
هل يا ترى مازالت دار الريح “مشتولة المنقا فيها” وما زالت “لقّادها” تنتج التبش والعجور والكركدي وهل مشرع العاديك ما يزال يعج بالنعم في موسم الصيف حيث تلتقي قبائل دار الريح بكل أريحية ووئام ووفق ذلك النظام الدقيق والعرف الذي يحترمه الجميع ، وهل ما زال المخنزر يقطع الطريق ويحجز اللواري في الخريف ، وهل ما زال وادي الملك يسيل في رحلته الموسمية من أقاصي الغرب حتى يلتقي بالنيل الخالد ، وهل ما زالت الحباري والغزلان ترتاد قوز الحر مع الرشاش ، والقمري “يقوقي” في سواقي بارا والبشيري وأبو قايدة ، وهل مسيد ود كدام لا يزال تتلى فيه آيات الذكر الحكيم زلفاً من الليل وأطراف النهار ، وهل جبل الحرازة ما زال شماخاً يحكي للأجيال اندياح الناس جنوباً عبر الصحاري بعد سقوط ممالك النوبة القديمة؟ وهل يا ترى من الممكن أن نجلس مع ذلكم الرجل الفارس المر علي التوم في أحد مضارب دار الريح وهو يردد:
ما بشوقني الكرسي وقعاد الخملة
وما بشوقني الجيش تبع الدفاع والحملة
أتمنى عقيد قايدة شقتي الشقاق والشملة
ناري تطق وقوافلي تفرغ وتملى
وهل ما زال الناظر أبو قدم يضرب أطنابه في وادي الشٌرّاك وهل سنجد جمعة ود سهل وهو يسرج حصانه متوجهاً للقاء محمد تمساح وعبده عمر قش على أن ينضم إليهم ود الكير والعمدة عبد الماجد وود إسحاق في بارا لمناقشة بعض الأمور المهمة؟ وهل سنسمع الناصر قريب الله يغازل أم بادر بقوله:
أي حظ رزقته في الكمال وأحتوى سره ضمير الرمال
فتناهى إليهك كل جميل قد تناهى إليه كل جمال
وهل يطربنا محمد شريف العباسي وهو يشدو بقوله:
الرهد البقوقي دباسو
ردتو جميعو قمريهو وبلومو وناسو
على بلد البعيد أكتافو من خراسو
دودو بي واندفقن محاجم راسو
أم أن دار الريح قد أصبحت “مسمومة ما بتنشق بلا أم عشرة ورجال مصمومة” بعد كل ذلك الرونق والجمال الذي أشرنا إليه أعلاه؟ وهل من الممكن الآن أن تمشي الظعائن من أقصى دار الريح إلى ديار البديرية وحمر وحتى تخوم بحر العرب دون أن يخشى أحد إلا الله والسرّاق على إبله وسعيته؟ وهل فعلاً تغير الحال في دار الريح التي عرفناها وتحول الوفاق إلى شقاق وتناحر بما كسبت أيدي الناس وبما جره عليها بعض سفهاء أبنائها من استخدام غير قانوني للسلاح بعد الثراء المقتنى من الذهب وتهريب البشر، في ظل غياب الحكمة وهيبة الدولة؟ .
في هذا السياق يشاركنا الأستاذ ميرغني البدوي بما يلي: “يا ود قش كدا بدون ألقاب لأننا من جيل واحد وقدلنا في ربوع دار الريح وبارا في زمن واحد . نشكر لك اهتمامك بالحاصل وما بدأ يطفو علي السطح من بعض تجاوزات علي الأعراف المحكمة للتقاضي وتوزيع فرص سبل العيش بين كل الفرقاء وثوابتها كالماء والكلأ والنار وهي حق كفلته الشريعة الاسلامية كما كفلت حرية الدين . ومن أسباب المشاكل التي بدأت تطرأ علي المنطقة نذكر ما يلي: بدأ الناس يلتفتون للأجناس ، والأعراق ، والانتماءات ، والأقليات. وهنالك التغيير في طرق سبل كسب العيش من الرعوي والزراعي إلي الدهابة والتجار والسماسرة. كما أثر طريق الصادرات وجعل المنطقة دار عبور لكثير من المفيد وغير المفيد ، بل الضار كالمخدرات والسلاح وربما تهريب البشر . ويضاف إلى ذلك العزوف عن التعليم أو إكماله لأسباب ضغط الحالة الاقتصادية وما طرأ علي البعض من موارد جديدة ومغرية وأثرها السلبي علي النشء . الموضوع كله علي بعض يطول شرحه ، وأرجو منك والحادبين علي مصلحة أهل الدار أن يساهم الجميع في إبراز أس المشكلة وايجاد الحلول المناسبة والمستدامة لها”.
إن دار الريح ليست مجرد رقعة جغرافية ، بل هي ذات نسيج اجتماعي متفرد على الرغم مما طرأ عليه من مستجدات عاتية تهدد بتمزقه. وهنا يقول الأستاذ الطاهر إبراهيم الطاهر: “إن دار الريح تعني إدارياً محليتي بارا وسودري الكبرى. وقد كانت بارا سابقاً تجمع كافة القبائل وبها مكاتب الدولة من تعليم وصحة ، وشرطة ، ومحاكم ، وغيرها. وظلت دار الريح، لردح من الزمن ، ذات نسيج اجتماعي مترابط حيث كانت العلاقات الاجتماعية قوية ومستقرة. أما في الوقت الراهن فيبدو أننا بحاجة لإيجاد منظمة مجتمع مدني تضم كل ألوان الطيف في المنطقة من شيوخ للطرق الصوفية وحفظة كتاب الله وأنصار السنة والحكماء والعقلاء من أبناء الدار على أن تقوم بعملها لتسوية النزاعات بالتنسيق مع زعماء الإدارة الأهلية وجهات الحكومية ذات الصلة. وفي هذا الصدد من الضروري إزالة الجفوة بين بعض نظار المنطقة حتى يتحقق الانسجام بينهم من أجل وضع ضوابط صارمة لتحقيق الاستخدام الأمثل للأراضي وموارد المياه وتحديد المناطق الرعوية والزراعية حفاظاً على نسيج دار الريح الاجتماعي”.
هذه الآراء تنسجم تماماً مع ما مقصد هذه الحلقات التي تهدف إلى رتق النسيج الاجتماعي ووحدة الصف ووضع حد للنزاعات في ربوع دار الريح كلها.
الاستاذ ..عمر قش..تحية طيبه … كما ذكرت أم بادر .. والمقدمة عن دار الريح عموما … بخصوص أم بادر .. تغيرت الحوال كثيرآ ..بعد ظهور الدهب وقدوم جيش الدهابه والشركات وأصبح المورد والكلا في مهب الريح اختلط السيانيد بالمورد العذب الذي تغني له الشعراء .. وانحرف الشباب في ظل وفرت المخدرات.. وتدرئ الوضع الأمني كثيييير جدا ..
ولم تستفيد أم بادر غير الشقاق بين أبناء العمومة …
فقدنا التنمية رقم وفرت المال … وبخصوص التعليم فحدث ولا حرج الكل هاجر الي الخرطوم بحثآ تعليم جيد … والخرطوم أصبحت كحال الولايات او اقل ضررا.. اشكرك علي الكلام الطيب واسف للإطاله .. مواطن من أم بادر …