مقالات وآراء

كتاب أمريكي (401) : “الإسلام : الصراط المستقيم”

محمد علي صالح

منذ سنة 1980م ، عندما جئت الى واشنطن في وظيفتي الحالية ، مراسلا صحفيا ، اعتقد أنى ، بتوفيق من الله ، قرأت ، ونشرت مقتطفات من ، وتعليقات على ، ربما 700 كتابا أمريكيا.

لكنى اخترت الرقم 400 لان كثيرا من هذه كانت قبل الانترنت . ولم احتفظ بها .

ربما بمعدل كتابين كل شهر . كنت اكتب عن الكتاب بخط اليد ، وألصق غلاف الكتاب ، وارسله بالبريد الذي كان يستغرق خمسة أيام تقريبا.

الآن ، انوى ، ان شاء الله ، جمع بعضها في كتاب بعنوان : “ملخصات 400 كتابا أمريكيا”.

كان نفس الشيء بالنسبة لتقارير عن الثقافة الأمريكية. ربما 400 تقريرا . عندي منها الآن 300 تقريبا .  انوى ، أيضا، جمعها في كتاب بعنوان : “دراسات في الثقافة الأمريكية”.

(طبعا ، هذا غير التقارير والمقابلات الإخبارية اليومية، التي ربما وصلت الى 30,000 خلال 42 سنة).

أكثر مواد الكتب كانت تنشرها صحيفة “الشرق الأوسط”، التي تصدر في لندن . مؤخرا ، صارت تنشرها مجلة “المجلة”، شقيقتها في لندن . في طبعتين : عربية ، وانجليزية.

في هذه الحلقات ، سأنشر روابط الكتب الجديدة بالعربية والانجليزية لمن يريد قراءتها هكذا.

لكنى سأبدأ بكتاب قديم ، كتبت عنه قبل 35 سنة (1988) : “الإسلام : الصراط المستقيم”.

كتبه البروفيسور الأمريكي جون ايسبوسيتو، أستاذ الدين في جامعة جورجتاون (في واشنطن العاصمة) الذي تقاعد مؤخرا.

كان اول كتاب أمريكي عن الإسلام قرأته . كانت ثمانينات القرن الماضي سنوات الانبهار في أمريكا . ومع الصدمة الحضارية ، أصابتني الحيرة الحضارية . ماذا افعل بهويتي الإسلامية ، وأنا غريب في هذا البلد المسيحي العملاق؟ .

لم تكن الإجابة سهلة ، وذلك بسبب الانبهار ، وبسبب شغف الامركة ، وبسبب عقدة النقص كأجنبي ، ومن بلد في العالم الثالث ، وربما حتى كمسلم .

في ذلك الوقت ، كتبت عن مسلمين مهاجرين مثلى ، غيروا أسماءهم من “محمد” الى “مايكل”، او تنكروا لهويتهم الإسلامية . أو ابتعدوا عن المسلمين . او جاملوا الأمريكيين في نقد الإسلام ، وفي التلاعب بالقرآن .

لحسن حظي ، قابلت أساتذة جامعات أمريكيين لا ينتقدون الإسلام ، ولا يتلاعبون بالقرآن. بل يشرحونه ويحللونه. اندهشت لأنه ، في ذلك الوقت، لم يسمع كثير جدا من الأمريكيين بالإسلام ، او لا يعرفونه . او يعرفونه سلبا.

لهذا ، فاجأني كتاب بروفيسور ايسبوسيتو ، المسيحي الكاثوليكي.

اليوم ، اكتب عن الكتاب بعد ان انتقلت من مرحلة عقدة الأجنبي (خاصة المسلم) ، الى مرحلة الأمريكي الفخور (والمسلم الفخور).

حقيقة خلال كل هذه السنوات في واشنطن ، لم اكتب كثير عن الإسلام والأديان . ربما فقط عشرة كتب من جملة 700 كتابا تقريبا.

بالإضافة الى هذه الكتب والمواضيع الامريكية ، كتبت عشرات الحلقات عن السودان والسودانيين:

عن سودانيين في أمريكا تفوقوا في مجالات تخصصهم. وعن نقاشاتهم عن فصل جنوب السودان . وعن السودان في الإعلام الأمريكي. وعن كتاباتي في صحف امريكية . وعن ذكريات السودان . وعن حياتي في أمريكا ، وزوجتي ، وابننا ، وبنتينا.

وكتبت ربما 200 حلقة عن وثائق أمريكية عن السودان (من قبل الاستقلال حتى سنة 1979م . توقفت دار الوثائق الامريكية عن نشرها . وسأعود اليها متى عادت) .

لماذا أكتب الآن عن الإسلام (خاصة القرآن، كلام الله)؟

قبل شهور قليلة ، قرأت كتابات في قروب “يوكانا” (خريجي جامعة الخرطوم في أمريكا الشمالية) عن القرآن. واستغربت لما كتبوا :

(حذفت الأسماء)

1. كتب شيوعي بأن القرآن يفصل الدين عن الدولة ، ولكن الإنجيل والتوراة لا يفصلانه.

2. كتب علماني بأن أمريكا تفصل الدين عن الدولة. ويجب ان يحدث ذلك في السودان أيضا.

3. كتب جمهوري عن تقسيم القرآن الى اول وثان . ودعا الى فصل الإسلام عن الدولة، والى تأسيس “الدولة “المحايدة”.

4. كتب مسيحي بأن القرآن لا يفصل الدين عن الدولة، ولكن الإنجيل يفصله. وتجرأ، ودعا المسلمين لاعتناق المسيحية.

قدمت اعذارا لهؤلاء ، وأمثالهم، لان كثيرا منهم قاسوا من ظلم الإسلاميين في السودان.  وهربوا ، وجاءوا الى أمريكا ، قلعة الحرية.

لكنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة :

1. خلطوا بين الإسلام والإسلاميين . وقبلوا تفسير الإسلاميين للقرآن ، خاصة الشريعة. وأيضا ، قبلوا تفسيرات الشريعة التي كتبها مفسرون قبل مئات السنين. ونسوا ان الله لا يظلم الناس الذين خلقهم ، شريعة او غير شريعة.

2. نسوا ان الله في القرآن لا يخاطب المسلمين ، ولا يفتخر بهم، ويشك فيهم (“وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ”). يخاطب الله المؤمنين ، ويتعهد بنصرتهم ، ويفتخر بهم (“وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين”).

3. استعملوا الطريقة الغربية في نقد الأديان . وهي طريقة يستعملها الغربيون فى نقد الإنجيل والتوراة . لكن ، القرآن كلام الله ، ولم يكتبه الناس (مثل الانجيل ، والتوراة ، وكتاب بوذا ، وكتب الهندوس).

أيضا ، لا ينتقد المسلم القرآن.  نعم ، يقدر غير المسلم على قراءة القرآن . ثم لا يؤمن به وينتقده . أو يؤمن به ولا ينتقده . او لا يؤمن به ، ولا ينتقده.

وجدت بروفسير ايسبوسيتو من النوع الثالث . كرر مرات كثيرة انه يحترم ، ويحب ، القرآن ، وهو يدرسه خلال كل هذه السنوات . كنت أسأله : “لماذا لا تعتنق الإسلام اذا؟” وكان يقول ، في هدوء : “لا اريد تغيير عقيدة تربيت عليها”.

ماذا كتب بروفسير ايسبوسيتو؟

اخترت المواضيع التي كتب عنها السودانيون الذين أشرت إليهم سابقا : الشريعة . فصل الدين عن الدولة . العلمانية . المسلمين والمؤمنين . حقوق المرأة . حقوق غير المسلمين، الخ …

عن الشريعة ، كتب بروفسير ايسبوسيتو في هذا الكتاب ، وفي كتاب نشره سنة 2018م اسمه “الشريعة”.

كتب : “يستخدم كثير من الناس كلمتي “الشريعة” و”الفقه” وكأنهما شيء واحد. لكنهما ليسا كذلك . “الشريعة” من الله . والفقه” تفسير المسلمين لها . لا تتغير الشريعة الإلهية ، لكن تتغير تفسيرات الناس لها”.

ويحمل ايسبوسيتو المسلمين، وغير المسلمين ، مسئولية نشر صور مخيفة عن الشريعة.  سواء في الدول المسلمة او في الغرب . ويقول : “في الولايات المتحدة ، وفي بقية الدول الغربية ، صار معنى الشريعة هو الإطاحة بالأنظمة الديمقراطية ، وتطبيق العقوبات القاسية ، مثل قطع اليدين ، ورجم المرأة” .

وأضاف ايسبوسيتو ان الهدف من كتابه (“الصراط المستقيم”) هو : “مواجهة هذا الخوف بتوفير معلومات عن الفرق بين شريعة الله وشريعة المسلمين . شريعة الله هي القانون الإلهي للمسلمين ، وغير المسلمين. هي كل شيء قاله الله (ليس فقط قطع اليد ، ورجم المرأة) . هي الصراط المستقيم” (اسم كتابه).

عن فصل الدين والدولة، كتب في هذا الكتاب، وفي كتاب صدر سنة 1999م اسمه “الخطر الإسلامي : خرافة او حقيقة؟”  كتب : “يوجد كثير من المسلمين الذين يرون الإسلام كاملا . وأنه مرتبط بالسياسة والمجتمع . لكن ، إذا نظرنا إلى العصور الماضية ، نجد أن هذا ينطبق على كثير من أديان العالم الرئيسية. مثلا، تربط الهند الهندوسية بالدولة. في الماضي تحدث مسيحيون عن فصل المسيحية عن الدولة لكنهم عدلوا عن ذلك . ولا ننسى الإمبراطورية الرومانية المقدسة … في العصر الحديث مع الصحوة الإسلامية التي تنتقد ممارسات كثيرة في الدول الغربية العلمانية ، يبحث كثير من المسلمين عن نظام ، إذا لم يعيدهم الى الماضي الذي يفتخرون به ، يعطيهم الإحساس بأنهم قادرون على الافتخار بهويتهم ، وبقيمهم”.

“مسلمون” و “مؤمنون”:

هذا موضوع آخر اختلفت فيه مع الذين أشرت إليهم سابقا. قلت ان هناك خطأ كبيرا في الطريقة التي فسروا بها القرآن. وقلت ان الله في القرآن لا يخاطب المسلمين ، ولا يفتخر بهم، ويشك فيهم (“وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ”).

في القرآن ، يخاطب الله المؤمنين ، ويتعهد بنصرتهم ، ويفتخر بهم (“وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين”).

سيكون الفرق بين “المسلمين” و “المؤمنين” هو موضوع الكتاب القادم ، الذي كتبه بروفسير فريد دونر ، أستاذ الدين في جامعة شيكاغو ، واسم الكتاب : “محمد والمؤمنون”.

هكذا في أمريكا ، وجدت امريكيين غير مسلمين يقدرون القرآن حق قدره . لكن ، وجدت سودانيين يتلاعبون به.

‫7 تعليقات

  1. أول ملاحظة هي أنك كدت تضيع أو ضعت فعلاً في لجة التفكير الغربي وتعاملهم مع دينهم وإلههم فهو في المبتدأ والمنتهى نصف بشري ولذلك لا مشاحة من مخاطبته والكلام عنه بلغة البشر لبشر أو عن بشر. وهذا واضح من أسلوب ردك عليهم دون أن تميز إلهك كمسلم عن إلههم وتقنع نفسك أولاً بالفرق وإقناعهم بهذا الفرق. فأنت تقول لهم إن إلهك لا يمتدح المسلمين بل (يشك) في أنهم منافقون!! وهذا تفسيرك للآية التي أوردتها مع أن لغتها تقريرية جازمة في أن أكثر المسلمين منافقون وفاسقون، وأقول ذلك لأن القرآن إن كنت أقنعتهم بأنه كلام الله لما فيه من اعجاز لفظي حاوٍ لمعانٍ وقَصص من المحال أن تلم به ثقافة ومعرفة نبي عربي أمي من عرب جاهليين أميين لم يسبق أن بعث فيهم رسول ولا يعلمون عن الإله إلا بما تعلمه الفطرة السليمة وهو لزوم وجود خالق لهم ولهذا الكون الفسيح وأن البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ولكن ماهو هذا الخالق وما صفاته ولماذا خلق الكون وخلقهم لا يدرون. ولو قرأت معهم بعض التفاسير الإعجازية المتوفر منها وهم أقرب إلى فهم هذه اللغة لآنها تتعلق بحقائق كونية هم أدرى بعظم إعجازها وخليهم يتبحروا بعد كده من فرط انبهارهم – فابدأ بأبسطها واربطها لهم بالآيات التي تدل عليها بمدارستها معهم ولا بأس من تفهمهم كيف فهمها العرب الجاهليون وكيف تطور هذا الفهم بعد اتساع الدولة الاسلامية وشمولها لأنواع مختلفة من الشعوب بثقافتهم الأكثر مدنية من عرب الجزيرة وكيف ساهموا في تفسير القرآن واستنباط القواعد الفقهية وكيف فسروا الغيبيات أو الاشارات المعرفية في القرآن مثل الآيات التي تتحدث عن النعم الدنيوية ومنها أشياء بسيطة عن اخراج المراعي الخضراء للناس وأنعامهم ولماذا قال تعالى بأنه من بعد انبات الكلأ الأخضر الرطب جعله غثاء أحوى وأن أحوى هذه فهمها العرب بأنه تعالى صيرها داكنة جافة بحسب معطيات لغتهم وملاحظتهم وهو تفسير صحيح مشهود ولكن ما لم يفهموه بمعطيات العلم والذي لم تتوصل له البشرية إلا بعد تطوره في القرن العشرين أن كلمة أحوى بالنسبة للعشب الأخضر ثم صيرورته أحوى اللون بعد جفافه قد صار أكثر تركيزاً في عصارته وما تحويه من مواد غذائية معدنية وبروتينية وسللوزية أفضل من الأخضر وبهذا الكشف العلمي دل القرآن على معنى جديد بذات الكلمة معنى أعمق علمياً دون انتفاء المعنى القديم وبقاء نعمته في الحالين. فلا سبيل للقول بأن الرسول كان يعلم الحقيقة العلمية هذه حتى تنسب إليه هذه الآية والحقيقة أنه هو ومن معه لا يعلم ذلك بل ولا أحد في أوروبا بعد تشكلت أوروبا وخرجت من العصور المظلمة إلى الوسطى فعصر الأنوار وإلى القرن العشرين يعرف هذه الحقيقة العلمية التي جاء به أمي من عصر الجاهلية! فكيف لا زال بعضكم يقول بأن القرآن من تأليفه أو ممن يملي عليه من البشر غير الوحي؟؟
    ولكن المشكلة الآن فيك أنت الذي تقول إن الله يشك! ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟؟ ثم ما وجه المقارنة بين الأديان السماوية والهندوسية والسيخية هل يؤمنون بإله خالق للكون وهل المسيحيون يعتقدون بأن الكرايست هو الخلقهم أم أبوه تعالى الله ما اتخذ صاحبة ولا ولد حتى الجِنة تعرف هذا (وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولد). أرى أن ثقافتك الإسلامية تحتاج لتصحيح أولاً أكثر منهم وما لم تعرف الفرق بين إلهك وإلههم فأنت الذي تتأثر بهم ولن تؤثر فيهم والحمد لله أن منهم من هم أعلم بأبجديات الدين الاسلامي والذات والصفات الإلهية فأرجو أن يكون لك العقل المنطقي المتحرر من أي تأثير من مصادر غير منطقية حتى ولو اسلامية مثل الجسمية ولو أن المسلمين المؤمنين حقاً لا ينتقدون دينهم ولا ينتقدون قول الفقهاء من البشر ويردونه إلى أصله ثم يقيسون الفقه عليه وفي النهاية فإن الفقه لا يقدس لذات وإنما هو وسيلة للوصول إلى حقيقة الشريعة مثل صاحبك المسيحي دا الذي علم بالمنطق الفرق بين الفقه والشريعة وأن الفقه هو مجرد شروحات وتفسيرات بشرية قد يقوم بها بشر أكثر حداثة ومعرفة وعلماً بكتاب الله المنشور ونواميس الكون وربطها بالكتاب المقروء وكل هذا ليس حكرا على فقهاء المسلمين (جمهور أو جماهير الفقهاء) واجماعهم فلا معنى للإجماع في أمة لم تؤتى من العلم إلا قليلا ورب مستشرق أعلم فقيه مقلد يؤمن باجماع الأمة – نعم قد يوجد الاجماع ولكن على ماذا؟ على العودة بالأمة إلى السلف أم بالنهوض بها إلى الأمثل من ذلك؟؟؟

  2. الكيك برافو عليك… انت احلي وادسم من الكيك الذي نعرفه… علم غزير في دماغ ذكي… ماشاء الله…

  3. الحدود التى بقت فى عهد انبوة كانت قليلة جدا وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتانى فى تطبيق الرجم والقطع وهذا لا يفهمه الرب وير المسلمين الاسلام شدد كثيرا ا اثبات حد الزنا والحدود فلا يظن ير المسلمين ان الاسلام جا للرجم او القطع —قال الله عز وجل من احيا ها فكانما احيا الناس جميعا—-المائدة

  4. صراحة استفدت من مداخلة الكيك اكثر من المقال الرئيس ان كنت قد استفدت منه حاجة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..