مقالات وآراء
أطفالنا في مواقع التعدين من المسؤول؟

خارج السياق
مديحة عبدالله
أكثر من (5) ألف طفل يعملون في مناجم الذهب في الولاية الشمالية ونهر النيل قدموا من دارفور وكردفان وشرق السودان حسب تحقيق لصحيفة الجريدة 13 فبراير الجاري وأوضحت الصحيفة أن الأطفال يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات مثل الاغتصاب والعنف والاستغلال وإجبارهم على التسول وبيع الخمور والمخدرات.
صدقت الجريدة فمواقع التعدين أصبحت مأوى لعدد كبير من الأطفال، ممن جرفهم حب الكسب السريع، وإذا شئنا الدقة جرف أسرهم فتركوا مقاعد الدراسة غير آبهين لمآلات ذلك على المدى القريب والبعيد، وسبق أن شاركت في إعداد تحقيق استقصائي في سوق العبيدية بنهر النيل الذي يمثل واحد من أكبر أسواق الذهب في البلاد ويعج بالحركة دائبة من العربات الكبيرة الناقلة (للكرتة) من مواقع التعدين إلى حيث يجري العمل اليدوي المعقد للحصول على قطعة من الذهب تذهب أرباحها لملاك المواقع وأصحاب الآليات والأدوات، وتوجد أعداد مقدرة من الأطفال في السوق يقومون بأعمال مختلفة وجلهم في سن المرحلة الابتدائية دون رعاية أو حماية من أي نوع وفى بيئة أقل ما يقال عنها أنها لا تصلح لحياة الإنسان.
والأسوأ تعرضهم لمخاطر أبخرة عمليات التعدين والمواد السامة المستخدمة لاستخلاص الذهب وللانتهاكات بأنواعها المختلفة مما يترك ندوب في الجسد والنفس يصعب تجاوزها.. يا للحسرة كم نتعامى ونتجاهل قضايا الأطفال ومشاكلهم كمؤسسات وتنظيمات، حكومة ومجتمع مدني، وكم أصبحت مشاكلهم وعلاجها محصورة تقوم بها اليونيسف والمؤسسات الدولية الأخرى، ورغم ما يقال حول وجود خطط وبرامج لرعاية الأطفال وطنية إلا أن الواقع العملي يكشف أن تنفيذها ليس بحجم المشكلة.
وجود الأطفال في مواقع التعدين قضية اليوم قبل الغد والواجب أن تكون في قمة أولويات العمل السياسي بالضغط على المسؤولين من أجل إيجاد حلول عاجلة لأوضاعهم فهم اجُبروا على مفارقة الأسرة والعمل في ظروف قاسية بلا حماية وحث الإعلام على مواصلة الطرق على القضية بكل جوانبها، ومن المؤكد أن أسر هؤلاء الأطفال في فقر مدقع أو تواجه تبعات النزاع والنزوح، وأيًا كان ظرفها فليس هناك من هو أولى وأحق برعاية هؤلاء الأطفال منها مما يتطلب العمل على دعمها حتى تستعيد قدرتها على رعايتهم وحمايتهم من مخاطر العمل في مواقع التعدين وسوق العمل.
الميدان
أفضل مقال قضية مهمة وحساسة جدا جزاك الله خيرا.