الملاريا.. الشر المطلق

تقرير- أم زين آدم
روت الحاجة آمنة محمد نور، عاملة، أنها خلال العامين المنصرمين، سقطت فاقدة للوعي في مكان العمل، مرتين توالياً. نقلت إلى المستشفى، وشخصت حالتها بالإصابة بمرض الملاريا.
قالت الحاجة آمنة إنها ذهبت إلى مكان العمل لا تعاني من أي أعراض مرضية، بيد أنها سقطت بطريقة مأساوية، ولم تفق إلا بعد مرور ساعات من نقلها إلى المستشفى.
وضع هش
منذ عقود، وصف الوضع الصحي في السودان بالهش. وقالت منظمة الصحة العالمية، إن السودان يعاني من عبء كبير فيما يخص مرضى ووفيات بسبب الملاريا.
وفي أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالبلاد، كشف عن زيادة في عدد حالات الإصابة بالملاريا. سجلت في العام الماضي بنحو (1٫9) مليون إصابة، بنسبة زيادة (12 بالمئة) عن عام 2021.
خلال السنوات الأخيرة، كانت الملاريا السبب الأول في تردد المرضى على المستشفيات والمؤسسات الصحية، وجاءت في المرتبة الثانية في قائمة أسباب الوفاة في البلاد.
تنتشر الملاريا في معظم ولايات السودان، ووصلت في وقت سابق مرحلة الوباء في (15) ولاية من الولايات الـ (18).
ويسبب الملاريا في السودان طفيل المتصورة المنجلية، والذي يصنف من أكثر الطفيليات فتكاً بالإنسان.
وكان السودان في العام 2013 قد حقق تقدماً ملحوظاً في مكافحة المرض وخفض الوفيات، بدعم من منظمة الصحة العالمية.
بيد أنه منذ العام 2014 بدأ يتقهقر، وبدأت حالات الإصابة تسجل معدلاً مرتفعاً. ففي العام 2019، تخطت البلاد مرحلة الوباء، وتجاوز عدد الإصابات في ثلاث من ولايات دارفور (250) ألف إصابة. أعلى معدل سجل في ولاية جنوب دارفور (110) ألف إصابة، وفي شمال دارفور (103) إصابة، وشرق دارفور سجلت (45) ألف إصابة، وتم تسجيل (13) حالة وفاة لكل (10) آلاف إصابة، أي بمعدل زيادة بنسبة (30 بالمئة) عن العام السابق.
وفي العام 2020، سجل السودان أعلى معدل إصابة في منطقة شرق المتوسط، بنسبة بلغت (46 بالمئة) من مجموع الإصابات في المنطقة.
عقبات وتحديات
وحسب ما نشرته وكالة السودان للأنباء، على لسان وزير الصحة الاتحادي، د. هيثم محمد إبراهيم، فإن البلاد في حاجة إلى نحو (150) مليون دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات لمكافحة الملاريا.
وكان السودان في وقت سابق قد حصل على مبلغ (362٫9) مليون دولار لمكافحة الملاريا، من قبل صندوق الدعم العالمي لمكافحة أمراض الملاريا والدرن والإيدز، إلا أن انتشار جائحة كوفيد-19 أثرت على مكافحة المرض، وأدت لانقطاع الخدمات لنحو (4) أشهر.
في الواقع، لا تزال مكافحة الناقل هي الاستراتيجية الثابتة التي تبني عليها وزارة الصحة خطتها، بجانب توزيع الناموسيات المشبعة على الأفراد والأسر في أكثر المناطق التي تنتشر فيها الملاريا. وذلك ساعد في تغطية (8٫4) من المواطنين في (12) ولاية، بتكلفة بلغت نحو(16٫7) مليون دولار.
وتعرض حوالي نصف سكان العالم للإصابة بالملاريا في عام 2021, فيما لم يعد الكلوروكوين ذا جدوى في العلاج. واعتمد العلاج المركب والمكون أساساً من ارتيميسنين كأنجع دواء وأفضل خيار متاح لمكافحة الملاريا، خاصة النوع الذي يسببه طفيل المتصورة المنجلية، وهو النوع الأكثر انتشاراً في أفريقيا.
ففي العام 2020، بلغت نسبة الإصابة (96 بالمئة) من مجموع الإصابات في العالم.
وواحد من أسباب ارتفاع نسبة الإصابة يعزى للفيضانات الأخيرة التي اجتاحت مناطق متفرقة في البلاد، ووفرت بيئة مواتية لتوالد نواقل الأمراض المنقولة، وفي مقدمتها الملاريا.
الديمقراطي