اليوم العالمي للتعليم لا صوت للسودان

من الآخر
أسماء محمد جمعة
تحتفل دول العالم هذه الايام باليوم العالمي للتعليم، الذي يوافق الرابع والعشرين من شهر يناير، وهو يوم أقرته الأمم المتحدة لتذكير الحكومات بقيمة التعليم من أجل تحقيق التنمية والرفاهية للشعوب، شعار هذا العام جاء تحت عنوان “إيلاء الأولوية للتعليم كوسيلة للاستثمار في البشر” وذلك من أجل الإبقاء على التعبئة السياسية القوية بخصوص التعليم، ولتمهيد السبيل أمام تحويل الالتزامات والمبادرات العالمية إلى أفعال.
في هذا اليوم خرجت الحكومات تتبارى وهي تتحدث عن مساعيها المستمرة وخططها المستقبلية من أجل تطوير التعليم الذي وضعته ضمن أولوياتها، فجنت ثماره الطيبة، إلا السودان لم يخرج مسئول من الحكومة يقول شيئا، فليس لديها ما يقال لأن التعليم ليس من اولوياتها بل وفي آخر اهتماماتها لا تذكره إلا عرضا من باب أداء الواجب، وكذلك كانت تفعل حكومة النظام المخلوع التي لم تكتف بإهمال التعليم بل اتخذت ضده سياسات مقصودة أدت إلى تدميره، مثل تغيير السلم التعليمي والمناهج من غير دراسة وتدمير المدارس الحكومية لحساب الخاصة وإنشاء جامعات بشكل عشوائي، وأصبح كوادرها يستثمرون في التعليم بشكل غير أخلاقي، والحال الذي وصل اليه التعليم اليوم هو نتيجة طبيعية لما فعله النظام المخلوع.
يمر اليوم العالمي للتعليم على العالم وأغلب دوله عبرت إلى بر الأمان إلا الفاشلة منها مثل السودان، حيث يواجه التعليم مصير مظلم بسبب إستمرار الإهمال المقصود وعدم معالجة الدمار الذي حدث في عهد النظام المخلوع مع غياب الرؤى، حتى الخطوات التي بدأت في ظل الحكومة الانتقالية قضى عليها انقلاب البرهان، وقد ظل السودان في مجال التعليم واحد من اسوأ عشرة دول منذ ثلاثة عقود وحتى الآن، المؤسف حقا هو أنه لا يوجد أمل في خروجه من هذه القائمة مالم تتغير هذه الحكومة ويقفل الباب امام وصول حكومات مشابهة إلى السلطة.
طبعا لا احتاج الى أن اشرح لكم حال التعليم الآن فكلكم شهود والواقع يحكي عن نفسه، هناك 7 ملايين طفل خارج المدارس و12 مليون يواجهون عدم استقرار التعليم بسببب الظروف السياسية، المدارس مدمرة والمناهج لا تلبي متطلبات الراهن ولا تطلعات الأجيال الجديدة والمعلمون يواجهون الإهمال وعدم التقدير، هذا غير معاناة التعليم العالي والبحث العلمي والكثير الكثير، ولهذا لا تحتفل الحكومة أكثر من ثلاثة عقود مع العالم بأية مناسبة تخص التعليم وإن فعلت تفعل على استحياء.
التعليم هو مفتاح التنمية وسر تقدم الشعوب ورفاهيتها، وكل الدول التي تقدمت وحققت لشعوبها الازدهار والرفاهية أولت التعليم اولوية قصوى وظلت متمسكة بإبقائه ضمن الأولويات التي لا يمكن التراخي فيها، فهي تدرك انه اذا تدهور التعليم سيتوقف تقدم الدولة وازدهارها وينهار المجتمع كما يحدث الآن في السودان ودول قليلة أخرى تشبهه.
مأساة السودان هي أنه وقع رهينة لحكومات عسكرية وقادة لا يؤمنون بالتعليم ولا يدركون قيمته، ومن لا يؤمن بالشيء لا يمكن أن يضع له اعتبارا، لذلك لم نسمع البرهان يتحدث يوما عن التعليم بل ولا حتى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، ولا حل لهذه الأزمة الا بالتحرك بقوة من أجل تغيير الواقع السياسي والحصول على حكومة مدنية تؤمن بقيمة التعليم، والذي يؤمن بالشيء يستجيب له الكون.
الديمقراطي