(الخرطوم).. نُذر كارثة صحية وشيكة

* أسواق تغرق في مياه الصرف الصحي، ومحال تجارية تشكو تراكم النفايات
* أصحاب محال تجارية: نسدد رسوم النفايات مقابل لا شيء
* ملاحظ صحة: فوضى الأسواق تنذر بكارثة صحية وشيكة
أن تتصالح الدولة مع الأوضاع الصحية الحرجة التي تعيشها الخرطوم يعني أن صحة المواطن يتهددها الخطر، فالمساحة المغطاة بالقازورات والمياه ذات الروائح النتنة تشكل ربع المساحة الكلية للأسواق التي حاصرت قلب العاصمة، مساحات أخرى شكلت جبال من الأوساخ حتى كادت أن تحول دون رؤية كثير من البنايات التاريخية، كثير من التناقضات أصبحت سمة بارزة تكشف عن التجاهل المعتمد لحكومة الخرطوم التي بدت مشغولة بحركة الثوار وكيفية صدهم بتلك الوسائل والأدوات القمعية التي زادت من طين العاصمة (المبلولة ) بمياه الصرف الصحي بلة، الغاز المسيل للدموع ضاعف من معاناة العاملين بقلب العاصمة حتى صارت الخرطوم منطقة محظورة وممنوعة لمرضى الجيوب الأنفية وكل من يعاني من أمراض الجهاز التنفسي.
الجريدة ـ عبدالرحمن حنين
أطعمة على رصيف غارق في الوحل
أكوام من الخضروات والفاكهة يتم عرضها على قارعة الطريق الغارق في مستنقعات مياه الصرف الصحي، الجوالات المُبللة التي يتخذها صاحب المحل التجاري العشوائي معرضا لبضاعته، كثيرا ما تطالها الأتربة الملوثة والحاملة لكثير من الأمراض الفتاكة المهددة لحياة الانسان هذا عطفا على كونها تشكل عائقا أمام حركة المارة، وتمدد فريشة الأطعمة بكل أسواق العاصمة. يقول المواطن محمود نورالدين أن ظروفه الاقتصادية دفعته الى ممارسة بيع الأطعمة من خضروات وفاكهة وعرضها على المواطنين بهذه الطريقة التي أقرّ بأنها تقليدية وضارة بصحة المواطن، وأردف أنا ومجموعة من زملاء المهنة بالسوق نأكل وجباتنا من ذات الأطعمة المفروشة بعد غسلها جيداً، ومضى الحكومة ما عندها شغلة بالنظافة رغم أنها تتحصل على رسوم بشكل راتب سواء من الفريشة أو أصحاب المحال التجارية الثابتة، المسألة أصبحت فوضى، الكل يريد أن يأكل ويشرب دون أنتباه من الدولة، نحن الآن محاصرين بمياه الصرف الصحي ولكن لا حيلة لنا إلا بمواصلة عرض البضاعة وممارسة نشاطنا التجاري .
جبال من النفايات
عدد من التجار بسوق جاكسون أبدوا امتعاضهم من تراكم الأوساخ أمام محالهم التجارية، وأوضح مرتضى موسى أن غياب الرقابة على الأسواق يكشف عنها تراكم الأوساخ الماثلة أمامك، وقال نحن ندفع رسوم النفايات بشكل ثابت كما أننا نقوم بحمل النفايات من أمام محلاتنا التجارية داخل جوالات ومن ثم نضعها على (ضهرية) السيارة لرميها بعيدا على أقرب حاوية نفايات على طريقنا ، ومضى المحلية لاهم لديها غير تحصيل الرسوم، والتي تتعذر بصعوبة دخول العربة الى وسط السوق، نحن نعاني بشدة من تراكم الأوساخ وكذلك نعاني من تمدد البيع العشوائي الذي ظلت تمارسه شرائح عديدة من الفريشة أمام محالنا التجارية، نحن لسنا ضد التكسب الحلال ولكن تقل نسبة القوة الشرائية عندنا عندما يعرض البائع المتجول ذات الصنف من البضاعة أمام محلنا التجاري.
دوريات الكشة
التاجر حاج السر يرى أن استمرار حملات التفتيش الدورية والمنعية من الضرورة بمكان، وقال هناك فريشة يتغولون على مساحتك التجارية بعرض بضاعته وعندما تجادله يستل سكينه ويدخل معك في عراك قد تدفع حياتك ثمنا له، وأردف تنظيم الأسواق مسؤولية الدولة في المقام الأول، وهذه مسألة ظلت غائبة ما أدي الى تمدد البيع العشوائي بمختلف أنواعه مما شكل ضغطا وازدحاما على كثير من الأسواق، وتابع هنالك كثير من الظواهر السالبة التي كان بمقدور السلطات أن تحد منها، على سبيل المثال لماذا لم تسارع المحلية في معالجة أوضاع الأسواق بمنح الشرائح الضعيفة محال تجارية خاصة بهم بدلا من استخدام الارض لفرش بضاعهم خاصة المأكولات من فاكهة وخضروات؟ كل تلك المطلوبات الضرورية من مهام السلطات، ليس من الضرورة أن يتم منحهم مواقع بذات المنطقة، هنالك ميادين ومساحات فارغة يمكن تخصيصها للفريشة وذلك بعد إجراء مسوحات اجتماعية شاملة لكل من يرغب في التمليك، ومضى الحكاية أصبحت (حكم قرقوش)، تتحصل الحكومة رسوم الخدمة ولكن بالمقابل لا توجد خدمة.
مهام ملاحظ الصحة
محمد جبريل مكين ملاحظ الصحة رمى باللائمة على الدولة وحملها مسؤولية التردي البيئي الذي ظلت تشهده الأسواق من تراكم للأوساخ وتدفق مياه الصرف الصحي، وقال أن عدد كبير من المطاعم التي تحاصرها مياه الصرف الصحي يجب أن تغلق الى حين معالجة الخلل، وأردف كما يجب أن تصادر السلطات كل الأطعمة والمأكولات التي يتم عرضها على المواطن دون أن يكون صاحبها حاملاً للكرت الصحي بجانب ضرورة أن يكون صاحب المطعم أو البقالة أن يتمتع بقدر من النظافة الشخصية، كما يجب أن يكون الموقع المستهدف نظيفا بشكل ثابت، وتابع الذي يحدث بالأسواق هو قمة الفوضى والعشوائية وهذا ينذر بكارثة صحية محتملة، والشاهد تفشي كثير من الأمراض الخاصة بالجهاز الهضمي والمتمثلة في الإسهالات المائية والتيفويد وغيرها من الأمراض التي لديها علاقة مباشرة بالمأكولات والمشروبات.
الحكومة الإنقلابية أهملت كثير من الملفات لكن تظل قضية التردي البيئي من أخطر القضايا التي ظلت تؤرق المواطن دون أن تسارع حكومة الخرطوم في وضع الحلول والمعالجات اللازمة، تجاهل الجهات المسؤولة جعل العاصمة الخرطوم محاصرة بجبال من الأوساخ عطفا على تمدد ظاهرة الإنفجارات المتلاحقة للصرف الصحي حتى غدت الخرطوم عائمة في بركة من المياه الآسنة والشاهد أن كثير من الأمكنة صارت غارقة في مستنقعات وبرك تُعيق الحركة، يحدث كل ذلك بينما حكومة الولاية ظلت تغمض عينيها.
الجريدة