مقالات وآراء

الأسباب الإجتماعية للهجرة غير الشرعية !

صوت الحق ـ الصديق النعيم موسى

إنَّ الإنسان الطبيعي لا يمكن أن يسلك سلوكاً مُنحرفاً دون مشاكل إجتماعية تكون دافعاً وسبباً مباشراً أو غير مباشر للوصول به إلى مُخالفة القوانين والمعايير الإجتماعية والإنحراف و أهمَّ هذه المشاكل البطالة وتعرّف هذه الأخيرة على أنها الحالة التي يكون فيها الشخص قادراً على العمل وراغباً فيه وباحثاً عنه ولكنه لا يجده ، وعرّفت منظمة العمل الدولية البطالة : كل من هو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر الثابت ولكن دون جدوى ولعلّ من أهم آثار البطالة السلبية فقدان الإنسان إرادته وإثبات ذاته وإهتزاز في شخصه مما ينعكس سلباً على أسرته ومجتمعه ، وتكون عادةً ردة فعله اللجوء إلى وسيلة سلبية للحصول على حاجاته الأساسية والإجتماعية ، ويكون في الغالب خروجه على المعايير و القيم والسلوك اليومي في المجتمع وإذا طال أمدها تؤدي من الناحية النفسية إلى تغذية شعور الإحباط لدى العاطل مما يؤدي مع تزايد هذا الشعور وتفاعله ، ولقد أكدت الدكتورة بريجيسين هولسين houlsine Bregisine إلى توليد شعور عدائي نحو المجتمع والآخرين في المؤتمر العالمي حول موضوع البطالة و الصحة النفسية الذي عقدته الجمعية الفرنسية للطب الوقائي و الإجتماعي“ إنَّ الناس في الستينات كانوا عاطلين عن العمل بسبب المُشكلات النفسية التي كانوا يعانون منها أما اليوم فهم يعانون من هذه المشكلات لأنهم عاطلون عن العمل“ ، وهذا الواقع عبّر عنه المدير العام لمكتب العمل الدولي : خوان سومافيا بأنه أكبر إخفاق هيكلي إقتصادي في عدم خلق ما يكفي من الوظائف حيث يقطن الأشخاص و تأتي البطالة في صدارة المشكلات الإجتماعية التي تعاني منها الدول النامية والتي أصبحت تضرب بجذورها عاماً بعد آخر بعد تراجع مستويات الدخل في الدول النامية.
أهم الأسباب الرئيسة إنتقال الأفراد بصورة غير شرعية ، ويعرف هذا الأخير على انه الإنفاق المطلوب للوصول إلى الحد الأدنى لمستوى الحياة المعيشية أو الحد الأدنى للعيش أو البقاء أو هو حالة أو مستوى من الرفاهية المُتدنية تقاس عادةً بالدخل أو بإستخدام الإنفاق الإستهلاكي الذي يترجم بقيمة نقدية ولقد أكد المجلس العربي للطفولة و التنمية إلى أن أكثر من 80 % من سكان العالم العربي يعيشون في فقر مدقع كما أشار من 230 مليون نسمة في الدول العربية المتوسط دخل سنوي لا يزيد 1500 دولار سنوياً البنك الدولي أن نصيب الفرد الحقيقي من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية لم يتجاوز% 4.6 خلال 24 سنة وتكاد تنعدم الحياة الآدمية في الكثير من مناطق إفريقيا الوسطى، والقرن الإفريقي بسبب الفقر والمجاعة . كل ذلك يجعل الشباب في إتخاذ القرار ( القاسي ) وعبر سماسرة الهجرة الغير شرعية المنتشرين في دول المنشأ والعبور على الضفة الأُخرى بدولة إيطاليا بعد عبور المتوسط من دولة ليبيا .
نال الشباب السوداني حظاً كبيراً من ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا والأسباب الإجتماعية كما أسلفت أعلاه جعلت الشباب يختار الطريق الأصعب والأخطر ، في رحلة إحتمالات وصوله إلى القارة العجوز يكاد يكون معدوماً ، أمواجاً ضخمة جداً وقوارب متهالكة وفوق كل ذلك أعدادٍ كبيرة جداً حالمة بالوصول إلى أوروبا بعد أن ( قنعت تماماً ) من الحياة في البلاد . نال السودان نصيباً كبيراً في غرق شبابه داخل البحر الأبيض المتوسط فلم يمر شهر أو شهرين إلاّ ونسمع غرق العشرات بينهم سودانيين وعلى الصعيد الشخصي لديّ أصدقاء إثنين أسأل الله أن يتقبلهم شُهداء غرقوا في العام 2014 ، ولديّ الكثير من الذين وصلوا إلى أوروبا وسمعت منهم عن رحلتهم من السودان حتى إيطاليا ومنها لبقية أوروبا ، مخاطرة ليس بعدها مخاطرة أخبرني أحد الأصدقاء تُشاهد أمامك الموت فألذي يجلس معك يفارق الحياة ( ونعافر ) نحن للوصول أو تأتينا فرق الإنقاذ من الطائرات الإيطالية .
صوت أخير :
تظل ظاهرة الهجرة غير الشرعية مهدداً لدول العبور والإستقبال مع إنعدام الحلول الجذرية تتواصل الأعداد في زيادة مستمرة . ومن أبشع الحوادث التي وقعت في أوروبا في نوفمبر من العام 2021 عندما غرق أكثر من 27 شخصاً في بحر القنال الإنجليزي الذي يفصل فرنسا وبريطانيا ، أعداد كبيرة من الأكراد غرق مركبهم بعد أن طال جلوسهم في فرنسا قاموا بدفع أكثر من خمسة آلاف يورو للوصول إلى بريطانيا .
هكذا يدفع الشباب روحهم ثمناً من أجل الوصول إلى أوروبا الغربية برغم المخاطر والصعاب .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..