السودان بعد ثلاث ثورات

د. السموءل محمد عثمان
أن يكون هذا حال الشعب السوداني حيث أصبح وقته كله وراء الغذاء والدواء.
كانت الثورة من أجل أن يعيش الناس حياة كريمة .
كانت الثورة حرية سلام وعدالة .
ولكننا اليوم لا نجد الحرية ولا السلام ولا العدالة .
غياب الأمن وربما يصادفك من يسرقك وينهبك أو يقتلك في عز النهار .
شباب البلاد يقتلون في المظاهرات .
أسهل شئ هو قتل الإنسان .
غنى الناس مع وردي
ياشعباً لهبك ثورتك
تلقى مرادك والفي نيتك
لكن متى يلقى هذا الشعب مراده
والفي نيته
وسماء الوطن الما ليه حدود دخان والغاز المسيل للدموع
فهي سماء قاتمة
كانت سماء الوطن صافية
وكان النيل يلمع في الظلام
زي سيف مجوهر بالنجوم من غير نظام
حكامنا يكررون الأخطاء ببراعة بالانقلابات العسكرية وإدخال البلاد في تجارب مريرة .
بتخرج الدبابات تقهقه في الشوارع
تمد لسانها للديمقراطية ودولة المؤسسات
لتقوم دولة الأفراد
بدلاً عن ذلك
ليس في قاموسهم
التداول السلمي للسلطة
يكررون الأخطاء فلا يتركون الشعب يختار كيف يحكم وكيف يعيش .
بل هم الذين يختارون له ذلك ، يكررون الأخطاء في هذه الوصاية .
يكررون الأخطاء في مصادرة الحريات وتكميم الأفواه.
يأتون للحكم يقولون أنهم يريدون رفاهية المواطن ، ولكنهم هم الذين يعذبون ذاك المواطن ليرى الويل منهم.
دولة الجبايات
عندما ترهقك الدولة بالجبايات
أرهق الإستعمار الناس بالضرائب الباهظة
واليوم ترهقنا الدولة بالجبايات
ترهقك بالجبايات في الخدمات
نرى ذلك في الكهرباء
الآن في إستخراج الجواز
يستغلون لهفة الناس للمغادرة
وكل رسوم تدفعها لخدمة
أرقام فلكية
وهذه الشطارة عندهم
يعلنون الزيادة في الرواتب
ثم يأخذون هذه الزيادة باليد الأُخرى مرتين
يتبسمون فيما يفعلون
في المواطن المغلوب هذه البلاد حباها المولى بكل الخيرات
ولكن حكامنا يصعبون على الناس
يستكثرون على المواطن التمتع بموارد بلادهم
تتفنن الدولة في الطريق إلى جيب المواطن
تريد الدولة أن تعالج إخفاقها الاقتصادي
من جيب المواطن
يريدون أن يصبحوا حكاماً ووزراء
دون أن يحققوا شيئاً للدولة وللمواطن
هم حكاما ووزراء
وهذا ماينبغي أن يكون في عرفهم
وهذه الحقيقة الوحيدة التي يعرفونها
ليس لهم خطط ولا سياسات يعبر بها الوطن
كما عبرت كثير من الدول من حولنا
كانوا يخيفونا بالصوملة
أين هي الصومال اليوم
ضيقوا على الناس في معاشهم
يتندرون بذلك في خطبهم
وكأن الأمر لايعنيهم
والأمر كله بيدهم
حياة الناس لاتهمهم
ولكن تهمهم المناصب
ولو تركوا الناس في معاناتهم تلك
دون كلامهم المسيخ هذا
لكان أفضل
سياساتهم الخرقاء
أيقظت القبيلة والجهوية
ومازالوا يصبون الزيت على النار
لمزيداً من الحريق
لايفكرون في إسعاد الناس ، ولكن يبدعون في أن يكرههم الناس .
حال المواطن السوداني من تعب إلى تعب ، مد حبل الصبر لأخر حد ولكن لايرى نتائج لصبره هذا .
المواطن المظلوم
الذي يفترض بماتملكه هذه البلاد من ثروات
أن يكون أكثر سكان العالم رفاهية واستقراراً
الناس لاترى شئ مبشر .
حكامنا يتكلمون في مايعرفون
وفيما لايعرفون
يتخذون القرارات فيما يدركون
وفيما لايدركون
حلم الناس بأن يكون السودان
سلة غذاء العالم
ولكن عجز السودان في أن يطعم نفسه
رغم هذه الخضرة التي تراها مد البصر
وخصوبة الأراضي هذه
ورغم هذه الأمطار
والأنهار التي تفيض
حكامنا يكررون الأخطاء ببراعة في أنهم
لايهتمون بالزراعة
فلم يجعلوا موارد البترول من قبل في التنمية الزراعية
ولم يهتموا بالصناعة ليجعلوا لتلك الزراعة
قيمة مضافة
وتنصرف اهتماماتهم لأشياء أُخرى
أين هي الخطط الطموحة لتدور ماكنات الصناعة
أصدق قول على السودان
في أن الذين بيدهم كل شئ
لايفعلون ولا يعلمون كيف يفعلون
ولا يتركون الذين يعرفون يفعلون
هولاء الشباب الذي استشهدوا ورحلوا عن دنيانا هذه
هولاء المصابين من فقد عينه ومن فقد قدمه ومن فقد يده .
ومن صار عاجزاً على سرير
شئ محزن
يدمي القلب ..
هل تفعل أمة في نفسها كما نفعل نحن
نعطل مواردنا
ونقتل شبابنا
نبحث في قرارنا خارج الوطن
هذا المواطن أقحم في حروب ونزاعات داخلية
ضاق الناس كثير من أهوال الحرب
قتل ونزوح ولجؤ
هجرت المنازل والأراضي
ترك الناس زراعتهم وحيواناتهم
وترك الطلاب مدارسهم وإستولى عليها جنود الحرب
واحترقت القرى
بددت كثير من موارد البلاد
وضاع كثير من الوقت
وعندما يأتي السلام
حكامنا يكررون الأخطاء ببراعة في المساومة لتصبح مطالب إتفاقيات السلام هي أن تصبح وزيراً بل وتختار وزارة بعينها أو أن تصبح حاكماً ، أو أن تصير مديراً في الوزارة التي تريد .
بدلاً من توفير مياه الشرب ومشروعات الإعمار وإحداث التنمية والقضاء على الفقر والمرض في تلك المناطق التي شهدت أهوال الحرب .
بدلاً من إنصاف هولاء الغلابة
يظلموا مرتين بالحرب وبعد الحرب
حكامنا يكررون الأخطاء ليتم تناسخ الحركات وتبلغ هذا الكم.
لانقرأ الدرس جيداً ولا نستفيد من الماضي
هذه البلاد تملك الشباب المؤهلين في كل المجالات
ويتأهبون لبناء هذه البلاد
بالمعرفة والعلم والتخطيط
كما هو الحال في كل الدنيا
ولكن في بلادي تجمد هذه الطاقات
وتعطل هذه السواعد
وهذه المعارف
من المستفيد من هذا ؟! .
أما الفساد في بلادي شئ آخر
ليس له بداية ولانهاية
ازكم الأنوف
عطل المشروعات
وقضى على
الآمال
بدد الموارد على قلتها
لا أحد يعرف السودان
إلى أين
لا أحد يدرى
ولا حد يتصور
ماهو آتي
غير الناس في إيمانها وصبرها
بالمولى سبحانه وتعالى
صار الهم عند معظم الناس
استلام الجواز
والرحيل بعيداً
كل الأمنيات أن تغادر وتتخارج
وإلى أي مكان
ولوتركب الصعب
يا غرق ياجيت حازمها
حتى في أحلام الصغار
صار السفر أمنية
أخيراً
هل مازالت الطيور المهاجرة عن الوطن
ترسل السلام على
نيل بلادنا
وشباب بلادنا
ونخيل بلادنا
وتوصيه بأن يمر على بيت صغير
من بابه ومن شباكه بلمع ألف نور
ليلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير
لحبيب بعيد
هل مازالت تلك اللهفة على الوطن وذاك الحب
هل ضاعت تلك اللهفة
أم أن إيمان الناس بالثورة
وتحقيق ما يصبون إليه
بدولة العدالة والسلام والحرية
سيجعلهم يتغنون
مع أبوعركي
أضحكي
تصحا الكهارب في الشوارع
وينكسر سور الموانع
وتبدا ألاف المزارع والمصانع
أضحكي
بتحضن السفن المراسي ياروائع
لا عليك التاريخ يسجل كل هذا الاحتيال.. البعض يدافع عن مصالحه بكل قوة والبعض الآخر سرق الثورة وطوع مطالبها لما يخدم أهدافه فقط ولسه يحلم بنجدة الشعب له…علينا أن نختار بين السيئين.