الزعامات الوطنية تكبح ذميمة الحسد عند السودانيين

اسامة ضي النعيم محمد
يمكن اثباتها بالشواهد التأريخية عند الاطلاع علي تأريخ السودان ، حديثا وقبل الاستقلال تناجزت الاحزاب المطالبة بالوحدة مع مصر ، بدعوة من مصر تجمعت عند فندق سمير أميس في سبتمبر 1952م ، بذات الدعوة المصرية التي تحشر شمل الكتلة الديمقراطية في 2023م عند المدينة الادارية الجديدة ، الفرق الاساسي أن الزعيم الازهري كان هو قائد كويكبات أحزاب الوحدة مع مصر ، بحسه القيادي وبذكاء فطرى مع وطنية عالية كان يحس بما يخبئه عبد الناصر ونظامه من تأييد لاحزاب الوحدة مع مصر ، برغم الاموال التي صرفها الصاغ صلاح سالم الا أن الازهري عندما أصبح رئيسا للوزراء ، ذهب الي اعلان استقلال السودان حرا مستقلا بعيدا عن دولتي الحكم الثنائي ، تحالف في يوم الاثنين 19ديسمبر 1955م مع رغبة حزب الامة ومن معه من الاحزاب التي نادت بالسودان للسودانيين . تلك التجربة توضح أثر الزعامة في امتصاص الحسد بين المكونات السياسية وتحويله الي طاقة ايجابية للبناء والتعمير . وهكذا رفع الازهري والمحجوب معا علم استقلال دولة السودان في أول يناير1956م ، جسد ذلك ضرورة التوافق بين الحزبين الكبيرين الوطني الاتحادي وحزب الامة في القضايا التي تمس سيادة البلاد وأمن العباد.
في المقابل كان غياب الزعيم القومي خلال عهد الانقاذ هو الذي أدى لاختيار أبناء الجنوب لدعوة الانفصال ، كان الحسد يسود بين مكونات الحكومة الانتقالية التي أعقبت اتفاقية نيفاشا ، كان ما يبرمه وزير من الحركة الشعبية ينقض غزله وزير الحركة الاسلامية الذي يعقبه علي الوزارة ، الملاسنات بين باقان أموم وعلي نافع وعلي عثمان سار بذكرها الركبان ، المشروع الحضاري جسد قمة الحسد في حكم الاخوان ، بالرغم من ثقوبه التي تكشفت الا انهم تمسكوا بتطبيقه والسودان علي حافة الانفصال .
البكاء علي اللبن المسكوب لا يعيد الوحدة بين دولتي السودان ، أخذ العبرة هو المقصود بطرح المقارنة ، ذات الملعب السودان وذات اللاعبين اليوم من مصر بأطماعها القديمة المتجددة في أرض خصبة وأنهار عديدة تمتلئ طوال العام بمياه وافرة بالسودان ، تنافس بتلك الاطماع في سوق الاستحواذ علي مصالح مشتركة تنشدها الدول الغربية والعربية الاخري مصر تنسي وتكرر ذات الدرس بدعوة الكتلة الديمقراطية لشق الصف وتعطيل التحول المدني في السودان ، أمريكا ومن خلفها الدول الاوربية تدفع بمبعوثيها يوم الاربعاء 08 فبراير لزيارة السودان لدعم الاتفاق الاطاري والتحول المدني لنظام الحكم في السودان ، مسعي أمريكا والدول الاوربية هو كسب ود قوى ثورة ديسمبر2018م ، طريق يؤدي لقبول السودان سعي تلك الدول ، يختلف عن المسعي المصري الذي ينهج لشق الصف وتغليب كتلة المواجهة ضد رغبات الشعب. صورة يتجلى فيها الحسد الذي يسود بين السودانيين للالتقاء علي قلب رجل واحد في هذه الفاصلة من التأريخ ، من ذلك الباب تتداعي الاكلة علي القصعة.
الزعامات الوطنية في السودان كانت لها الغلبة في اسكات الحسد بين المتنافسين ، علي مستوي القبيلة كان هناك النظار والمكوك والعمد والمشايخ ، الروايات في تأريخ حل النزاعات التي باشرتها تلك الزعامات تعج بها المذكرات والكتب ، المطلوب اليوم هو تقدم زعيم سوداني من بين المكونات الحزبية والقبلية ، يقابل الوفود الاجنبية ويرسل صوت جميع أهل السودان ، حاجة البلاد الي تمتين الاتفاق الاطاري كمخرج للبلاد لتتويج ثورة ديسمبر بترسيخ دعائم الحكم المدني ، يطلب الزعيم تكوين جيش قومي يتفرغ لمهامه الاساسية في حماية حدود البلاد واسترداد حلايب وشلاتين ، توفير تسهيلات دولارية فورية بفترة استرداد متفق عليها ، مباشرة انشاء مشروعات زراعية وتربية أنعام في السودان عبر شراكات ذكية مع المجتمع الدولي ، عقد شراكات مع مصانع عالمية لاقامة صناعات وتحويل المنتجات الزاعية السودانية الي سلع تصدير مصنعة.
يتواصل جهد الزعامات الوطنية الي ضم حركتي نور والحلو الي الاتفاق الاطاري ، مخاطبة جبريل ابراهيم ومناوي للتخلي عن تكتيك قسمة السلطة والثروة وتوزيع المناصب محاصصة تحت (التربيزة) في كل اتفاق ، تنويرهم وبقية عناصر الكتلة أن مصر السيسي وعباس كامل تسعى من حشدهم في المدينة الادارية الجديدة الي خدمة مصالحها الخاصة ، تعاني مصر من ديون عددا وقدرة صفرية لسداد الاقساط المستحقة ، المصدر الايرادي السهل هو استحواذ مصر علي منتجات زراعية وأنعام من السودان بوسيلة دفع هي طباعة عملة سودانية في مصر ، يساعدها في ذلك عناصر النظام البائد يعميهم الحسد بحيث تعلو عندهم المكاسب الخاصة علي الاضرار بأمة السودان .
يبقي الاتفاق الاطاري محور التقاء وتجميع لارادة السودانيين للعبور بالسودان الي الحكم المدني ، المكون العسكري هو جزء وفصيل هام من الخدمة العامة في السودان ولا يجب تحميله منفردا مهمة الوصاية علي السودان البلاد والعباد ، جيش قومي واحد يخدم في مجاله كما يخدم الجيش الابيض في مجال الصحة والمعلمون في مجالهم وبقية جنود أمة السودان ، لا تعلو كفة علي أخري ولا تحاسدوا ولا تباغضوا.