مقالات سياسية

الإتفاق الإطاريء ام التغيير الجذري

يوسف السندي

يحفظ التاريخ للسودانيين انهم شكلوا احزابا سياسية في وقت مبكر جدا من تاريخ العمل السياسي في المنطقة وحافظوا عليها حتى اليوم ، اكتسبت هذه الاحزاب خبرات متعددة عبر السنين من خلال مرورها بتجارب متعددة ومتنوعة واجهت في معظمها أنظمة اوتوقراطية ظالمة سعت بكل ما تملك لتكسير وهدم الاحزاب ، كما شهدت الاحزاب أيضا ميلاد ديمقراطيات متعددة لم يسمح لها الانقلابيون بالاستمرار ، ولا يعفي التاريخ بعض هذه الاحزاب من قيادة معارك الانقلاب على الديمقراطية.
الاتفاق الاطاريء يمثل محطة من محطات الدفع والتدافع بين الاحزاب السياسية وما تواجهه من مطبات وعثرات في طريق بناء الديمقراطية واستدامتها.
لن يستطيع هذا الاتفاق الاطاريء ان يبني الديمقراطية وأن ينهض بالسودان لوحده ، كما لا يستطيع اصحابه ان يمنون السودانيين الاماني ، فجل ما يمكن أن يحققه هذا الاتفاق هو ان ينقل سلطة السودان من يد العسكر الى يد المدنيين.
في الجانب الاخر لا يستطيع الجذريين المناوئين للاتفاق الاطاريء ان يمنوا السودانيين بأن اقتلاع العسكر بالشوارع هو الوسيلة الوحيدة لإنجاز الحكم المدني ، فقد جرب الشعب السوداني هذه الطريقة من قبل مع عبود والنميري ، والنتيجة ان الانقلابيين عادوا من جديد. لذلك جل ما يمكن ان يحققه الجذريين هو ان ينقلوا السلطة من يد العسكر الى يد المدنيين.
عليه يتضح أن الوسائل مختلفة والهدف المرجو تحقيقه واحد ، بايهما استطاع السياسيون والجماهير تحقيق الهدف فتلك وسيلة سليمة ، وهذا يغلق باب التخوين والضرب تحت الحزام والخصام غير المبرر بين الفريقين ، ويجعل من هذه الوسائل في حد ذاتها ليست محكا.
المحك الحقيقي لا يكمن في استلام المدنيين للسلطة وانما يكمن بعد ذلك ، يمكن في سؤال السلطة نفسها ، ماذا يفعل من تقلد السلطة؟ ماذا يفعل من هو خارج السلطة؟ وماذا تفعل الجماهير؟
التاريخ يحدثنا بان البلاد انتكست مرات ومرات من المدنية للشمولية لان الذين في السلطة لم يستخدموها بطريقة ديمقراطية ، او الذين خارج السلطة لم يلتزموا بقواعد الديمقراطية ، او لان الجماهير لم تبلغ الوعي الكافي لدعم الديمقراطية والدفاع عنها.
كيف يمكن للسياسيين داخل وخارج السلطة ان يلتزموا بقواعد الديمقراطية؟ سيظل هذا السؤال مؤرقا لكل من ينظر الى مستقبل الحكم في السودان ، ولكل من يعاين هذه التضحيات الضخمة المقدمة من الكوادر السياسية والجماهير في سبيل استعادة الحرية والديمقراطية.
الإجابة على السؤال أعلاه احدي اكبر التحديات التي تواجه الاتفاق الاطاريء او التغيير الجذري او أي صفة تغيير يؤمن بها السياسيون وتتبعها الجماهير.
نناقش في مقالات قادمة الإجابات الموضوعية على هذا السؤال.

تعليق واحد

  1. طيب أين خبرة الأحزاب في العمل السياسي طالما أنك وصلت لهذه النتيجة.. خبرتهم فقط في العمل التكتيكي لمصلحتهم الشخصية او الحزبية دون المصلحة الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..