عفوا لجان المقاومة … عندي نقطة نظام !

أسامة ضي النعيم محمد
هي عن ما جاء في صفحة 11 من الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب ، الفقرة (و) نظام الادارة الاهلية .
أبدأ بالاعتراف أنني من الجيل الفاشل الذي شهد وساهم في فصل جنوب السودان ، تدهور مشروع الجزيرة وغياب السكة حديد كناقل لمنتجات الصادر ، في غياب السكة حديد تضاعفت الجبايات بنوعيها بأورنيك 15 وبدونه علي خطوط نقل البضائع ، تعريب التعليم وتدني مخرجاته والقائمة تطول في الفشل الذي ساهمنا فيه ايجابا بالفعل والكسب وسكوتا عند البعض .
ما ورد في الميثاق بشأن نظام الادارة الاهلية حيث تم تلخيص البديل ، في أهمية تكوين مجالس محلية في بناء علاقة جديدة بين المواطن والدولة ، تتجاوز المؤسسات التقليدية مثل القبلية والادارة الاهلية .
الادارة الاهلية وما أدراك ما الادارة الاهلية ، هي ليست تجربة استعمارية كما يتردد ، هي ملاحظات انسانية سبقتنا فيها انجلترا وطبقتها في دوقياتها وما زالت التجربة تنبض بالحياة ، ثم نقلتهاالي الهند ونيجيريا وبعض مستعمراتها الاخرى ، نظام الادارة الاهلية يساهم في خفض تكلفة ادارة الحكم ببساطة ويحقق درجة عالية من القرب من المكونات المحلية.
سأحدثكم عن الادارة الاهلية في السودان ك(حجوة) تعايشت معها ، في خمسينيات القرن الماضي صحبنا الوالد عليه -رحمة الله- الي حمرة الوز في ديار الكبابيش ، كان هو ناظرها وتسمى في ذلك الوقت المدرسة الاولية ، يمر مفتش التعليم الانجليزي من بارا أو الابيض قبل فتح المدارس ، يطمئن علي أن النظار والعمد والمشايخ الزموا الاباء لاحضار ابناؤهم من سن السابعة للالتحاق بالمدرسة الداخلية ، هناك يتم اسكان الاطفال واطعامهم ثلاث وجبات مع توفيرعنقريب وبطانيتين ومستلزمات ضرورية أخرى ، بعض الاباء يحضرون ليلا للداخلية لاعادة الابن ليلحق ب(المراح) أو قطعان الابل ، العقوبة علي الوالد تكون قاسية حيث يتم تبليغ ناظر القبيلة أو العمدة وهو الذي يتولي احضار الاب واعادة الابن للداخلية . حفر الابار في المنطقة كان من الصعوبة حيث أن البئر ربما وصل عمقها ثلاثين وأربعين بطول رجل ، ربما ظهر الماء مالحا لا يصلح لشرب الانسان والانعام ويعاد الحفر ، تلك المهمة تنسقها الادارة الاهلية وتطلب عون المجالس الريفية . حملات رش الجراد الصحراوي بطائرات ، جمع القطعان وهي الضريبة علي الجمال والابقاروالضأن والماعز عملية معقدة حيث يحفظ العمدة أو الشيخ كشفا بما يملكه أي فرد من أفراد القبيلة عندما يصله اشعار من مفتش المركز بموعد المرور لجمع القطعان (الضرائب) ، يُحدِث العمدة أو الشيخ الكشف ويضيف المواليد ويحسم الهالكة من الانعام ، في موعد وصول وفد مفتش المركز ينصب خيمة ويتم استضافة الوفد الذي يتكون من محاسبين محصلين وجنود حراسة وخزنة ، تنحر الجزور ويطعم الوفد ويسلم حصيلة القطعان وبدوره يعيد المفتش نسبة 10%(ان لم تخن الذاكرة) ، هي أتعاب العمدة والشيخ في التحصيل . اذا حدثت سرقة قطعان يُبلغ العمدة أو الشيخ ويطرد الفزع أي يرسل من يتعقب الجناة ، ربما كانوا من قبيلة أخرى وهنا يتفاهم العمدة أو الشيخ مع نظيره من القبيلة الاخرى وتتم استعادة المنهوبات بطرق وعادات وتعويضات حفظوها بينهم ، فض المنازعات العائلية في محاكم العمد والشيوخ وأحكام تلك المحاكم تجد الاحترام من المفتش الانجليزي من الطرائف أن بعض السرقات داخل القبيلة يكشفها العمدة أو الشيخ فقط من سرد الواقعة وكيفية حصول السرقة ، ثم ينادى حرسه لجلب (ود فلان) وغالبا يكون هو المذنب. تكررت التجربة عندي بمعظم تفاصيلها ، كانت في لقاوة وكاودا وكادقلي والجنينة ، في أبو هشيم بالنيل الازرق تستحق مني ارسال تحية تقديرلاسرة العمدة محمد المنصور العجب -عليه رحمة الله- ، عند زياراته الراتبة لمدينة سنجة كان يصر علي مقابلة أبناء المدرسين والموظفين الذين عملوا في أبو هشيم وغادروها ، اللقاء كان يتم عند البنطون أو المعدية علي النيل الازرق ، هناك يسلم علينا الناظرواحدا تلوالاخر ونحن مصطفين ، (يغمت) اكرامية محترمة لكل طالب تحملنا لشهركمصروفات ، تلك من اشراقات زعامات نظار ورجال الادارة الاهلية.
البديل عند الغاء نظام الادارة الاهلية في عهد جعفر محمد علي بخيت علي نظام مايو ، كان مكلفا حيث ابتدع الضباط السيارة بديلا عن النظار والعمد والمشائخ ، تضخمت الاعباء الادارية ، تحتاج الي مكاتب وأثاثات مكتبية لم تكن عند رجال الادارة الاهلية ، حصر القطعان ومتابعة المواليد والهالك وتحديث القوائم يتطلب مكاتب احصاء تعمل طول العام ، مشاكل وحصر القبائل المستضافة عند أراضي أو حواكير قبيلة أخري بفعل المجاعات أو الحروب البينية تستدعي المراقبة اللصيقة الي حين اجلاء القبيلة وعودتها الي ديارها الاصلية.
لا أود أن أفرض نفسي علي مخرجات الميثاق أو(اتفلفس) عليه ، فقط هي نقطة نظام ، ماكل ماهو من صنع انجلترا بالضرورة استعمار ، بذلك المعيار سنتخلي عن الكثير من المنتجات والفكر النيرة وهذه الاجهزة الذي نتواصل افتراضيا عبرها ، نصيحتي بتكوين (TASK FORCE) من جمعكم الكريم ، ليذهب في زيارة الي معهد دراسات الحكم المحلي بجامعة بيرمنجهام في انجلترا ، لا تبخل السفارة البريطانية في تكملة الاجراءات ولجان المقاومة السودانية في تلك البلدان لا يقصرون معكم ، هناك سيتاح لكم الاطلاع علي تجارب العالم في الحكم المحلي … بعدين تعالوا قولوا لي (كضاب) ستجدون العملية ما استعمار بل تجربة انسانية تستحق العمل بها.