من يحكم السودان

يوسف عيسى عبدالكريم
طالعتنا الاخبار الواردة من الخرطوم في اليومين السابقين بخبر يعكس عمق التعقيد والازمة التي بات يعاني منها الداخل السوداني لدرجة تأثيرها بوضوح على السياسة الخارجية للبلاد. حيث أوردت الانباء الرسمية عن قيام السيد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان بزيارة رسمية الى دولة تشاد في يوم الاحد 29-01-2023م استغرقت يوم يوم واحد تلبية لدعوة مقدمة من الرئيس التشادي محمد ادريس ديبي وقد رافق البرهان في زيارته وزير الخارجية علي الصادق والمدير العام لجهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية محمد علي أحمد صبير. وقد أجرى البرهان والرئيس التشاد محمد ديبي مباحثات ، ركزت على القضايا الأمنية والحدود ومكافحة الإرهاب وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الشعبين الشقيقين حسب ما أوردت وكالة سونا للأنباء ومعظم القنوات الإخبارية .
وبعد عودة البرهان الي البلاد توجه نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو بزيارة مماثلة لدولة تشاد أيضا في يوم الاثنين 30-01-2023م حيث أجرى محادثات ناجحة مع الرئيس محمد ديبي وفقا لتصريحات السفير عبد العزيز حسن صالح مدير إدارة دول الجوار بوزارة الخارجية مبيناً أن المباحثات التي أجراها حميدتي مع الرئيس محمد ديبي تركزت حول تطورات الأوضاع الإقليمية ، والتعاون الثنائي في ملفات الحدود والقبائل المشتركة الى جانب القضايا الأمنية ، وملفات الإرهاب .وقد ورافق حميدتي في زيارته بالإضافة لمسؤول دول الجوار في وزارة الخارجية مدير هيئة المخابرات الخارجية بجهاز المخابرات العامة عباس محمد بخيت.
وفي محاولة لتحليل فحوى الخبر فسنعود الى الوراء قليلا حيث ان الاخبار قد أفادت بان الرئيس التشادي كان قد أرسل في 21-01-2023م مبعوثه الخاص للخرطوم حيث التقى المبعوث البرهان وحميدتي كل على حدة (ويجب ان نضع خط احمر تحت هذه العبارة على حدة لأنها تحمل تساؤلات كثيرة) وسلمهما رسائل من الرئيس محمد ديبي. وهذا يعكس النظرة المزدوجة التي باتت دول الجوار الإقليمي تنظر بها للدولة السودانية الحالية حيث يرى المراقبون ان الدولة الان يحكمها رئيسين كل واحد منهما لديه نفوذه وسلطته في الداخل السوداني وبالتالي رؤيته وتأثيره في السياسة الخارجية للسودان والتي يصعب تجاوزها وحيث بات من الواجب التعامل معها والاستماع اليها . وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة تكرر هذا الحدث في اكثر من مرة وان تباعدت بينهما التواريخ .حيث زار البرهان جوبا وعقبته زيارة حميدتي وزار البرهان اثيوبيا وعقبته زيارة حميدتي لأديس اببا وليست زيارة الرجلين كل على حدا لكينيا ببعيدة .مما يؤكد الفرضية التي ذهبنا اليها في التباين والتعقيد الذي بات يحكم العلاقة بين الرجلين لدرجة عدم قدرتهما على توحيد رؤيتهما في الملفات الخارجية مع دول الجوار . ولا يمكن ان نتجاوز الهدر في الانفاق الحكومي الذي بات يثقل كاهل اقتصاد البلاد نتيجة لمثل هذه التصرفات الغير مسؤولة من الرجلين على المستوى الخارجي حيث كان من الممكن ان يقوم احداهما بالتمثيل الرسمي ومناقشة رؤية الدولة السودانية لكافة الملفات المطروحة في هذا التوقيت الاقتصادي الصعب بالبلاد والمتجلي في الأوضاع المعيشية الضنكة والإضرابات المنتشرة عبر البلاد من اضراب للمعلمين وعمال الكهرباء ومياه المدن والأطباء والقائمة الطويلة.
كما ان هذه الزيارة كشفت لاي مدى بات الرجلان لا يعيران أي اهتمام للمظهر الرسمي الخارجي للدولة السودانية بناءا على ما تم تداوله من تحليلات المراقبين للأوضاع في السودان حيث عمقت هذه الزيارة فكرة الانقسام والصراع بين الرجلين وبات في حكم المؤكد ان السودان به رئيسان كل يحكم حسب نفوذه وسلطته ولا يستطيع احدهما التحكم في قرار الاخر وبالتالي لا يوجد صانع قرار واحد في الدولة السودانية حيث أشار مقال في الافرو نيوز 24 لهذه الزيارة بتساؤل (هل الأمر خطير لهذا الحد بأن يقوم رئيسي الدولة في السودان بهاتين الزيارتين وفي هذا التوقيت؟) ولاحظ ان كاتب المقال أشار الى الرجلين بعبارة رئيسي الدولة وليس رئيس الدولة ونائبه . ولك ان تتخيل مقدار التعقيد الذي سيكون لدى صانع القرار في دول الجوار والاقليم في التعامل مع الملف السوداني كما لا يفوتنا الحرج الذي وقعت فيه الخارجية السودانية اذا كانت هناك حكومة مسؤولة تهتم .
والاسئلة التي تطرح نفسها بقوة هي :
لماذا لم يقم احدهم بالتمثيل الرسمي او كلاهما معا.
من منهما الذي يمسك بأكبر قدر من السلطة في الداخل .
لاي مدى ستستمر معركة كسر العظام بينهما
من منهما الذي سيفوز ويستطيع القضاء على الاخر
كيف ومتى ستكون الضربة القاضية القادمة .
سيفوز حميدتى لان ضد الاسلاميين الزى هم اعداء للغرب ويدعم سباستهم فى غرب افريقيا ولحلفه مع السعوديه والامارات ولعلاقته مع اسرائيل فى حرب اليمن ولقوته العسكريه وبعد زلك سيكون من السهل التخلص منه بعد ان يستنفز الغرض منه وبعد استنزافه بشراء مزيد من الاسلحه والعتاد اما البرهان قربه من الاسلاميين وضعف امكانياته السياسيه والضغوط الاقتصاديه واتهامه بقتل المتظاهرين سيعجل برحيله وبعده سيحل محله من هو موالى للغرب منفزا لاستراتيجياته ومطيعا لاوامره رئيسا
الصديق سوداني .شكرا على التعليق و المشاركة في الإجابة على الأسئلة المطروحة في المقال. اجابتك منطقية بالنسبة للحالة الراهنة وتمدد قوات الدعم السريع وتحالفاتها في المنطقة. ولكن ربما تتفق معي انه لتنفيذ ذلك يتعين على حميدتي الابتعاد من الملف الروسي و قوات فاغنر المنتشرة في افريقيا والمتهم حميدتي بتقديم الدعم اللوجستي لها . لان المشروع الأمريكي يتقاطع مع المشروع الروسي في افريقيا.