الاتفاق الاطارى مجازفة عبثية لا تلبى مطالب شعوب السودان

محمد يوسف وردي
كنت قد وقعت على بيان للصحفيين والاعلاميين مؤيد للاتفاق الإطاري رغبة فى تلمس الكيفية التى ستتعامل بها القوى السودانية وعلى رأسها قحت – رغم علمى التام بأن أيدى قحت المرتعشة لن تصنع شيئا مفيدا للسودانيين ,ورغم إدراكي بأن محتوى الاتفاق مجرد تهويش لاننى لن اجد فيه ما اريده متمثلا فى طرد الاسلام من الحياة السياسية ومنح شعوب السودان الحق فى تقرير المصير – مع الرافعة الدولية وتعهد الجنرال عبد الفتاح البرهان الغير مألوف والخاص بخروج الجيش من السياسة كعاملين من شانهما أن يوفرا حافزا يساعد الاحزاب السودانية على ايجاد وضع يسمح لها بادارة رشيدة للخلافات ويعالج ضعف القدرة على الحوار والبناء المثمر لديها. لكن يبدو ان أزمة هذه الاحزاب أعمق مما كنا نتصور بدليل تهافت أدائها فى هذه اللجظة البالغة الدقة من تاريخ السودان .هذه الأحزاب عاجزة عن المبادرة والفعل المؤثر ولذلك هى أضعف من أن تحمل على كاهلها مهمة خلق مناخ وحدوى يقود الجميع للوصول لقناعة ذاتية بان هناك ضرورة لوضع الخلافات الشخصية جانبا وامعان النظر فى مصلحة البلاد بدلا عن ردود الافعال المتشنجة وحوار الدجاجة قبل البيضة.
لقد راينا نفاق هذه الاحزاب الضعيفة والهشة ابان ثورة ديسمبر فبينما كانت قياداتها تستاثر بالراحة فى البيوت كان الشباب عمليا يقدمون التضحيات ,فى وقت لم يتوقف فيه سعى هذه الاحزاب نحو التسوية حيث ظلت فى حالة بحث دائم للخروح من أزمتها الخاصة . تنسى أحزاب قحت انها كانت مجرد كومبارس للشارع الذى يحرسه الشباب المصر على رؤيته التى يقاتل من أجلها. ومن الطبيعى ان يرفض الشباب نزوع قحت للحل القائم على ثوابت مشروعة فى الشارع . لقد خربت الاحزاب كل الفترات الانتقالية بتشبثها بالمصالح وهاهى تكرر الأخطاء ( راجع تقييم قحت لأدائها بواسطة احدى الصحف ) .هذا عن الاحزاب , اما عن شبكات المصالح الجديدة فحدث ولا حرج ويكفى ان
العجز والاحباط السياسى الذى تراكم خلال الاربعة سنوات الماضية دفع بالبعض لتسول المناصب العامة, ويتصدر طلاب الوظائف هؤلاء قائمة الانتهازيين المتطلعين لكلفتة اية تسوية تخون الشباب .
وعلى الرغم من توجس البعض من امكانية تحول الرافعة الدولية الى حرب بالوكالة داخل الاراضى السودانية وتحول تعهد البرهان الى انقلاب , لا يمكن وصف ردود افعال الاحزاب نحوهما الا ببرود الاعصاب .. لقد اذهل السودانيون العالم عندما نزلوا الى الشارع متحدين فى ثورة ديسمبر وكان ينبغى ان تظهر اليوم للمجتمع الدولى وحدتك وجديتك . لا يمكن ان تعيش وسط انقسام يتمدد فى صفوفك وتدع البرهان يستثمر فيها.
ويستفيد منها , كان الاولى ان يتجاوز كل فصيل من جماعة قحت خط الحزب ويجلس مع الشباب لخلق اصطفاف جديد ينتج عنه رؤية واضحة منسجمة تعبر عن غالبية السودانيين تتفق على ابعاد القبيلة والنزعة الجهوية عن السياسة اسوة بخروج الجيش من السياسة , وتخترق معا جدار الانقسام .
لكنها اختارت بدلا عن ردع الوحش الذى يقتل الشباب تسعى قحت لرفد البرهان بديكور سياسى يتزين به .
ويظل من الصعب تصور امكان تحقيق تسوية عادلة ودائمة فى السودان على عكس التوقعات التى اقترنت بالاتفاق الاطارى والتى تبدو فى احسن الاحوال بعيدة عن الواقع .وعلى سبيل المثال هب انهم انجزوا اتفاقا جديدا لكن غير مكتمل من الوارد أن يرفض البنك الدولى
الدخول فى مفاوضات جادة مع السودان بدعوى ان جزء من السودانيين لايزال معارضا.
ان الضجة الاعلامية التى تقودها قحت من منظور انانى – ومبالغتها فى حشد الجماعات السودانية رغم علمها بأنه مهما وقع الناس فان الاتفاق ليس نهائيا وليس هنالك ضمانات على أنه سيقود الى حل اصلا – استهزاء بالشباب
الذى يحمل افكارا جديدة زخمها اكثر اتساعا من الاحزاب. تتجاهل قحت اصحاب المصالح الحقيقية المرتبطين بالشارع وتحتفل بتوقيع جهات مجهولة على الاطارى وكأنها تريد دفع هؤلاء الشباب نجو العزلة والتطرف والياس ولكن هيهات
ثم ان قحت كاذبة عندما تقول انها تسعى لوحدة السودانيين بينما الحقيقة أنها لا تضع اعتبارا للجان المقاومة وليس لديها حتى استعداد لادخال اجزاء من مبادئهم وتصوراتهم فى صلب الاتفاق .والأدهى ان قوى قحت تتصرف وكأنها نالت ثقة الشعب وحازت على الأغلبية الساحقة فى الانتخابات قى حين أن بعض أحزابها لا تتعدى قاعدتها حمولة ثلاثة من بصات أبو عامر.
وتتجاهل قحت بديهيات الديمقراطية التعددية وهى الاعتراف بأن من حق أي طرف أن تكون لديه وحهة نظر جديرة بالاحترام لأنها تمثل جزءا من التركيبة السودانية وبالتالى يجب افساح المجال امام الجميع باستثناء الكيزان لكى يعبروا عن رأيهم .
ان قحت ومن خلفها طلاب المناصب يضيعون الفرصة على السودان بانانيتهم وانتهازيتهم وخطابهم الاستعلائي الذى ينضح فى جانب منه بالمهاترات والإساءات الشخصية .كان الأولى ان تقدم قحت التنازلات وان تهيئ المجال لكى يأتي الجميع فى مؤتمر صحفى للقول بأنهم من اجل انقاذ البلاد وللحفاظ على مكتسبات الثورة -بالذات الاقتصادية -ومن ضمنها الوصول لتفاهمات حول الأولويات مع قوى الثورة كلها,واعترافا بتضحيات الشباب وادراكا بان اعلان الجيش الخروج من السياسة شى جديد ومهم نعلن وحدة قوى الثورة.
اما حديث قحت بان النقص فى الاتفاق سيتم ادراكه لاحقا بعد تكوين الحكومة فهو تعمية مقصودة هدفها تقديم هدية مجانية للبرهان ربما فى سياق تربيطات بينهما لا يعرف الشعب كنهها.
الحقيقة الصارخة فى تاريخ الحكومات المدنية المنتخبة انها لم تشهد استقرارا, هذه الحقيقة اصبحت اكثر وضوحا الان من اى وقت مضى فى تاريخ السودان بعد انقلاب البرهان على الحكم المدنى الانتقالى ماقبل الانتخابات .فمن أين ستضمن هذه الاحزاب الفاشلة بأن الحكومة التى ستاتى بعد الانتخابات ستكون مؤمنة ضد الانقلابات ؟ مثل هذه القضايا تتطلب إجماعا سياسيا واجتماعيا من كل الفصائل السودانية .وعليه حتى لو ادى الاتفاق لتشكيل حكومة مدنية ثم اقاموا الانتخابات لكن لاتزال لديك الحركات المسلحة والحلو وعبد الواحد ولجان المقاومة والشباب , هذا كله يعنى ان الحكومة التى ستأتى بعد الانتخابات لن تكون مستقرة.
لقد عجزت قحت عن تطمين أصحاب المصالح الاقليمية والدولية بأن مصالحهم فى السودان ستكون محمية تحت الحكم المدنى .وبنفس المستوى لا تستطيع قحت أن تقنع القوى الدولية بانها يمكن ان تنال ثقتها وتتولى كل الملفات الامنية والاستخبارية بما فيها الحرب على الإرهاب فى وقت يواجه فيه حتى رؤساء امريكا تحقيقا فيما يتعلق بحفظ الوثائق السرية. لكن الخوف الاكبر هو ان ياتى يوم تجد فيه قحت المجتمع الدولى أكثر اهتماما باستعادة الامن فى السودان اكثر من اهتمامه بالحقوق الديمقراطية لشعوبه.
ينبغى النظر الى الشباب استراتيجيا كقوة ضغط ضد المدنيين والعسكريين
باعتبارهم الاكثر معرفة بمسببات الفشل الجماعى للسودانيين .ولو حدث تنسيق بين المدنيين والشباب سيكون ذلك مفيدا للعملية السياسية .
وفى حقيقة الامر واضح ان الاحزاب تبغض الشباب بسبب اطاحتهم بمصالحها . لا تريد هذه الاحزاب التفريط فى مصالحها حتى لو أدى ذلك لتخريب الفنرة الانتقالية وهو نفس الشئ الذى حدث فى الفترات الانتقالية السابقة منذ الخمسينات وربما يفسر ذلك لماذا تسمى الأحزاب تحركها تكتيكات وفى تفس الوقت تنتقد الشباب الذى يملك مناوراته الخاصة. .الشباب الثورى مؤمن بمبادئ الثورة التى تدمر الاشرار ومؤسساتهم الضارة وتصرب مصالحهم .
للاسباب اعلاه وغيرها يبدو الاتفاق الاطارى بالنسبة لى مجازفة عبثية .
وفى ظل فقدان الاحزاب الاتجاه وتصاعد التطورات راسيا وقاعديا.
ليس أمام السودانيين سوى التشبث بالأمل حتى ولو كان غامضا وليسمحوا للشباب بتوسيع دائرة حراكهم نحو الريف لكى يوحدوا انفسهم ويخلقوا واقعا جديدا يصيغ موقفا ضاغطا يؤدى لتحقيق تسوية تلبى تطلعاتهم ، وعليه أسحب اسمى من تلك القائمة الى أن يأت اتفاق أكثر شمولا ، ويكون مدخلا مناسبا لتسوية يرضى بها جميع اهل السودان ماعدا الكيزان ، هذا مع أسفى الشديد واعتذاري لأساتذتنا الذين زينت أسماؤهم تلك القائمة !!!
(متمثلا فى طرد الاسلام من الحياة السياسية) تأدب في كلامك حتى يسمع لك.
أولا من نتصف مقالك أقول كل كلامك عن قحت صحيح مية في المية
ولكن قل لي بربك وهذه نظرتك غير الديموقراطية التي تنعيها على قحت – في حين إنو قحت لا يفترض بها في هذه المرحلة العمل بالديمقراطية ولا شئ غير الثورية الشرعية المستمدة من الشباب وثورتهم ومقاومتهم وذلك إذا سمحت لجان المقاومة بتوليهم أي حكومة مدنية انتقالية – وفي هذه المرحلة كيف جاز لك أن تقول إنك زاهد في بروبغاندا الاتفاق الاطاري لأن (محتوى الاتفاق مجرد تهويش لاننى لن اجد فيه ما اريده متمثلا فى طرد الاسلام من الحياة السياسية ومنح شعوب السودان الحق فى تقرير المصير)؟؟؟
ما علاقة قحت بالاسلام تثبيته أو طرده وكما في اتفاق سياسي؟ لعلك تقصد الإسلامويين اللي كانوا الحزب الساقط البائد؟ خلاف ذلك فلا حق ولا تفويض لأية جهة تمتطي الحكومة الإنتقالية موعود العسكر بأكثر من إلغاء كافة قوانين النظام البائد (الإسلامية) أو بالأحرى بنصوص مدنية كما كان الوضع قبل قوانين سبتمر 83 ليعمل بها الفترة الانتقالية وتسليم هذا الوضع للحومات المنتخبة لتقرر فيه بعد استفتاء الشعب على الدستور إذا كان الدستور المجاز يسمح بذلك. أما الديمقراطية فلا يطبق منها إلا حقوق الانسان من حرية الرأي والتعبير والمجاهرة بذلك في تجمعات ومسيرات سلمية فلا قمع إلا لمن استهدف المرحلة نفسها. وكذلك حق المساواة في كل شئ .
وتكون الحكومة المدنية الانتقالية في انفاذ الأهداف الثورية وأولها تفكيك النظام البائد “جذريا” وذلك بعزل كافة الموظفي المدنيين والعسكريين والقانونيين والتنفيذيين الذين زرعهم النظام البائد في مؤسسات ومفاصل الدولة وإعادة من يصلح من المفصولين للصالح الخاص بالاسلامويين – واسترداد كافة الأموال العامة المنهوبة وإصلاح كافة مؤسسات الدولة القضائية والقانونية والعسكرية والادارية والتنفيذية واسترداد ولاية المال للحكومة المدنية وتوجيهه إلى واجبات الدولة في التعليم والعلاج المجاني وتأهيل المشاريع التنموية. وفي نهاية المطاف العمل على التحضير للمؤتمر الدستوري لوضع مسودة الدستور الذي يحكم الحكومات المنتخبة مع إمكان تعديله بأغلبية الثلثين أو باستفتاء عام – مثلاً رأت الأغلبية في البرلمان على جعل الدين – أي دين – هو المصدر التشريعي فعليها اقتراح ذلك على البرلمان لإجازته بأغلبية الثلثين أو الاستفتاء العام على تعديل الدستور.
فالحكومة الانتقالية غير مطالبة بغير تنفيذ أهداف الثورة في هذه المرحلة وليس عليها تقاسم هذه الفترة مع أية جهة لم ترتضي أو توقع على الإطاري وأهدافه المضمنة فيه – ومافي حاجة اسمها ديمقراطية المشاركة فيها من كيانات جوبا وخلافها ما لم يوقعوا على الإطاري ولا علاقة لها بمهزلة جوبا ولا بالوثيقة الدستورية التي انقلبوا عليها جميعاً مع العسكر ولهم أن يستثنوا من الأخيرة كافة اللجان التي تكونت بقوانين وقرارات بموجبها ولم تكمل مهامها مع إعادة تشكيلها إن دعا الأمر.
فبالله أفهموا هذا ولا يطلع لينا كل مرة واحد يتكلم عن الديمقراطية في الفترة الانتقالية بدلا من تكريب شروط الاطاري وذلك بحظر أي محاصصة أو تعيين سياسيين حزبيين من قحت ولا غيرها وأن يكون دائماً الحق للجان المقاومة بالاعتراض على أي شئ يصدر من قحت والمجموعات الموقعة على الإطاري باسم الحكومة الانتقالية بل يجب أخذ موافقة الشباب المسبقة على ذلك واذا اعترضت غالبية اللجان فيعتبر رفضاً لذلك الاجراء ويجب إلغاؤه أو استبداله فوراً وهكذا – بمعنى تشكل لجان المقاومة المعارضة أو صاحبة الفيتو على كل إجراء من الحكومة الانتقالية – ولا يعني هذا شل حركتها انتظاراً لموافقة اللجان وانما تجتهد الحكومة في التقيد بشروط الاطاري ولكن إن أبدت أغلبية اللجان أي اعتراض – ولو على نص فضفاض في الاطاري استغلته الحكومة الانتقالية فيجب حينئذ وقف العمل به فوراً.