مقالات وآراء

الذكرى الثامنة لرحيل الاستاذ المناضل : سعودى دراج

أمير شاهين

اضاءة عن ود حلتنا الذى صار ايقونة مدينتنا وبطل بلدنا
كلمات الى روح الاستاذ سعودى دراج :
“ن مدينة انجبتك لها الحق ان تفتخر بك ووطن عشت انت فيه وناضلت من اجله لهو  جدير بالحب والتضحية من اجله ”
فى مثل هذا اليوم 30 يناير قبل ثمانية سنوات توفى الاستاذ سعودى دراج ابن مدينة بحرى البار والقائد  والمناضل النقابي العتيد والانسان الراقى الجميل صاحب الشعبية الجارفة  والمحبوب من الجميع حتى الذين كانوا يخالفونه افكاره اليسارية ولا يستسيغونها  .  والمرحوم الاستاذ عبدالله دراج المشهور بسعودى دراج والذى رحل عن دنيانا الفانية فى 30يناير2015م .  كان    شخصية  مرحة جدا تبعث السرور  وتنثر البهجة فى كل مكان يكون هو موجودا به ,  ويدهشك هذا الرجل الدائم الابتسامة والضحك والميال الى المرح وفى بعض المرات الهزل يدهشك بقوة تمسكه بافكاره وقناعاته فهو كان مشهودا له بالصلابة وقوة الارادة والعزيمة فى نضاله ضد كل الانظمة العسكرية الديكتاتورية ابتداء بنظام عبود وانتهاء بحكم البشير والكيزان !  حيث عرفته  معتقلات عبود والنميرى الى البشير , وفى عهد نميرى كانت ايامه فى المعتقلات باكثر منها من ايامه خارج المعتقلات وكان يقول ضاحكا لقد اصبحت الزبون رقم واحد عند ناس الامن ولا يوجد سجن ولامعتقل بطول السودان وعرضه لا اعرفه او نزلت فيه ضيفا مرحبا به من قبل الجميع اصحاب السجن والنزلاء على حد سواء ! وفى هذا الصدد فان هنالك الكثير من القصص والروايات التى تدور اقامة سعودى الطويلة جدا فى المعتقلات , ومن الطرائف بان  اتيام الامن المكلفة بالاعتقال كانوا يعرفونه بطول تردده عليهم وعند الذهاب اليه فى منزله لاعتقاله كانوا يجدونه جاهزا بشنطة اليد الصغيرة التى تحتوى على اغراضه التى يحتاج اليها فى المعتقل وكانوا يلقون عليه التحية قائلين السلام عليكم يا استاذ هل انت جاهز ؟ فيرد عليهم ويقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ايوة جاهز اها المرة دى على وين ؟ وكانوا يتبادلون المجاملات مع بعضهم البعض والاستاذ سعودى كان شخصية فذة لا تملك الا ان تحبه وتعجب به قد تختلف معه فى افكاره السياسية ولكنك تحترمه وقد تكره لونه السياسى ولكنك تحبه فى شخصه , وفى هذا المقال سوف يكون تركيزى على سعودى دراج الانسان الرائع البهيج والذى اهدته مدينته الولود بحرى للسودان بل لكل البشرية جمعاء فى مدينة بحرى الهادئة الوديعة وفى احيائها الشعبية القديمة حيث البيوت متداخلة والعوائل مترابطة وحيث ان الجار  ينطبق عليه تماما  المثل السودانى “جارك القريب ولا ود امك البعيد”  وحيث الجميع يعرفون بعضهم البعض على امتداد الحى او المنطقة  وهكذا كانت علاقتنا بالاستاذ المرحوم سعودى دراج ابن حى الختمية غرب والذى كنا ونحن ومنذ ان تفتحت مداركنا على الدنيا نراه نجما ساطعا وشخصية يحبها الجميع ويسعد ويفرح بلقائها والتمتع بصحبتها .
نشأ بطلنا سعودى دراج وترعرع فى  منزل العائلة وتفتحت مواهبه ومارس رياضة كرة القدم وكان حريفا جدا فيها حتى انه قد لعب مع فريق التحرير وما ادراك ما التحرير فى ذالك الزمن حيث كان يزلزل الارض تحت اقدام الهلال والمريخ .
وقد لا يعرف الكثيرين ان المرحوم سعودى دراج بالاضافة الى الى اجادته لكرة القدم كان فنانا و موسيقيا لا يشق له غبار وكان صاحب صوت جميل وقد ذكر بعض زملاءه فى المعتقل انه كان كلما يشتد عليهم الضيق والتضييق كانوا يجدون العزاء فى غناء سعودى دراج والذى كان يجيد بصورة خاصة ترديد اغانى ابراهيم عوض ولكن يبقى اسهامه الاكبر فى تطوير موسيقى الجاز فى السودان حيث كان عازفا جيدا على الغيتار وشارك مع رواد فن الجاز الرواد فى 1952م مثل عثمان المو وشرحبيل احمد واحمد مرجان فى العزف وتكوين الفرق الاولى ولكن يبدو ان شغفه وولعه بالسياسة كان طاغيا فحرمنا من ابداعات كانت سوف تظل خالدة ابد الدهر , وكان لسعودى علاقات مع نجوم المجتمع فى الفن والرياضة ومن أصدقاؤه  الاعزاء كان المرحوم دكتور عوض دكام احد ظرفاء بحرى المشهورين بنكاته وقفشاته واذكر مرة كنا جالسين مع الاستاذ سعودى لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل فى غرفة الضيوف فى منزلهم بالختمية غرب وذلك قبل انتقاله للسكن فى ديوم بحرى قرب سعد قشرة وهو المنزل الذى توفى فيه وعندها حضر دكتور عوض دكام لنفس الغرض ولك ان تتخيل كم كانت فرحتهم العارمة لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل بلقاء بعضهم البعض وظلوا متماسكين محتضنين بعضهم فى السلام لفترة طويلة جدا مما يدل على عمق العلاقة التى كانت تجمعهما عليهما الرحمة .
وفى العام 1985م ترشح الاستاذ سعودى ممثلا للحزب الشيوعى عن الدائرة 31 بحرى القديمة فى الانتخابات البرلمانية التى اعقبت ثورة ابريل وكان رمزه القندول  وبالرغم من شعبيته الجارفة والزخم الذى رافق حملته الانتخابية والا انه لم يفز  وكان من المدهش فوز مرشح الكيزان والذى لا تربطه بالدائرة اية صلة لا من قريب ولا من بعيد ولم يكن فى الحسبان فوزه فى ظل وجود مرشحين اقوياء من الحزب الاتحادى الديمقراطى وبالطبع فان الكيزان ومنذ ذلك الزمن كانوا خبراء واساتذة فى مثل هذه  الامور !! وكان رد فعل الاستاذ سعودى ساخرا طريفا كالعادة فقد قال ضاحكا ” الحمدلله ان الكيزان لم يخذلونا  ابدا فهذه هى افعالهم فى كل زمان ومكان الى ان تقوم الساعة .
هنالك اشخاص نلتقيهم فى حياتنا ومن اول وهلة يتركون ذلك الاثر الذى يستمر ولا ينقطع ابدا وعندما يرحلون ويغادروننا جسدا لا روحا فاننا لا ننساهم لانهم ببساطة عصيون على النسيان ولا اخال الاستاذ سعودى دراج الا من من هؤلاء . الا رحم الله الاستاذ سعودى دراج واسكنه فسيح جناته.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..