مقالات وآراء

أمراض الحب في عيده المزعوم!!

د. علي بلدو

يعمد الكثير من الناس ، في هذا اليوم وعلى امتداد الكرة الأرضية على الاحتفال بما يطلقون عليه عيد الحب وينسبونه للقديس فالنتابن بزعمهم ، وما أكثر ما يزعم الناس هذه الأيام ، وعلى الرغم من اختلاف الاراء وتباين وجهات النظر ، ما بين مادح وقادح وما بينهما ، على الرغم من ذلك لا نجد حرجا في تناول الأمر من الناحية الطبية والنفسية للتعرف ليس على الحب والذي اغنانا المغني عن ذاك حين قال:

ما بتعرف الحب
كنت تسأل عنو
ماكا شايف الناس
في سبيلوا بجنوا
و لكن سنتحدث في عجالة عن أمراض الحب وكيف يمكن أن يتحول لمرض ومن نعمة لنقمة ويكون من الحب ما قتل!!
فالحب يودي لتغيرات فسبولوجية وعصبية وبايولوجية في الإنسان وبالتالي فإن  أعراضه قد تشمل السهر، ضعف الشهية، التوتر، القلق، نقص الوزن لدى الذكور والسمنة لدى الفتيات وبالتالي فقد يكون الحب سببا في التعب والإرهاق الجسدي والحرقان ونوبات المصران العصبي ونقص المناعة وكثرة التعرض للأمراض.
كما أن الآخفاق في العلاقة العاطفية أو ما يعرف بالشاكوش في بلاد تسعين بالماية من قصص حبها مطرشقة ، يقود الصدمة ، فقدان الثقة ، الخوف من الدخول في علاقات جديدة، التشاؤم من المستقبل ، لوم الآخرين والدبرسة والتي قد تدفع بالشخص للهجرة أو الانعزال أو حتى الانتحار بالقفز في النيل أو الشنق أو أي وسيلة اخري.
وفي ذات السياق فإن الشك في طرف الحب الاخر يقود للمشاكل والوسوسة والاتهام المتواصل بالخيانة ، رغم عدم وجود دليل على ذلك ، ولكن تسيطر تلك الفكرة على طرف معين ، تجعله يحيل حياة الطرف الآخر الي جحيم لا يطاق وقد يقود للقتل أو الاذى، الجسيم ، حيث وجدوا في دراسات سابقة زوجا من بين كل أربعة أزواج بلقى ، ختفه على يد زوجته بسبب الشك أو الخوف من الارتباط بأخرى.
كما نجد فكرة الحبيب الأول المسيطرة والتي توقفت في مخطتها حياة الكثيرين والكثيرات ومنعتهم من الحياة بصورة طبيعية وعدم القدرة على تجاوز تلك النقطة ، رافعين شعار:
اخر حب واول
وجنبا الي جنب ، نجد ظاهرة الالتصاق العاطفي وهي الحب من طرف واحد ، حيث يصر على التمسك بالطرف الاخر وغالبا ما يكون الفتاة ، وملاخقتها في ، العمل والمدرسة  والجامعة ، بل والمبيت أمام منزلها ، والبكا والصراخ أمامها وإيذاء نفسه أمامها ، استدرارا لعطفها وحنانها ، واستجداء لحبها ، وينتهي المطاف بهذه الحالة المرضية بأن بترصد ذلك المحب بمن احبها ليذبحها ويقتلها ثم يهتف بأنه يحبها من كل قلبه ثم يقوم بالانتحار بنفس الوسيلة ويرتمي عليها، وعليه فإن الحب من أسباب الوفيات في البلاد وجرائم القتل والاختفاء.
و لا يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل يتجاوزه ، للحب المرضى والغيرة الشديدة والتي تقود للانفصال والطلاق، عملا بمقولة

لما الريد يفوت حدو
ببقى ، مصيرنا في يدو
وانتا ما عارف عيونك
لما تسرح وين بودوا
وفي هذه الحالة حيودوا دون شك للمحكمة الشرعية والطلاق للضرر.
وهناك  أيضا المحرم، كالارتباط عاطفيا بالمتزوجين من الجنسين وهي الخيانة الزوجية بكافة اشكالها وصورها، وقد تكون بصورة مرضية وغير متحكم بها تماما، كما قيل:

ومجبور قلبي ، بتعود
بعد ولف عليك بقسي
و انا الفارقت مرساكي
قبل أشواقي ما ترسي
اما عن الابتزاز العاطفي ، والإرهاب المعنوي والاستغلال للطرف الاخر باسم الحب ، فنيابة المعلوماتية خير شاهد على ذاك ببلاغات تصل لالاف من محبين سابقين وسابقات بالنشر لصور خاصة وتسجيلات فاضحة ، وأشانة السمعة والسب والقذف ، بعد أن أفضى بعضهم الي بعض وتواثقوا ميثاقا غليظا ، حيث أن هذه الجرائم ذات طبيعة نفسية بحتة.
هذا غيض من فيض ، وأمثلة قليلة لباب واسع ، لا يسع المجال لسبر كل اغواره والخوض في دهاليزه وان كنا بها عالمين وعلى ، بيانها لمقتدرين ، ولكنها دعوة التعافي ، ومعالجة هذه الاشكالات وغيرها وتقديم العون والمساعدة وفق المعايير الطبية والنفسية لمن يعاني منها او يكتوي بنارها.
ونختتم بما قالته رابعة :
احبك حبين حب الهوي
وحب لأنك اهل لذاكا
فإما الذي هو حب الهوي
فشغلي ، بذكرك عمن سواكا
واما الذي أنت اهل له
فكشفك لي الحجب
حتى اراكا
وما الفضل في ذا ولا ذاكا لي
ولكن لك الفضل في ذا وذاكا
و دمتم دوما متصالحين ومتحابين.

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..