السمبك ورحلات الضياع !
صوت الحق
الصديق النعيم موسى
كتب صديقي العزيز الأستاذ عوض حسين لالاي مقالاً جميلاً ورائعاً عن ( السمبك ) نترك المساحة اليوم لما سطره :
في الآونة الأخيرة إنتشرت ظاهرة الهجرة الغير شرعية ( السمبك)…. فتزايدت أعداد المهاجرين بشكل كبير … الأمر الذي جعل من الدول المطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط قبلة يأتي إليها الناس من معظم دول القارة السمراء وبعض دول ٱسيا بهدف عبور تلك البحار والمحيطات على متن بالونة منتفخة يطلق عليها إسم ( سمبك)… تتقاذفه الأمواج ؛ وتتربصه الأسماك ؛ وتحفه المخاطر …. لكن ورغم الأهوال التي تكتنف رحلاته والمخاطر التي تحيط به من كل جانب إلا أنه – اي السمبك أصبح هو الخيار الأقرب والوسيلة الأسرع التي ظل يلجأ إليها الحالمين بالخروج من نفق أفريقيا المظلم والهاربين من طغيان أنظمتها الدكتاتورية…..السودان وبحكم موقعه الجغرافي المتميز بحدوده التي تربط دول القرن الافريقي بشمال القارة يعد معبرا رئيساً لأولئك المهاجرين ( ضحايا السمبك) الذين يتم تهريبهم من دولهم برا عن طريق شبكات إجرامية تنشط في تهريب البشر مقابل مبالغ مالية كبيرة على أن يتكفل أفراد تلك الشبكات بكافة مراحل العملية التهريبية بدءا بالتهريب مروراً بعملية الإيواء والانتظار ( التركينة) ختاما بالزج بهم وبأعداد كبيرة في بالونة منتفخة وغير صالحة للإبحار لتبدأ المعاناة ورحلة اللا عودة ………فمنهم من يعبر الى بر الأمان ويحقق أحلامه بالعيش في بلاد تحترم الإنسان … ومنهم من مات دون تحقيق أهدافه……في مثل هذه الأيام فقدنا أصدقاء أعزاء ماتوا غرقاً ……..سائلين المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويعوض شبابهم الجنة ……مادفعني لكتابة هذا المنشور هو الرحلة المجهولة والمغامرة البحرية التي خاضها الاخ الحبيب داود ورتا …..ولعل تأثيرها على نفسي هو ما دفعني لصياغتها في رواية ستنشر قريبا إن شاء الله .نشكر الأخ العزيز عوض حسين لالاي فألهجرة غير الشرعية أمر جدير بالوقوف عنده .
إنِّ الدول من منظور إنتشار الهجرة غير الشرعية تنقسم إلى ثلاثة أنواع دول المنشأ ومن أهمها بلدان إفريقيا و جنوب الصحراء مثل جيبوتي و اريتريا و إثيوبيا و الصومال ، والجزائر ، المغرب و السودان وفي قارة أسيا الهند باكستان و وسيرلانكا ودول المعبر أو الممر و الدول المُستقبله الملاحظ أن العامل المشترك في هذه الدول معاناتها في العديد من المشاكل السياسية و الإجتماعية والجغرافية التي جعلت من أفرادها يفكرون في البحث عن الدول تؤمّن لهم نوع من الإستقرار و العيش بأمان وسلام ، أما عن الدول المقصد فهي الدول الأكثر جاذبية وتطور، ويتمتع مواطنيها بمستويات دخل مرتفعة كدول الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية، بينما دول العبور فهي الدول التي يعبرها المهاجرين و قد تطول أو تقصر مدة إقامتهم ثم يتجمع هؤلاء في أماكن ، و في هذا الأساس يمكن إجمال عوامل إنتشار الهجرة غير الشرعية إلى عوامل مرتبطة بدول المقصد وأُخرى بدول المنبع و تُعد الهجرة غير الشرعية إحدى مشكلات الألفية الجديدة حيث تمحورت أغلبية الدراسات التي تناولت الظاهرة حول الآثار الإقتصادية التي يُشكّل طالبو اللجوء جزءً كبيراً منها مع أنَّ هناك أسباب كثيرة تدفع المهاجر لإتخاذ طريق غير شرعي لمغادرة وطنه الأم خاصة مواطنوا الدول الإفريقية الذين يشكلون النصيب الأكبر في الهجرة غير الشرعية وكما أنَّ هناك أسباب تدفع الأفراد لسلك طريق الهجرة إلاّ أنَّ هناك تداعيات وآثار على الدول المُستقبِلة للمهاجرين .
دوافع وأسباب الهجرة غير الشرعية عوامل الطرد :
الأسباب السياسية والأمنية : تُعد الأسباب السياسية و الأمنية هي أهم العوامل التي تؤدي الى تسارع وتيرة الهجرة غير الشرعية، فأصبحت أعداد كبيرة من الشباب يخاطرون بحياتهم و يتركون ديارهم واهليهم بحثاً عن أوضاع أفضل للعيش ، و هم يعتقدون بوجودها في أرض الحُلم في الضفة الأخرى ، و على الرغم من ان الأسباب السياسية هي من أكثر العوامل الدافعة للهجرة إلاّ أنَّ لديها آثار وتداعيات بالأوضاع التي تعيشها الدول المصدرة بل تتجاوزها الى سياسات الدول المستقبلة التي أدت بطريقة مباشرة او غير مباشرة الى تشجيع الهجرة اليها. حيث تعتبر الحروب و النزاعات الداخلية الناجمة عن الصراعات العرقية أو العقائدية ، و المخاطر التي يتعرض لها المدنيون اثناء الحروب أحد الأسباب التي تجبر الأفراد على النزوح من المناطق غير الآمنة الى أخرى أكثر أمناً وهو ما يُطلق عليه بالهجرة الإضطرارية او اللجوء السياسي وتعتبر منطقة جنوب المتوسط خاصة و إفريقيا بصفة عامة من أهم المناطق المصدّرة والمستقبلة للاجئين بسبب الحروب وعدم الإستقرار الداخلي ، فالقارة السمراء ما تزال تعاني من النزاعات ذات الطابع السياسي مثل النزاعات الحدودية وهي حدود مصطنعة و موضوعة بإرادة خارجية وضعتها القوى الأوروبية خلال العقدين الذين تبعا مؤتمر برلين 1884 ، كما تعرف القارة نزاعات ذات طابع إقتصادي و الصراع على الموارد او قد يكون النزاع ذا طابع عرقي يبدأ داخل دولة ثم يتحول الى نزاعات ما بين الدول كما كان الحال في بحيرة الكونغو، الأمر الذي إستدرج حتى الدول من خارج المنطقة، و مأساة – روندا والبورندي و النتيجة الحتمية لهذه النزاعات عشرات الألاف من المهاجرين غير الشرعيين ، أنَّ معظم الدول المُصدِّرة للمهاجرين غير الشرعيين تواجه ما أدرجه دارسو التنمية السياسية على تسميته ” أزمات التنمية السياسية ” أي تلك الأزمات التي يستلزم تحقيق التنمية السياسية حلها .
صوت أخير :
نواصل بمشيئة الله عن الأزمات التي تدفع المُهاجرين لإتخاذ طريق الهجرة غير الشرعية برغم المخاطر المُترتبة على حياتهم .