نظام حكم لوقتها، ولكنها ليست الكلمة الأخيرة في الإسلام ففي القران ما هو انسب منها ليومنا
الخلاصة هي ان الفريقين متفقان على فصل الاسلام عن الدولة فالجمهوريون يعلنون دوما أن الشريعة الاسلامية لا تصلح لهذا العصر و يسمونها شريعة القرن السابع الميلادي!
خلاصتك خاطئة.. الجمهوريون قالوا ان الشريعة لا تصلح لكنهم دعوا لتطبيق أصول القرآن وهي اللآيات المكية التي تدعوا الى الديمقراطية وحرية الاعتقاد والمساواة بين الناس بغض النظر عن عقائدهم وجنسهم من ذكر وأنثى.. بعبارة اخرى هم داعون الى سنة النبي.. وقد شرحوا في كتبهم اسباب استحالة تطبيق الشريعة الإسلامية ولماذا سيعود الإسلام بالسنة.. فهل اطلعت على كتبهم او استعمت الى محاضراتهم.. الفرصة لا تزال مفتوحى لك حتى يكوت تعليقك مبني على حقائق:
https://www.alfikra.org/
نسيت أن أقول إن كل ما ذكره الكاتب في رده على المقال المعني من قيم وحقوق أقليات ونصرة ومفاهيم أخلاقية تراحمية واشتراكية وعدلية وحرية عقيدة إلخ – نعم هي في القرآن وهي أحكام الشريعة الاسلامية ولكن من الذي يطبقها؟ هل تترك لجهلة الشريعة وأعوان السلاطين تطبيقها بفهمهم القاصر والمنحرف أم لدولة ديمقراطية تحكم بالشورى البرلمانية التي يشارك فيها المسلم وغير المسلم لضمان تقنينها التقنين والتشريع الصحيح والتطبيق الصحيح ولا تفسح المجال لخم الناس باسم الدين وتنتهي إلى شمولية كشمولية الأنجاس الله لا أعادهم؟ إن تطبيق الديمقراطية يسقط جميع دعاوي ومطالبات البعض بفصل الدين عن السياسة وهو أمر غير ممكن كما قال الأخوان الجمهوريان لأن السياسة يصنعها نواب الشعب في البرلمان الرقيب على الحكومة التنفيذية وليس الدستور المفروض عليهم بالنص على الدين الرسمي أو كتابة مصادر التشريع مسبقاً – فالبرلمان هو الذي يحدد ذلك وفق أغلبية ممثلي الشعب فيه وهو الذي يعرف كيف يراعي حقوق الأقليات من أي نوع من خلال الجدل والنقاش والأخذ والرد في البرلمان ويعرف أو يعرَّف بالحدود الشرعية والأخلاقية لسلطة الأغلبية وإني لأعجب لبعض حركات التمرد ومستشاريهم الذين يضعون شروطاً مسبقة بابعاد الدين ومطالبة الحكومة الانتقالية بالنص على علمانية الدولة كشروط لانضمامهم لركب السلام فهي مطالبة من لا يملك لمن لا يملك ولا أدري كيف جاز لهم ذلك وهم أقلية وكيف يقولون هذا والبلد ليس فيها ممثل حقيقي للشعب بعد؟ نعم لكل فرد أو مجموعة تحديد شكل الدولة التي يريدون ولكن يكون ذلك في البرلمان في مواجهة من لا يريدون ما يريدونه هم، فلنرتضي الديمقراطية أولاً ونسلم بقواعدها فهي كفيلة عبر المجادلات والحوار والأخذ والرد للوصول للموازنات التي تحفظ وتحافظ على حقوق كافة فئات الشعب. فمن ذا الذي يرفض الديمقراطية – بس ما تكون الديمقراطية الحزبية الجربناها عمرنا الفات كله – والتي انتهت بنا إلى شمولية الله لا أعادها تاني، واعتقد أخونا الحلو وعبد الواحد ومستشاريهم خايفين ساي من مجر الحبل بسبب الدبيب والأفعى المسماة اسلامية زوراً أن يعودوا وإنهم لعائدون إن استأنفنا ما انقطع من ديمقراطية حزبية طائفية ومذهبية وقومية عربية ضاربة بعرض الحائط هويتنا السودانية الوطنية نعض عليها بالنواجذ لبناء السودان بها ومن أجلها ومعلوم أن أحزاب الطائفية من أنصار وختمية تحت زعامات تعمل لطموحات شخصية في الزعامة والمصالح الضيقة ومستعدون لتبادل المنافع بينهما وإن أدى لاقتسام السودان وجعل الشعب جميعه أتباعاً لهما. وأن العقائديين الشيوعيين والاسلامويين تطلعاتهم للخارج وفي سبيلها يرهنون الأوطان لخدمة أحلافهم ومنظماتهم العالمية، وكذلك يفعل القوميون العرب الذين يفكرون في بناء وطن من المحيط إلى الخليج ويجعلون وطنهم مطية لذلك – فهذه باختصار غايات الأحزاب اليوم وبكرة ولا فائدة فيها وليس فيها مثقال ذرة من التفكير في بناء السودان لذاته ولرفاهية أهله. فلنعم الديمقراطية الحرة المباشرة بدون أحزاب وبلا واسطات سياسية وكل دائرة جغرافية ومهنية وفئوية تختار ممثليها ممن يعرفونهم جيداً في مناطقهم وفي نقاباتهم وفئاتهم النوعية وليتقابلوا في البرلمان وليس وراء أحدهم غير هموم منطقته ومهنته وفئته التي ينتمي لها وتؤيه، وسيبونا من عسكر وحرامية إلى يوم الدين. فهل هناك من يخاف مثل هذه الديمقراطية؟ اللهم إلا من كان متحزباً لطائفية أو جماعة عالمية أو قوماً آخرين. معليش أخونا عبده فقد شطحنا بعيداً كما شطح صاحب ذلك المقال ولكن الرابط بيننا لم ينقطع وهو تصور الدولة ونظام الحكم البنحلم بيهو وحنبنيهو! ههه ونعبر بيهو!
كل. هذا النقاش جيد ويخدم قضية علاقة الدولة بالدين.. نحن لا يهمنا من المنتصر ومن المهزوم ولكن يهمنا إيضاح الفكره بالاسانيد المثبتة والأدلة العقلية المتقنه حتى يصل الناس الي اتفاق يقودنا للأمام.