مقالات وآراء سياسية

غاب المعيار والادارات المعيارية فتزلزلت الخدمة العامة

اسامة ضي النعيم

 

هو كذلك ، غاب المعيار فسمعنا بالجقور تأكل اساسات الكباري والانفاق  في  السودان ، طريق التحدى بين عطبرة والخرطوم يحبس مياه الامطار كأنما هو لذلك الغرض أُعد وصرفت  عليه الاموال ، طريق بارا أم درمان لم يخرج من سنتى الفطام الا وعادت الكثبان الرملية تسترد موقعها وتطمرما رصف به من قليل (الاسفلت) ، الحديث عن كبري الدباسين هو حديث الغول وفاطمة السمحة  حجوة كنا نسمعها ضغارا وواقعها لا يخرج عن وسيلة ننام علي وقع الترنيمات المصاحبة تطلقها الوالدة – عليها رحمة الله.

يطول غياب المعيار في أداء الخدمة العامة منذ حلت بيننا جحافل (الاخوان) ، علو بدباباتهم صروح الخدمة العامة وتبروها تتبيرا ، ادارة النقل الميكانيكي ذهبت تحت سنابك خيلهم  أو جنازير دباباتهم ، شراء السيارات والمتحركات المدنية لم تعد تحتاج  الي شهادة فحص النقل الميكانيكي صلاحية المركبة أوالمعدة من أصول الدولة يفتي بشأنها نافذ له أسنان من (الاخوان) ، باصات الوالي جاءت بذلك المعيار وقبض السودان خردة مقابل دولارات دفع ثمنا لتلك الباصات ، التخلص من أصول الدولة المتحركة لم يعد أيضا يحتاج الي شهادة النقل الميكانيكي ، تعجبه السيارة أو المعدة المملوكة للدولة فيقرر (الاخو) النافذ بيعها في سوق الله أكبر ، يرسو المزاد المقفول علي شخصه فقط وربما كان البيع بالتقسيط ثم تذهب جدولة الاقساط ديونا معدومة تقبرها سجلات الدولة.

ادارة الاشغال العامة لم تعد معيارا بين أدارات الخدمة العامة ، كانت تنشرتلك الادارة المواصفات الهندسية لبناء المنشاآت الحكومية ، كتمت حكومة الانقاذ صوت تلك الاداة المعيارية في مجال البناء والتشييد ، عوضا عن الادارة  المعيارية جلب (الاخوان) من فجاج تركيا وغيرها شركات تعودت علي الرضاعة من ثدي السلطان ،  فضحهم الله بزلزلة أرض تركيا خرج وزير البنى التحتية التركي ليتحدث عن غياب تقيد معظم أعمال المقاولات بمواصفات البناء في عدد من العمائر بتركيا مما أدي لسقوطها بذات السهولة ، هرولت الان تركيا تستعين بدولة اليابان للاسترشاد بمعايير البناء التي تقاوم الزلازل . للمفارقة يضرب اليابان زلزال في عام 2011م بدرجة 9.1 درجة من مقياس رختر فتتمايل المباني كما أغصان البان وتعود لوضعها الطبيعي.

ادارة المال العام في السودان وما أدراك ما هى في عهد الانقاذ ؟ تحولت الي ادارة تجنيب للمال العام ، خرجت السكة حديد في عهدهم من ناقل للبضائع الي مصدر للحصول علي الحديد الخام من بيع القضبان الحديدية ، بين نقاط شحن وتفريغ البضائع قامت حواجز عبور الشاحنات الاخوانية لقبض الرسوم والاتاوات ، النقل بالسكة حديد لا يتيح اقامة نقاط عبور بينية ، بين كل نقطة عبور تجد أخرى فاتحة ذراعيها ، من تسربل بالامانة من الجالسين في تلك النقاط يتقاسم الغلة مع التجنيب فالثلثين للعامل علي التجنيب والثلث للادارة المختصة تجنيبا  تلك فتواه وهو الامين المؤتمن ، ديوان الحسابات العامة لم تعد الادارة المعيارية بيننا ، كان ينصح محاسبها المنتدب رأس الدولة السيد الزعيم اسماعيل الازهري – عليه رحمة الله ورضوانه – بضرورة أخذ موافقة وزير المالية ليحق لرأس الدولة التبرع لجمعية خيرية بمبلغ عشرة جنيهات ويتقبل الزعيم النصح ويعمل به ، حتي في سبعينيات القرن الماضي كانت المذكرات تروح جيئة وذهابا بين ادارة العهد (المدينون) ومكتب وزير المالية لاعفاء بعض كبار رجال الدولة في فترات الحكم المدني من مديونية سجلت عليهم ، ملاحظات المراجع العام كانت تجد الاستجابة من ادارة ديوان الحسابات العام الي حين مجئ الانقاذ .

المعالجات لا تتم بالبكاءعلي اللبن المسكوب ، وضع ادارة المخازن والمهمات من جديد لتشرف علي تأمين أثاثات الدولة من مكاتب وغيرها ، غيابها أدى لتباين تأثيث مكاتب الدولة بين الموظفين في ذات الدرجة ، قبل عهد (الاخوان) يمكنك التعرف علي درجة الموظف فقط من خلال تأثيث مكتبه ، في عهد الانقاذ تتمايز الصفوف بدرجة نافذية (الاخو) وقربه من أعلى سلم الحاكمية ، اعادة ادارة الاشغال العامة لتشرف علي استلام ومراقبة العمل في طريق عطبرة الخرطوم وبقية الطرق الداخلية في المدن أو الطرق القومية ، شهادة المهندس منسوب ادارة الاشغال العامة هي التي تحدد صرف المستخلص الاخيرللمقاول ، الادارة العامة لديوان  الحسابات تعود تابعة مباشرة لوزير المالية وكذا ادارة ديوان المراقبة الداخلية ، تدرس الادارتان تقارير المراجع العام لتحديد الخطوات والاجراءات التي يجب اتخاذها في الملاحظات مع متابعة التنفيذ. تعاد مركزية حفظ خزائن السودان لا أن يتوزع دم المال العام بين الولايات والقبائل ، مركزية حفظ خزائن الارض جاءت في محكم التنزيل علي لسان سيدنا يوسف- عليه السلام- (قال أجعلني علي خزائن الارض اِني حفيظٌ عليمٌ).

عموما لا بد من تفكيك بنية الفوضى التي ضربت معايير الخدمة العامة وترسيخ ادارات المعيار لضبط الاداء في الخدمة العامة ليتحقق مفهوم (بذل العناية المهنية المطلوبة لاداء العمل)  حيث هي عبارة تجدها في قَسم وتعهدات أخلاقيات المهن المختلفة.

 

 

‫2 تعليقات

  1. لك التحية ضي النعيم وانت تضيء الراكوبة بمساهماتك القيمة. يجب ان نبدأ مما انتهى به الاخرون وهو الحكومة الالكترونية والحكومات المفتوحة حيث تعزز قيم الشفافية والمحاسبة والحوكمة والمشاركة الفعالة، مما يسهم في محاربة الرشى والفساد وتقليل التكاليف وتوفير الوقت والجهد ومواجهة الاحتباس الحراري بتقليل الانبعاثات

    1. شكرا أخ/ي/تي (MAN)– تعليقاتكم أيضا لها سحر وتمثل اضافة ، موضوع الحكومة الالكترونية تحرك مواجع عندي -بالرغم من دفع الاشتراك في النت مقدما الا التقطيع يبدأ فور استلامهم للاشتراك الشهري – الحوكمة تحتاج لازاحة ناس التمكين والتكويش لتعبئة السستم بقواعد الحوكمة في كل المجالات من تسجيل الشركات الي توزيع الارباح وفي القطاع الحكومى اجراءات التقديم للاراضي من الالف الي الياء واستثناء بيع اراضي جامعة الخرطوم والميادين العامة — شكرا علي الاقتراح والتشجيع ودمتم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..