ستات الشايّ منتديات ، ثورية ، سياسية ، إجتماعية ، ثقافية ، فنية

خليل محمد سليمان
المجتمعات غير القابلة للتطور هي التي ترزح تحت وطأة التنميط ، وإلباس الاشياء ثياب براقة تناسب هوى النفس المثقلة بالتشوهات ، بالبلدي “النفخة الكذابة” .
عندما وصف نصر الدين عبد الباري ان المريسة ضمن ثقافة شعوب قامت الدنيا ولم تقعد..
الثقافات ، والمعتقدات لا تخضع للتصنيف بمعايير الخطأ او الصواب بشكل مطلق ، ما تراه في ثقافتك صحيحاً ربما عند الآخرين مُعيب ، والعكس صحيح.
لطالما لا نُدين بدين واحد ، او تحكمنا ثقافة واحدة فلا احد يجرؤ بتجريم ثقافة ، او ازدراء عادات ، او تقاليد مهما إختلفنا معها.
زرت السودان بعد غياب ، لاكثر من عقدين من الزمان في العام الماضي فوجدت ستات الشاي عبارة عن مؤسسة نعم مؤسسة بمعنى هذه الكلمة.
لم تعد ست الشاي بائعة شاي فقط ، بل اصبحت عبارة عن منتدى يجمع بين السياسة ، والادب ، والفنون ، والثقافة ، وفوق كل ذلك اصبحت ملتقي للفكر الثوري.
اجزم صادقاً ان معظم لقاءاتي إن لم تكن كلها مع الاصدقاء ، والثوار ، والسياسيين ، والمثقفين ، كانت عند ستات الشاي.
جلست مع بعض الاصدقاء مع ست شاي في بري ، حقيقة تقاصرت امامها حين تحدثت عن الثورة ، وإعتصام القيادة ، وبطولات الثوار ، وفخرها بالثورة ، والثوار ، حيث تجاذبت اطراف الحديث مع احد الاصدقاء بأن احد تروس بري الآن في طريقه الي العلاج في القاهرة فأخبرتهم بأنه في طريقه الي المطار الآن.
مُلمة بكل كبيرة ، وصغيرة ، ادهشتني بثقافتها ، ورصانة حديثها عن الثورة ، والتغيير.
ايقنت تماماً ان الحرب التي فرضها النظام البائد علي امهاتنا ، واخواتنا بائعات الشاي لا لشيئ سوى انهم علي يقين ستكون لهذه الشريحة دوراً في الثورة ، وقد كان.
نعم ضرب النظام البائد بنية المجتمع ، وفتته ، ثم افقره.
ليست لدينا اندية او مؤسسات إجتماعية ، او مراكز شباب ، تستوعب طاقاتهم ، يتفاكرون تحت اسقفها ويتبادلون الآراء، و الخبرات ، إلا وقد هُدمت ، وأُفرغت من مضامينها علي قلتها.
عندما تجلس عند ست الشاي تجد كل المجتمع حاضرا ”سياسيين ، فنانيين ، تجار ، طلاب ، عمال ، موظفين .
منذ سنوات عديدة تدخل المخدرات بالحاويات عبر المطارات ، والمواني ، حتي المطارات العسكرية كانت ماخور ، وما فضيحة صافات ، ومديرها ، ببعيدة.
الآن هناك حملة ممنهجة لضرب ثقة المجتمع ، وخفض روحه المعنوية ، وهذا معلوم بالضرورة لطالما ارادوا زوراً ، وبهتاناً إستخدام قضية المخدرات ، والتي هي من صنيعهم ، ومشروعهم الحماري.
الكل يعلم الحرب الشرسة التي قادها النظام في آخر ايامه ضد ستات الشاي لأنهن مثلن احد اضلع الثورة شاء من شاء ، وابى من ابى ، فلم تكن من مساحة في ارض الوطن للقاء الثوار ، والتنسيق ، والتحرك إلا هذه المساحات التي تستغلنها امهاتنا ، واخواتنا ستات الشاي.
الكل شاهد حملة صلاح قوش المسعورة ، ورعبه ، في لملمة ادواتهن ، وتكسيرها ، ما زاد جذوة الثورة في اليوم التالي للحملة ، ما جعله ان ينحني ، راكعاً وكيف جابت عشرات الشاحنات شوارع الخرطوم في توزيع المعدات لستات الشاي ، و إعادة إنتشارهن.
رقصة صلاح قوش الاخيرة لم تجدي نفعاً ، إن كانت للإعتذار ، وتصحيح الخطأ الفادح ، فقد تجاوزها الوقت في حينها ، أما إن كانت فكرته ، وهي الغالبة ان يُدجن هذه المساحات بستات شاي يتبعن لجهازه ، فقد خاب ، وخسر.
كسرة..
في إطار الحملة علي هذه المساحات التي اصبحت متنفساً للسياسة ، والثقافة ، والفنون قادوا حرباً جديدة لطالما كانت عصية عليهم.
قضية المخدرات قضية تهم المجتمع بالدرجة الاولى بعيداً عن الحملة الكيزانية الممنهجة لضرب الروح المعنوية ، والتي نحن احوج إليها من ايّ وقت مضى ، وتعزيز الثقة بين كل شرائح المجتمع.
ظهر في الميديا الكوز صاحب الصورة ، العقيد طبيب طارق الهادي ، ضمن خطة ممنهجة لضرب الروح المعنوية للشعب، ومحاربة كل ما له علاقة بالثورة ، والمستهدف هن ستات الشاي ، هذه الحلقة التي حملت كلمة سر أسألوا منها صلاح قوش ، عنده الخبر اليقين.
ادخلوا المخدرات الي ميدان الإعتصام ، وهذا يعلمه القاصي والداني ، للإساءة للثورة ، والثوار ، فلم يفلحوا.
كسرة ونص..
لماذا اخفى طارق الهادي هويته كضابط ، وظهر كطبيب حتي لم يعرف نفسه في اي مستشفى يعمل إكتفى بطبيب طوارئ فقط؟ .
كسرة ، وتلاتة ارباع..
من متى يخفي الضباط هويتهم .. إن لم يكن لهم غرض ، وغرض هذا الكوز بات معلوماً للجميع.
العقيد طبيب طارق الهادي ، فني مُنسب للدفعة 43 , طبيب المخلوع الخاص ، من اكثر الناس عداءً للثورة ، والثوار ، وطريقته في التهويل ، والتخويف ، وقد ذُكر إسمه في بيت العنكبوت.
أخيراً .. إن لم يخفي صفته لصدقناه ، ولكن يُعتبر صاحب غرض.
سبحانه الذي احيانا لنشهد الكيزان ، وهم يتخلون عن رتبهم ، ووصفهم العسكري.
مرفق صورة للمذكور بالميري..