أخبار السودان

من “الأوبلن” إلى “الاغتصاب”.. الخصومة السياسية تدخل دائرة الانتقام

عبد الناصر الحاج

عندما ارتقى شهيدين من شباب السودان المُصمم على استكمال ثورته، بسبب شظايا من الحجارة الصلدة تم استخدامها من قبل القوات الأمنية عن طريق ما يعرف بسلاح “الأوبلن” لتفريق التظاهرات، لم يكن أحد يقدر على فهم ما تلك الطبيعة العدوانية التي تنطوي في نوايا القوات التي تحرس نظاماً انقلابياً وتدافع عنه بكل الوسائل المُحرمة قانوناً وشرعاً وعُرفاً دون أن يرتجف لها جفن أو تُرهقها صحوة ضمير او احساس بالذنب، لكن ما يثير الدهشة ويجعل الأوبلن أقل قسوة في نظر السودانيين، هو عندما يستيقظون على سماع اخبار عن وقوع جريمة اغتصاب (طفلة) انتقاماً من والدها الذي وضعه القدر بأن يكون عضواً في لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الانقاذ البائدة، ومما يجعل العقول تستدير مثقلة بالغيظ نحو سرادب تلك المنظومة البائدة، بشيوخها ورموزها وكتائب ظلها و أمنها الشعبي ومليشياتها، وكيف يسعى ذلك النظام المدحور لينتقم من شعب السودان في أبنائه وبناته لمجرد أنهم اخرجوه من فردوس السلطة ونعيم الأموال والسلطان ونهب خيرات وموارد البلاد دون رقيب او حسيب، وكأن السودان كان بمثابة ضيعة مملوكة لهم وحدهم- مثلما يتحدث السودانيون الآن غضباً في كل منصات التواصل الاجتماعي وفي مجالس المدن والأرياف.

فاجعة الجمعة

انطلقت، صبيحة الجمعة، بالعاصمة الخرطوم، فعاليات الورشة التحضيرية لتقييم عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة. وتقام الورشة، استباقاً لمؤتمر تقييم وتقويم لجنة التفكيك، خلال الفترة من 9 إلى 12 يناير الجاري. ومن المقرر أن يناقش المؤتمر: الفساد والتمكين خلال (ثلاثة) عقود، الأبعاد السياسية لعملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، المعايير الدولية والمبادئ الحاكمة والخيارات في عمليات التفكيك، الإطار القانوني الحاكم لعملية التفكيك، تجربة لجنة تفكيك نظام 30 يونيو، والتجارب الدولية المقارنة في استرداد الأصول والأموال العامة المنهوبة. وفي ذات (الجمعة) التي كانت تنطلق فيها فعاليات لجنة التفكيك، كانت الخرطوم تُخبئ للسودانيين مفاجأة من العيار الثقيل، حيث إختطف مجهولون- الجمعة- إبنة أحد قادة لجنة إزالة التمكين في حي المعمورة بالخرطوم واغتصبوها قبل إطلاق سراحها جوار كبري المنشية بالخرطوم. وقال والد الضحية لدارفور24 ان مجهولين اختطفوا إبنته البالغة من العمر “15” عاماً وتدرس بالمرحلة الثانوية من امام المنزل، وقد تم العثور عليها نهار اليوم بكبري المنشية وهى بحالة يرثي لها. وأضاف ان الخاطفين اغتصبوا ابنته وحملوها رسالة بقولهم “قولى لابيك نحن قادرون ان نصل اليه”. معرباً عن حزنه العميق لهذا الاسلوب الذي اعبتبره تصفية للخصومة السياسية. وفتحت اسرة المجنى عليها بلاغاً لدى شرطة المعمورة، وباشرت الشرطة تحرياتها لكشف ملابسات القضية، ومن المتوقع ان تصدر الاسرة بيانا توضيحيا للراي العام في الساعات القادمة. وبحسب المصادر المقربة من الأسرة، إن الطفلة اختُطفت من الشارع العام صباح الجمعة، حينما كانت تنتظر مواصلات تقلها إلى مكان مدرستها لتلقي دروس إضافية، قبل ان يتوجه بها الخاطفون إلى منزل مهجور في ضاحية شرق النيل. وقالت مصادر صحفية اوردتها (الديمقراطي) ، إن الطفلة خرجت من منزل ذويها الذي يقع في حي (الجريف غرب)، صباح اليوم الجمعة، بصحبة والدها، قبل ان يتفارقا في الطريق، بعدما غادر الوالد على متن مركبة عامة، وتركها في انتظار مركبة عامة أخرى، حيث كان في عجلة من أمره للحاق بورشة تقيمها لجنة التفكيك. وأضافت المصادر: “عقب مغادرة الوالد، توقفت سيارة صغير ماركة (لانسر) بلون أسود، وعلى متنها ثلاثة أشخاص من الفئات العمرية الشابة، أجبروا الطفلة على دخول السيارة، وحينما رفضت جرى اختطافها عنوة، وغادروا إلى منزل غير مسكون بشرق النيل، تمت فيه عملية الاغتصاب بواسطة اثنين، بينما كان الثالث خارج المكان للمراقبة”. وتابعت: “عقب انتهاء الجناة من اغتصاب الفتاة، أخذوها ورموها، بالقرب من جسر المنشية بشرق النيل، لتستفيق الفتاة من صدمتها، وتجري اتصالا هاتفيًا بشقيقتها، التي سارعت للذهاب إليها حيث وجدتها في حالة يرثى لها، من ثم أجريا اتصالا بوالدهما الذي هرع لهما”.

وأكدت المصادر أن الطفلة اخضعت للفحوصات بمستشفى الشرطة حيث أثبتت عملية الاغتصاب، ودونت الأسرة بلاغاً بقسم المعمورة.

غضب الشارع

صدمة خبر اغتصاب طفلة المعمورة، كانت قاسية ووقعها مؤذياً لمشاعر السودانيين، وسرعان ما صب الكثيرون جل غضبهم على كل عناصر المنظومة البائدة وحملوهم وزر ما وصلت اليه البلاد من انهيار أمني شامل بسبب محاباة المنظومة العسكرية الحاكمة الآن لهم واجتهادها في تعبيد طريق العودة لهم حتى ولو كان على حساب أرواح الشباب او شرف الحرائر، ويرفض نظام المؤتمر الوطني البائد، عودة لجنة التفكيك إلى العمل من جديد، ما دعاه إلى تحريك مليشياته الدموية المعروفة بـ “الأمن الشعبي”، لترهيب وتخويف أعضاء وقيادات اللجنة، بحسب مراقبين. وكان عضو لجنة التفكيك صلاح مناع، قال في تغريدة على “تويتر” إن “ما حدث اليوم لأحد أفراد أسرة عضو في لجنة إزالة التمكين، مع بداية الورشة التمهيدية للتفكيك، يعتبر تحولا خطيرا في الصراع ضد المؤتمر الوطني والأمن الشعبي”. واعتبر صلاح مناع ما جرى لابنة القيادي بلجنة التفكيك، رسالة من الأمن الشعبي بأن قرار المواجهة والاستهداف الشخصي قد تم اتخاذه”.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..