أخبار المنوعات

طلاب القرآن في السودان يتخرّجون على غناء مروة الدولية

أثار ملصق دعائي نشرته المغنية مروة الدولية في حسابها على فيسبوك، عن إحيائها حفلاً غنائياً في 3 فبراير/ شباط الجاري، خلال تخريج طلاب جامعة القرآن الكريم المُتشدّدة، جدلاً واسعاً في السودان، ما استدعى إدارة الجامعة للتبرّؤ منه.

تركّز الجدل على شيئين: الأول، شخصية المغنية التي تؤدي أغاني تُسمي محلياً بـ “الزنق والهجيج”، وهي أغانٍ راقصة عادة ما تؤدّى في حفلات مراسم الزواج، وذلك خلافاً لحفلات التخرّج التي عادة ما تكون أكثر رصانة، وفقاً لمفاهيم المجتمع السائدة.

فيما تمحور الشيء الآخر على استعانة طلاب الجامعة، المرتبطة في الأذهان بالتزمّت، بمغنية معروفة بأغانيها الراقصة، والتي يتمايل جسدها المثير معها.

الاستعانة التي يراها أستاذ علم الاجتماع محمد الطيب، جزءاً من التحولات الاجتماعية التي يشهدها السودان، منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر/ كانون الأول 2018.

ربانية الأمة وإسعاد الإنسانية

احذر: المطالبة بالإصلاح ستودي بكم خلف القضبان. هكذا هو الحال في بلادنا وهو حال نرفضه. شاركونا في أن نكون النسخ التي نسعى أن نكونها ضمن مجتمعاتنا، أن نتجرأ على البوح، وعلى العمل، وعلى إحداث الفرق من دون أن نرتعب من العواقب. شاركونا بما يدور في رؤوسكم حالياً. غيّروا، ولا تتأقلموا!

في العام 1991، أي بعد أقل من عامين على استيلاء الرئيس المعزول عمر البشير على السُّلطة، عبر انقلاب عسكري مدعوم من الحركة الإسلامية، أُنشئت كلية في مدينة ود مدني، بولاية الجزيرة القريبة جداً من العاصمة الخرطوم، تتبع لجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية.

كبرت الكلية، وتوسع نشاطها، وهو ما دعا البشير في 19 يوليو/ تموز 2007 لترفيعها إلى جامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم، التي أصبحت تضم اليوم 14 كلية، يدرس فيها أكثر من أحد عشر ألف طالب.

وتعمل الجامعة، وفق ميثاق تأسيسها، على “تأصيل الأساس المعرفي والقيمي للحياة بكادر رسالي وشراكات ذكية لتحقيق ربانية الأمة وإسعاد الإنسانية”!

لا تنفصل الفكرة التي أُنشئت بموجبها الجامعة عن سياق مفاهيم الحركة الإسلامية الخاصة بإعادة صياغة المجتمع السوداني ليصبح رسالي، حيث حاولت طوال 30 عاماً تنفيذ مفاهيمها، سواء عبر القوانين، أو عبر إنشاء مدارس وجامعات بمسميات إسلامية، وليس انتهاء بتكوين قوات خاصة، مثل قوات الدفاع الشعبي أو شرطة النظام العام لمساعدتها.

ويشير محمد الطيب إلى أن الحركة الإسلامية في مفاهيمها أغفلت أمراً مهماً، خلاصته أن المجتمعات تظل بشكل دائم عُرضة للتغيير، لذا لا يمكن أن تفرض عليها شيئاً ولو بالقوّة، ولهذا شهد المجتمع السوداني تحولات عديدة منذ انطلاق الاحتجاجات. تحولات تمثلت في إصرار الجيل الجديد على التمرّد على السلطة، سواء كانت سياسية أو دينية أو ثقافية.

مروة الدولية نجمة الأفراح

لمع نجم مروة الدولية في سماء ليل الخرطوم بأغاني “الزنق والهجيج” الراقصة، وهي الأغاني التي تنشر في الأفراح والحفلات الراقصة، الأغاني التي يبتهج بها الجميع في سمرهم، لكن لا مانع من المزايدة عليها أخلاقياً قبل فنياً.

لكن تلك المزايدة لم تمنع مروة من فرض حضورها الطاغي على وسائل المواصلات العامة، فضلاً عن تزايد أعداد متابعيها على تطبيق توك توك.

الأزمة الحالية حول تقديمها لحفلة تخرج جامعة القرآن، ليست الأزمة الأولى التي تتعرّض لها على خلفية “مزايدات أخلاقية”، ففي آب/ أغسطس 2021، تعرّضت مروة لاعتداء من قبل عناصر الشرطة خلالها مشاركتها في حفل غنائي بأحد مزارع العاصمة الخرطوم.

ولم ترتكب الدولية آنذاك جرماً سوى الغناء بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، لكن أذهان عناصر الشرطة رأت ذلك مُنكراً يستحق الاعتداء عليها

ولم ترتكب الدولية آنذاك جرماً سوى الغناء بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، لكن أذهان عناصر الشرطة رأت ذلك مُنكراً يستحق الاعتداء عليها، وهذا أمر سايرهم فيه القضاء الذي فرض عليها وعلى الذين أُوقفوا معها، 8 نساء و21 رجلاً، غرامة مالية بتهم الإزعاج العام والإخلال بالسلام العام!

وقد دُشّنت حملة تضامن معها حينها من قبل الرافضين للردة المجتمعية والمدافعين عن الحريات العامة. حينها، كانت الأجواء تسمح لتلك الأصوات بالظهور، لكن اليوم، وفي ظل الحكم العسكري، تبدلت الأحوال وتغيرت الأجواء تماماً.

الجامعة تتنصل

فجأة وجدت إدارة جامعة القرآن الكريم نفسها في مأزق، خصوصاً بعد أن انتشر إعلان حفلة مروة بالجامعة، وحدث تلاسن بين الطلاب المحافظين الرافضين لما وصفوه بالرقاعة، وآخرين يرون أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الخلف، فأصدرت إدارة العلاقات العامة والإعلام بالجامعة بياناً، أشارت فيه إلى “أن الجامعة لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بمثل هذه الاحتفالات، ولا تتوافق رسالتها البتة مع طرق وأنماط الاحتفالات غير المضبوطة، والمبطنة بالمنكر”، وطالبت الطلاب بالحصول على أذونات معتمدة وموثقة بخاتم الجهات الأمنية والشرطية بعد موافقة عمادة شؤون الطلاب، لإقامة احتفالاتهم، وإلا ستضطر، آسفة، لاتخاذ ما يتناسب مع المخالفات المترتبة على الزجّ باسم الجامعة في المحتويات الإعلانية الضارة، والمنافية لرسالة وأهداف وضوابط المؤسسة.

تحدث رصيف22 مع أحد الطلاب (اشترط إخفاء اسمه) الذي استهجن بيان الجامعة، خاصة وأن حفل التخرّج مموّل بالكامل من الطلاب، ويُنظم خارج الحرم الجامعي، مشيراً إلى أن الإدارة تحاول فرض توجهاتها على الخريجين، وتُظهر نفسها بأنها حامية لقيم المجتمع، دون أن تفهم احتياجات الشباب.

وجرت نقاشات مطولة بين طلاب الجامعة في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، عن البيان، تركز بصورة رئيسية على أن إدارة الجامعة تحاول رسم صورة في أذهان الناس بمدى حرصها على التشدّد، مستدلّين بصمتها على إنجاب طالبة طفل على سطح مبنى إحدى الكليات ومحاولة رميه.

تقول أستاذة علم النفس بجامعة الأحفاد، مروة علي، إن تفضيل طلاب جامعة القرآن الكريم للمغنية مروة الدولية سببه أنها تُشكّل شخصيتهم وفنهم، دون النظر إلى الجامعة والمنهج الذي درسوه، وخلفية الجامعة التاريخية وردود أفعال أساتذتهم الذين ربما يعدّوهم مثل الأساطير.

وتشير، خلال حديثها لرصيف22، إلى أن الطريقة التي جرى عبرها تنفيذ التوجيه الفكري للحركة الإسلامية، طوال 30 عاماً، لم تراعي احتياجات المراحل العمرية خاصة الشبابية، كما أنها منافية لطبيعة البشر في مرحلة المراهقة والشباب الذين يبحثون في هذه الفترة عن الانفتاح والاندماج في المسكوت عنه.

ويُرجح أن تُقيم المغنية مروة الدولية الحفل مثار الجدل، حيث لا تملك الجامعة سلطة تغييره، بحكم أنه مموّل من قبل الطلاب ومُقام خارج دورها، مثلما أحييت قبل أيام حفلاً في جامعة أم درمان الإسلامية التي كانت أحد أذرع النظام السابق.

شكل حياتنا اليومية ستتغيّر، وتفاصيل ما نعيشه كل يوم ستختلف، لو كنّا لا نساوم على قضايا الحريات. “ثقافة المساومة” هذه هي ما يساعد الحكام على حرماننا من حريات وحقوق كثيرة، ولذلك نرفضها، ونكرّس يومياً جهوداً للتعبير عن رفضنا لها، والدعوة إلى التكاتف لانتزاع ما لنا من قبضة المتسلّطين. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!

رصيف22 – يوسف بشير

‫17 تعليقات

  1. اذا كان خريج جامعة تسمى القرآن يحتفل خريجها بوسيلة تخالف القرآن فهذا يعني أن هناك خلل في منهج الجامعة نفسه … منهج لم يغير قناعة الطالب خلال خمسة سنوات دراسية ما قيمته … مفترض ادارة الجامعة تلوم نفسها أولا أو تغير اسم الجامعة .. حتى لا يتسبب مثل هذا اللغط في الاساءة للقرآن .

    1. زمن القحاته يا عوض هل قامت قحت بفتح جامعة واحدة باسم الدين وتخريج طلبة صعاليق يترنحون علي اغاني الزنقة ام هم اسيادك الاسلامين تجار الدين زنات شهر رمضان

      1. لا لا…. لكنهم كذبة يتنكرون… هكذا الاخوان المسلمين كيزان السودان.. فسدة فجرة سرقة قتلة

  2. استاذ علم الاجتماع محمد الطيب نسب هذه الظاهرة للحراك الشعبي كشماعة معتادة ولكن كبار السن الذين شهدوا افتتاح مسجد النيليين يتذكرون ان الفنانة سمية حسن غنت في ذلك الافتتاح وكان خلفها مجموعة من الفتيات يرتدين فساتين فوق الركبة وبين الفواصل جلست احداهت قبالة جزيرة توتي تنظر للنيل ذهبت نحوها وكنت طفلا لمؤانسة وحدتها جلست قربها وسالتها مستنكرا لماذا تغنون في المسجد نظرت الي مستغربة و وضعت يدها علي راسي وضحكت ولم تجب هكذا هو وضع السودان نري الشر شرا عندما نريد ونري الشر خيرا عندما نريد وننسب الخير لمن نحب والشر لمن نكره

  3. احذرو ا من غضب الله فالله لطيف بعباده ولكن ان تماديتم
    سيحل غضب الله وسخطه على الجميع لانو الرحمة خاصة والغضب يعم وتجنبوا المزامير والمعازف هدانا الله واياكم

  4. منو العوض وعليهو العوض … زمن القحاطة ام زمن عسكر الكيزان احفاد حاج نور وامام دولتهم الرسالية القاصدة الرقاض ؟؟؟

    هل اتاك حديث صلاح قوش المثلي العجلاتي ومثله انس طلقة من دبر … يا العوض متي بدإت وانتشرت ظاهرة القونات -وقد تعلمن هز المؤخرات من بشة- متي تتوالدت كارثة الزنق والتهتك والانهيار والانحطاط الفني حدث ذلك تحت رعاية المنظومة الخالفة ودولة المشروع الحضاري واعادة صياغة الانسان السوداني ؟؟

  5. يا كاتب المقال انت سوداني وللا اجنبي ؟ كيف تكتب انه جامعة القران الكريم هي عبارة عن كلية تاسست عام 1991 في ود مدني بعد البشير وزمرته مسكو الحكم بسنتين ثم ترفعت الكلية عام 1997 الي جامعة بها كليات عديدة .
    يا خي لو ما عارف اسال يا كوز … الجامعة دي من قبل انقلاب الكيزان اما كلية القران في مدني افتتحوها في عهدهم لاغراض تانية وبس

  6. لهؤلاء الطلاب الحرية فى المشاركة فى الاحتفال طالما أنه خارج أسوار الجامعة, وهذا قرار شخصى لكل طالب و قناعته ولا اجبار فى ذلك فهم يشاركون بدفع قيمة المشاركة, يحدث كل ذلك تطوعا و بارادتهم فما المشكلة هنا!! لا يمكن الحجر على حرية خيارات الناس طالما أنها لا تمس الآخرين, ارتقوا يا هؤلاء بفهمكم.

    1. مثل الذين حملوا التورىة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا
      صدق الله
      ..
      وهو مثل هؤلاء الطلاب
      ينفقون اموالهم في اللغو ولهو الحديث

  7. عايزين يحتفلوا بالتخرج علي كيفهم ..بس لا يزجوا باسم كلية القرآن الكريم في حفل غنائي للفنانة هابطة ..هذه ليست حرية شخصية ..لو ٥ أو ٦ سنوات من دراسة القرآن و علوم لم تغير في سلوكهم و توجهاتهم فاكيد هناك خطأ

  8. يالعوض دي مخرجات مشروعكم الحضاري و مناهجه التي من مقاصدها تدمير المجتمع و نشر الفاحشة و اللواط و السرقة و سوء الخلق و بذئ القول ( اخوات نسيبة و ما ادراك ما اخوات نسيبة و حاج نور و صلاح قوس و انس و يقال عمر الكزاب و القائمة تطول من فسقة الحركة المتأسلمة)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..