المدرسة الأميرية بالقضارف ومقاومة الاستعمار في الفترة 44 – 1947م


جعفر خضر
عندما استعمر الإنجليز السودان في العام 1898م كانت الخلاوي تنتشر في أرجاء منطقة القضارف ، إذ كان هذا هو نمط التعليم السائد.
أسس الاستعمار أول مدرسة بمدينة القضارف في العام 1908م ، وهي مدرسة القضارف الأميرية الأولية ، كواحدة من أوائل المدارس في السودان.
لم يتوقف التعليم الحديث عند مدينة القضارف ، فبعد خمس سنوات تأسست مدرسة قلع النحل الأولية المختلطة ، وذلك في العام 1913م بإشراف مفتش المركز الإنجليزي ، وتم بناؤها بالعون الأهلي. وتأسست مدرسة كساب الأولية في العام 1914م . وشهدت تلك الحقبة تأسيس مدرسة الشوك الاولية.
وبعد أكثر من ربع قرن من تأسيس المدرسة الأميرية أسس الاستعمار أول مدرسة بنات، الا وهي مدرسة ديم حمد بنات ، وذلك في العام 1934م. وأضحت هنالك ثلاث مدارس بمدينة القضارف الأميرية والاتحاد وديم حمد.
لا شك أن المدرسة الأميرية قد لعبت دورا كبيرا في تشكيل تاريخ القضارف الحديث ، فقد مضى على تأسيسها 115 عاما وخرجت أكثر من أربعين دفعة في عهد الاستعمار ، وقرابة ضعف هذا العدد في العهد الوطني.
ومن أبرز الذين تلقوا تعليمهم بالمدرسة الأميرية الصحفي محمد الخليفة طه الريفي في العشرينات من القرن الماضي، والشاعر محمد عثمان صالح كجراي ، وغيرهم كثر.
لا تتوفر معلومات تذكر عن المدرسة الأميرية في مواقع الانترنت . وفي محاولة للمساهمة في سد هذا النقص كانت هذه الجلسات ، في ذكرى الاستقلال يناير 2023م ، مع العم عثمان حسين حرسي ، أحد خريجي المدرسة في اربعينات القرن الماضي.
درس حرسي في مدرسة القضارف الاميرية الأولية في الفترة 44 – 1947م .
في تلك الفترة كان كل طالب يدفع للمدرسة ريالا شهريا ، ولكن إذا كان هنالك أشقاء يدفع أكبرهم فقط بينما يدرس الآخرون مجانا . وتوفر المدرسة الكتب والكراسات والحبر وكتب أجزاء القرآن مجانا . لم يكن هنالك زيا موحدا للتلاميذ. ويهتم المعلمون بنظافة تلاميذهم.
درجت المدرسة على تنظيم رحلات إلى المدن او القرى التي بها مدارس : قلع النحل ، الشوك ، كساب. يسافر التلاميذ إليها باللوري ، ويلتقوا برصفائهم في مدارس تلك المدن الصغيرة ، ليتنافسوا معهم في لعبة كرة القدم ، ويقدموا التمثيليات.
كانت المدرسة تنظم احتفالين اثنين سنويا ، في عيد ميلاد الملك جورج السادس وعيد ميلاد الملك فاروق . وتصرف لأي طالب قطعة قماش ، خمس ياردات من الدمورية ، في مناسبة هذين العيدين . وينظم مهرجان كبير يتضمن منافسات شتى: سباق المائة ياردة ، القفز كرة القدم ، لعبة البيضة والملعقة . ويهتف التلاميذ (عاش الملك جورج السادس) و(عاش الملك فاروق الأول) حسب العيد.
وقد عاصرت دفعة عثمان حسين حرسي مفتشين إنجليزيين هما : دنقول وبلفور.
كان المناضل/ سليمان عبدالله سليمان ، من المعلمين الذين درّسوا في المدرسة الأميرية في وقت سابق . كان يأتي إلى المدرسة بقامته الفارعة وجلبابه الأبيض الناصع وعمامته الانيقة وعصاه التي تلازمه، كان سليمان يتسم بالشجاعة ، ويرى حرسي أن أمارات الصلاح تظهر على وجهه .
عندما يأتي سليمان إلى المدرسة كان ينسق مع إدارة المدرسة والمعلمين وتتاح له فرصة التدريس.
يختار سليمان أن يدرس المطالعة لطلاب السنة الرابعة ويعمل على توعية الطلاب بمخاطر الاستعمار . ويحدثهم عن دروس المطالعة المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ، يقول لهم أن درس (طه القرشي مريض) يقصدون به الرسول الكريم ، ودرس (محمد الطماع) يقصدون به النبي صلى الله عليه وسلم ، ودرس (عمر الكذاب) يقصدون به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ويقول لهم أن الإنجليز ظالمين ويريدون أن يحطموا البلاد ، ويثير حماسة الطلاب ليخرجوا في مظاهرة هادرة إلى مقر المفتش الانجليزي ، وهم يهتفون (يسقط الاستعمار) و(عاش كفاح السودان) وعندما يصلوا مقر المفتش يتلو المناضل سليمان مطالب المذكرة ويسلمها للمفتش .
كان طلاب الصف الرابع فقط هم الذين يخرجون في المظاهرة ، دون طلاب السنوات الدنيا.
في إحدى المظاهرات بعد تسليم المذكرة حرك سليمان الموكب تجاه منزل المناضل احمد الياس ، الذي كان مريضا. توقف الطلاب أمام المنزل وهم يهتفون (يسقط الاستعمار) و(عاش كفاح السودان) ودخل سليمان إلى رفيقه أحمد الياس.
لم يكن المعلمون يشاركون في المظاهرات ، لكنهم كانوا يتيحون المدرسة لسليمان عبدالله سليمان ، ربما كان ذلك من قبيل تقسيم الأدوار المطلوب في أزمنة الاستعمار الباطشة.
كان يطلق على المعلم وقتذاك صفة “الشيخ”، وقد بذل أولئك المعلمون ما في وسعهم لتعليم التلاميذ ، في وقت كان التعليم نادرا في سائر البلاد.
معلمو المدرسة الأميرية ٤٤ – ١٩٤٧م :
١/ عثمان العوض ود الككر/ الناظر (خلفه الشيخ أبو القاسم الختام) .
٢/ الشيخ/ ابراهيم عوض الكريم ابو سن/ نائب الناظر .
٣/ الشيخ/ الطيب الامين تخصص في القرآن ويجيد اللغة العربية. كان رجلا حليما وطيبا له طريقة في التسميع يبدأ التلميذ من حيث يتوقف زميله ، مما يؤدي إلى زيادة تركيز وانتباه التلاميذ. من الجمل التي كان يرددها (مهنة الآباء يتخذها الأبناء). كان يسكن فريق البقر (حي النصر لاحقا) .
٤/ الشيخ سلمان
٥/ الشيخ عبد الله الخليفة طه الذي كان ينادي بلازمة (يا صبي) وكانت محببة لتلاميذه.
٦/ الشيخ إدريس محمد إبراهيم
٧/ الشيخ بشير عبد القادر من ديم بكر
إن الشيخ/ أحمد الطيب عبدالحفيظ ، الذي كان معلما بالمدرسة الاميرية ، ترقى في مدارج التعليم إلى أن نقل الى الدويم عميدا لبخت الرضا.
طلاب المدرسة الأميرية ٤٤ – ١٩٤٧م :
إن الله قد حبا عمنا عثمان حسين حرسي بذاكرة قوية ، ربنا يحفظه ويطيل في عمره. وكان حرسي محبا للناس متواصلا معهم في الأفراح والأتراح ، ويسأل عن أخبار الغائبين وأحوالهم ، لذلك استطاع حرسي ان يذكر جميع ابناء دفعته (تقريبا) الذين وصل عددهم إلى قرابة السبعين ، بمن فيهم العائدين من الدفعة السابقة والمنقولين.
شارك معظم هؤلاء الطلاب في مظاهرات العام ١٩٤٧م ، إذ أنهم قد بلغوا الصف الرابع حينذاك. لم يتخلف إلا من توفي أو نقل قبل السنة الرابعة.
سنورد أسماء الطلاب أدناه مع ذكر المهنة التي اتخذوها لاحقا:
عوض محمد عجب الدور / معلم
طه طيفور طاهر / معلم
جلال عبد الدائم بشير حي / معلم
يوهنس ابرها قزها / معلم بالمدارس الإنجيلية.
فاروق عثمان الحسين / معلم
عمر محي الدين شرف الدين / معلم
أحمد بخيت مختار / مكتب التعليم
علي اسماعيل /بروفيسور كلية الزراعة بجامعة الجزيرة
احمد فضل الله احمد / عالم كببر
كرار كشة / دكتور بيطري
عثمان حسين عبد الرحمن / مهندس معماري
عبد المنعم بابكر ابو دبل / مدير بنك
عثمان بلة الحردلو / رئيس حسابات المجلس الشمالي (البطانة)
.عبد الوهاب محمد نصر الدين / البوستة والتلغراف
علي احمد الجاك / البوستة والتلغراف
نجم الدين عمر بخيت / البوستة والتلغراف
عثمان محمد عوض السيد / نائب مدير البنك الزراعي
بابكر مصطفى الرومي / مدير مكتب علي ماقيت
عز الدين النور خميس / لواء بالقوات المسلحة
محمد مصطفى احمد عبد الله / نقيب بالقوات المسلحة
بخيت ابراهيم عبد الله / موظف بأسواق المحاصيل
جلال سعيد حسين / موظف بأسواق المحاصيل
بابكر مصطفى أحمد بدوي / مدير مكتب والي القضارف
عبد الله عباس / مهندس بالاشغال
محمد عبد الرحيم محمد خير شنان / ضابط بالجيش
عبد الرازق عبد الباري الشيخ / أمين مخازن النقل الميكانيكي
السر الشريف / معلن بالميكرفون (دلالات – سينما – مباريات كرة القدم)
عوض الكريم ابو عاقله/ اسواق المحاصيل
عبد الواحد عبد الرحمن حاج علي الكردي / فني سينما “السينما الوطنية”
عثمان حسين حرسي / عسكري جيش ومهن عديدة
حمد محمد حمد ابو سن / قاضي خشم القربة
امين ميخائيل قابريال / ورشة في المنطقة الصناعية
جرجس وديع / مشاريع زراعية
حسن بخيت جيلاني / تاجر ومزارع رئيس المجلس التشريعي ، وعضو لجنة التعليم الأهلي
مكرم جريس / تاجر ومزارع
الشريف/ عبد الباقي الشورابي / شيخ خلاوي
الزين آدم الزين / ناظر الحلاويين
عبد الله حبيب الله / ميكانيكي بالنقل المكانيكي
عبد الرحمن الحاج محمد علي / تاجر ومزارع
دفع الله مكي / أعمال حرة
عبد الوكيل بخيت جيلاني / تاجر ومزارع
محمد حامد محمد عبد الله اسناي / سلاح الإشارة
حسان محمد عمارة / نجار بالمجلس الشمالي
السر محمد علي البربري / جزار
حسن صديق كرجوس / جزار
ابراهيم البلال / تاجر ومزارع
هاشم الشريف أبو كرد / أعمال حرة
سيد الشريف الطاهر / سواق
نوح حسن حاج علي الكردي / تاجر
عبد الغفور حسن حاج علي الكردي / سواق بالصومعة
صلاح عبد المجيد الكردي / أعمال حرة
هاشم علي تركمان / موظف
حامد سلطان / سواق بالمجلس الشمالي
عثمان احمد عوض الكريم كبوشية / تاجر
حسن عمر الجزولي / مزارع جنائن ومربي أبقار
هاشم امام مدلل / يعمل بمدينة خشم القربة
ود حسون / تاجر
محمد بابكر زيدان / تاجر مستلزمات الاعراس
عبد الهادي عبد الرحمن
الحاج عبد الرحمن/ كان خطيبا مفوها، والده يعمل بالسكة حديد وتم نقله
عمر مصطفى السروجي / رحلوا من القضارف مبكرا
عبد الكريم بشير مصطفى / صايغ ورئيس الصياغ
عثمان فضل الله مصطفى / شرطي
عمر خضر خلف الله / استقر في الخرطوم
ادم محمد عيسى (تم نقله من المدرسة)
عثمان محمد عيسى (تم نقله من المدرسة)
احمد علي بابكر / كان يدرس بجامعة الخرطوم وتوفي في حادث حركة
محمود محمد صالح / كان يدرس بجامعة الخرطوم وتوفي في حادث حركة
النعيم مهدي (توفي اثناء الدراسة بالأميرية) .