
محمد التجاني عمر قش
طرحت هذه المقاربة على عدد من المختصين وأصحاب التجربة في مجال الحكم المحلي والإدارة وتجاوب مع الطرح عدد منهم مشكورين. الأستاذ مبارك شمو معتمد محلية غرب بارا السابق كان رده كما يلي : “لابد من وقفة تأمل والرجوع لدار الريح القديمة التي نعرفها ونعرف ماحكاه لنا الكبار حيث العهود والمواثيق والأعراف ما بين الإدارات والقبائل واحترام الرأي والرأي الآخر ، وسطوة سلطان الإدارة الأهلية الذي يمنع التفلتات وسفك الدماء وحفظ حقوق الضعفاء والأعراض. أما الآن فنرى دارا غير الدار وشبابا غير الشباب ونساءً غير النساء حتى الإدارة هي ليست الإدارة ، وحسب رأي الشخصي فقد لعبت سياسات الحكومات المتعاقبة دوراً أساسياً في ذلك بسبب تكوينات المجالس المحلية ولجان شعبية نحسبها سحبت الكثير من سلطات الإدارة الأهلية. وعلى الرغم من وجود قانون للإدارة الأهلية يوضح سلطاتها إلا أنني أراه غير مفعل وهذا يرجع للإدارات نفسها إما عن جهل بالقانون أو ضعف في الاختيار. وهنا أعني تحديدا العمد والمشايخ ؛ لأنهم أكثر تواجدا وسط المجتمع ومعنيين بتطبيق القانون بالدرجة الأولى ، وكذلك لعبت السياسة دورها بإشغال الإدارات بالمسائل السياسية حتى نسوا دورهم الأساسي ، ألا وهو المحافظة على السلم المجتمعي.
أما إذا نظرنا لواقعنا الآن وبعد ظهور الذهب فقد تغيرت الحال تماما فأنتشر السلاح وانتشرت المخدرات والثقافات الوافدة بدخول أعداد كبيرة من كل ولايات السودان فعمت الفوضى والظواهر الاجتماعية السالبة. وهنا يكمن دور الإدارة الأهلية القوية والتي نحتاجها وبالقانون ؛ حتى نحفظ ما تبقى من أشلاء دار الريح. ومن أجل ذلك ، لابد من الجلوس على الأرض مع كل مكونات المنطقة من إدارات أهلية وطرق صوفية وحفظة وشباب ومعلمين وتجار ومزارعين ورعاة ومغتربين تحت شعار “نعيدها سيرتها الأولى” وتكوين مجلس للحكماء بصلاحيات وقانون تباركه الحكومة في الولاية لكي يعينها ويعين الإدارات الأهلية حتى نتمكن من العبور بدار الريح التي نتمنى ومن ثم نشدوا جميعاً:
دار الريح تاريها
مشتوله المنقا فيها
نشيل الجوز نسقيها
ونحاحي الطير ما يجيها”
وبالطبع لا يستطيع الإنسان أن يغني ويطرب لقول الحكامات إلا إذا شعر بالأمن والاستقرار ، وهذا لا يتحقق إلا إذا جلس حكماء دار الريح تحت شجرة ظليلة وفرشوا ثوباً واحداً ووضعوا خلافاتهم ومصالحهم الشخصية واجندتهم الضيقة جانباً ونظروا للمستقبل بعيون مفتوحة وقلوب راضية ونيات خالصة. ومن جانبه كتب الأستاذ أحمد آدم سالم قائلا : “للمحافظة على الأمن والسلم والاستقرار المجتمعي تحتاج هذه المنطقة إلى مجموعة من أهل الحل والعقد لتكوين ما نسميه “بمنسقية السلم والأمن المجتمعي بمنطقة دار الريح” شريطة أن تسجل كمنظمة مجتمع مدنى وتضم جميع رجالات الإدارة الأهلية من أمراء ونظار وعمد ومشايخ ، مع رجالات الدين والطرق الصوفية وشيوخ الخلاوي والحفظة من أبناء دار الريح ، يضاف إليهم العلماء والخبراء والمختصون والأعيان والقيادات المجتمعية المؤثرة من أبناء المنطقة . وحتى يكتمل دور هذه المنسقية وتكون فاعلة ومؤثرة لابد أن تبدأ عملها بالاتصال بالجهات الحكومية ولائيا واتحاديا ومطالبتها أن تضطلع بدورها في المحافظة على الأمن والاستقرار واتخاذ جميع الإجراءات المطلوبة من خلال منع وإغلاق أي معسكر للتدريب على السلاح بمنطقة دار الريح ، ومنع أي حركة مسلحة من دخول المنطقة ولابد أن تقوم تلك الجهات بمساعدة المنسقية بتنظيم عملية حمل السلاح وجمع السلاح خارج نطاق القانون. ويجب أن تقوم الجهات المختصة بإلقاء القبض على جميع الذين تسببوا في أحداث الاختلالات الأمنية والقتل بالمنطقة خلال الفترات السابقة وتقديمهم جميعا للمحاكمة ليقول القضاء كلمته. وعلى المنسقية مطالبة السلطات الولائية بترسيم الحدود بين القبائل في منطقة دار الريح استنادا على خرائط مجلسي ريفي الكبابيش وريفي دار حامد التاريخية لمنع الصراعات الحدودية بين القبائل”.
هنالك توافق تام بين هذين الرأيين فيما يتعلق بتلافي الوضع في دار الريح التي باتت مهددة بعوامل كثيرة قد تنسف نسيجها الاجتماعي ولا مخرج لها من هذا المأزق إلا بالعودة للعرف الذي كان سائداً بين مكونات المجتمع ، وتحكيم العقل وتقديم المصلحة العامة على المصالح الفردية أو حتى القبلية. وهنا يبرز دور القيادات الأهلية والمستنيرين من أبناء دار الريح ، من أجل التنسيق مع السلطات المختصة والمعنية على كافة مستويات الحكم، الاتحادي والولائي والمحلي. ولن يكون كل ذلك مفيدا إلا بالابتعاد عن إثارة النعرات عبر وسائط التواصل الاجتماعي خاصة وسط العامة من الناس. ويضيف الأستاذ أحمد آدم سالم قوله: “تحتاج منطقة دار الريح المستقرة أن تعيش في أمن واطمئنان كما كانت من قبل ، وذلك لن يكون ممكناً إذا لم تتضافر الجهود وتتكون القناعات القوية لاستدامة مجتمع آمن ومستقر بمنطقة دار الريح من جميع مكونات المجتمع وقبائله.
ويتطلب ذلك الدور الفاعل من قيادات المنطقة التحرك الجاد لحماية هذه المنطقة والابتعاد بها عن الصراعات القبلية والاختلالات الأمنية”. ولتحقيق هذه التطلعات يعتبر نشر الوعي بضرورة التعايش ونبذ الخلافات والنزاعات ضرورة قصوى وأولية لأهل دار الريح لتظل متماسكة.
اخي محمد التجاني كبف حالك ياريت مارأيت يكتمل ويجلس أهلنا جميعا واتفقوا فزمن الخواجه كنا لا نعرف الا دار حامد ودار الكبابيش ورقم كثرة القبايل المنضويةلكن الناس كانوا اهل ومتابعين لكن يبدو أن الفزعات القبلية كانت ومازالت سبب للخطاب والتفرقة