مقالات سياسية

مجرد فكرة…!

احمد بطران عبد القادر

الثورة تعرف على أنها حالة فوران واندفاع عنيف لإسقاط النظام الظالم المستبد دافعه عدم الرضا والغضب من سوء الأوضاع وهي فعل نضالي مصادم يقتلع كل جذور الظلم والاستبداد ومتاريس الجهل والخرافة وبؤر التخلف رافض للزل والانكسار يحمل في طياته قيم أخلاقية ومعرفية واعية تعلي من قيمة الإنسان تفجرها الجماهير الغاضبة رفضا للظلم والغبن وفقدان الأمل و العدل والحرية وإيمانا بأهمية التغيير وتطلعا لواقع افضل فهي تغيير النظام  السياسي الظالم المستبد تغيير جذري لإقامة نظام عادل نزيه وشفيف يستجيب لتطلعات الشعب وسيادته علي سلطته وفي بلادنا جاءت ثورة ديسمبر المجيدة ثورة سلمية تحمل قيم اخلاقية وانسانية رفيعة عميقة وراسخة في موروث شعبنا العظيم العاشق للحرية والاستقلال والمتطلع لعوالم النهضة الشاملة والاستقرار وفق رؤية علمية مدروسة تعلي من قيمة الوطن وكرامة إنسانه وتحافظ على وحدته أرضا وشعبا تحقق العدل والسلام عبر منهاج ديموقراطي وحرية مستحقة قدمت تضحيات عظيمة من أجلها اعلت من شأنها في نفوس الجماهير لذا لن تسمح بردة عنها او انحراف عن مسارها الصحيح.

ولعل من أصعب المهام واخطرها علي الإطلاق التي تواجه قوي الثورة ومشروعها للتغيير الجذري هي كيف تحدث وحدة للصف الثوري؟ ومدى التزامه ببرنامج وطني نهضوي طموح؟ وكيفية اكتشاف واختيار القيادة الملهمة؟ والتي ينبغي ان تكون قوية في الفعل والطرح والمواجهة ذات إرادة غالبة وبصيرة نافذة تنقلنا من حالات التشظي والاختلاف والشقاق الي عظمة التوحد والإنجاز وقطف ثماره باستغلال الفرص المتاحة لتوسيع نطاق العمل النضالي المتجرد للوطن والفعل الثوري الراشد وتأثيره علي مجريات الأحداث ليصب في مصلحة حركة التغيير والإصلاح في الدولة وكل أدوات العمل النضالي وتفعيله ليستوعب تحديات الواقع السياسي المعقد ومستجداته محققا لأهداف الثورة ومهامها في إنفاذ رؤيتها وإنجاز اعمالها لنخرج من دائرة الفشل واللاوعي بمتطلبات التغيير والإصلاح الي دائرة العمل المنظم المدروس الواعي ليكون فاعلا ومؤثرا في مشروع إعادة بناء الوطن علي أسس حضارية عصرية تعتمد الإنسان كمحور اساسي في التنمية المتوازنة والنهضة الشاملة ويرسخ لمفهوم أهمية الديمقراطية كوسيلة ناجعة وناجحة لحكم مدني رشيد يتم فيه تداول السلطة سلميآ للترقي في مضامير النمو والازدهار .

وهذا كافي ليشكل ضمانة حقيقية للانطلاق بقوة في المسار الصحيح نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وصولا للاستقلال الحقيقي للدولة السودانية ذات السيادة التامة علي حدودها الجغرافية برا وبحرا وجوا وانسانا ومواردا طبيعة في باطن الأرض وظاهرها بما يعود لمصلحة شعبها وجوارها العربي والافريقي
وحتي نتمكن من معالجة هذه المعضلة ينبغي ان تنشط كل قوي الثورة المؤمنة بالتغيير الجذري بكافة واجهتها الحزبية السياسية والشبابية الثورية داخل المجتمع في كافة مكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمهنية والمطلبية ومنظمات المجتمع المدني وقطاعات المرأة ان تنشط متبنية رؤى جديدة وأفكار حميدة لبرامج خدمية اجتماعية وثقافية واقتصادية وأعمال مبدعة خلاقة تستهض همم المجتمع وتستخرح كوامن كنوزه المعرفية والابداعية في عمارة الأرض ليعمل باختيارية تامة علي ما يصلحه ويطور ذاته و بما يناسبه من أدوات متيسرة في مجتمعه وقابلة لتستوعب أكبر كتلة بشرية للتفاعل والعمل والإنجاز.

ومن خلال الرصد والمتابعة المستمرة يمكن انتخاب واكتشاف قيادات ثورية وطنية توافقية في كل مجال من مجالات الإبداع علي ان تكون محل اهتمام واحترام لدي جماهير شعبنا اليقظة الحصيفة التي تحب القوي الأمين الحكيم العليم
وحتى لا يكون حديثنا هذا هباءا تذروه الرياح فإننا نقترح علي قوى الثورة ان تتبني مشاريع وطنية تشترك في كل جماهير شعبنا والتكون الخطوة الأولى قيام برلمانات الأحياء الشعبية الطوعية علي مستوي المحليات والوحدات الإدارية للفئات العمرية فوق الثامنة عشرة من النساء والرجال والشباب المؤمنين بالتغيير والمتجردين من انتماءاتهم الحزبية والقبلية وما شاكلها لصالح انتمائهم الأصيل للوطن والهم العام

هذه البرلمانات المختارة الشعبية الطوعية لتعمل مستقلة عن اي مكونات رسمية تهتم بالتعليم والصحة والبنات التحية وكل ضروب الانشطة الحياتية اليومية التي تخدم الشعب من المنطلقات الإنسانية لموروثه الحضاري حيث اننا اشتهرنا بالنفير في الحصاد وكل مواسم الإنتاج التي تحتاج للطاقات البشرية كما اشتهرنا بسرعة الفزع لصد الأعداء وهذه قيم إنسانية راقية ومهمة وذات دلالة علي قوة الترابط الاجتماعي والأسرى في بلادنا
يقسم البرلمان المختار علي مستوى المحلية لعدد من اللجان المتخصصة لتضع الخطط والبرامج فيما يتعلق بمجال عملها الذي تطلبه الجماهير وتجيزه ثم تقوم هذه اللجان بإنشاء الأجسام والكيانات المنوط بها تنفيذ هذه الأعمال مثل انشاء جمعيات خيرية جمعيات تعاونية خدمية وزراعية جمعيات ثقافية وتعليمية  وصحية ومراكز تدريب مجانية في مجالات متنوعة علي ان تكون كلها خاضعة لسلطان جمعياتها العمومية حسب ما ينظم القانون الساري مثل هذه الأعمال والمناشط المتنوعة
فمن خلال هذه البرلمانات المختارة الطوعية الشعبية يمكننا بناء قاعدة جماهيرية متجانسة منظمة مؤمنة بالتغيير وتمارس السلطة وتدير حركة التنميه والثقافة وترصد الوقائع والاحداث عن كثب فيتثني لها تغييرها وتطويرها الي الآفاق المرجوة في التوحد والتنمية المتوازنة والمشاركة في السلطة .

وبذلك تزول الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع ومكوناته لانه حينها سيكون مجتمع عامل منتج وممارس للسلطة بما يتوافق مع رغباته المنضبطة بضوابط غالبية الشعب .
كما أننا من خلال هذا العمل الجماهيري المنظم والقيادة الجماعية الفاعلة والمؤمنة بالتغيير نستطيع ان نضغط في اتجاه ان تصبح دولتنا دولة رعاية لا جباية تعتني بهموم الجماهير والناس شركاء في كل خيراتها الواعدة دون اي شكل من أشكال التمييز فهم متوحدون متحدون علي اساس انتمائهم للوطن والرقعة الجغرافية التي يعيشون فيها ويعملون سويا علي أمنها واستقرارها لتنعم بالنماء والازدهار.

بالشروع في تنفيذ هذه الأفكار وتنزيلها لأرض الواقع بررح وطنية ثورية صادقة نكون قد خطونا خطوات جبارة في طريق تحرير الإرادة الوطنية الحرة و امكانية إنتاج القيادة الملهمة المرتبطة شعورياً بالجماهير المؤمنة بالتغيير وخياراته المتجردة للوطن المسنودة بالإرادة الشعبية الغالبة والنافذة لعوالم الحرية والاستقلال لوطن واعد ومجتمع ناهض وشعب صابر متطلع للرقي والحضارة والتقدم والرفاه .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..