“توصيات ورشة اتفاق جوبا .. هل تحاشت إلغائه أم تحايلت عليه؟”


معروف بديهيا ، أنّ السياسة فن الممكن ، وأنّ المصانعة الحذرة ، من الكياسة والحصافة في هذا المضمار، رغم القول أن عهد “الغطغطة والدغمسة” قد انتهى ، ومما لا شك فيه ، أنّ الحرية والتغيرــ المجلس المركزي ، ليس في وضع يكنها من فرض كامل أجندتها على الجميع ، وهي ليست “ناقصة مشاكل”، وتعلم أنّ عداوة حركة واحدة حتى إن كانت مسلحة بسيوف العُشر ، قد لا تفيد معها ألف صديق دعونا نسبر أغوار توصيات ورشة تقييم اتفاق جوبا للسلام ، والتي اختتمت أعمالها مؤخرا ، لنرى هل “تجرست” في مواجهة خطله ، أم أنّ قيادات مركزية قحت ، “لعبت سياسة”، بحركات اتفاق جوبا ، حسب تسريبات مسودة الإعلان السياسي المرتقب ، والتي جاءت فيها “تقويم وتقييم اتفاق جوبا للسلام”؟
نعتقد أن توصيات الورشة ، تحايلت بذكاء سياسي بتفاديها الإشارة صراحة إلى تعديل أو إلغاء الاتفاقية ، بإيرادها عبارة “تقييم وتقويم” بين الموقعين على الإطاري والموقعين عليها ، وبلا شك أن اعوجاج وخطل هذه الاتفاقية لا يحتاج دليل إثبات ، ولتقويم الخلل في النصوص ، والانحراف في التطبيق ، يجب إعادة النظر ، في اختزال الحركات الموقعة علي هذه الوثيقة ، روحها ونصها على الوظائف ، واحتكارها على منسوبيها ، واتخاذ خطوات جادة لتصحيح هذا الابتسار الانتهازي المخل وضمن إجراءات التقويم الضرورية ، فيما يخص ملف دارفور ، وحسب التوصيات الصريحة والضمنية ، يجب أن تسلم الأموال المخصصة للإقليم لمفوضية السلام ، وليس لحاكم الإقليم ، لانعدام الثقة ، ويجب ان تحدد نسب الأموال المخصصة للترتيبات الأمنية ، وإعادة توطين النازحين واللاجئين ، والتعويضات وبناء السلام ، بصورة واضحة ودقيقة ، وأن تعلن مفوضية السلام للرأي العام عن الأموال المستلمة من الجهات المانحة السيادية والدولية ، وتكشف عن النسب المخصصة لكل بند أن عمليتي التقييم والتقويم ، يجب أن يحققا العدالة والشفافية ، للتأكيد على أنّ اتفاق جوبا للسلام ، لكافة أهل الإقليم ، وليست حكراً على الحركات المسلحة التي انتهزت الفترة الانقلابية لممارسة تمكين منسوبيها بصورة محمومة على حساب الآخرين، دون اكتراث ودون حسيب جاء تصريح السيد مني أركو مناوي ، رئيس حركة تحرير السودان ، حاكم إقليم دارفور سالبا عن الورشة التي انعقدت مؤخرا بمدينة جوبا لتقييم اتفاق جوبا للسلام ، ومن قبل قاطع مع المقاطعين ، الورشة التي انعقدت لذات الغرض بقاعة الصداقة بالخرطوم ، مما يعني أنه يهرب إلى الإمام ، قابضا على غنيمة الغفلة “حاكم إقليم دارفور” ظنا منه أنه إقليم بيافرا النيجيري !
ماذا يستفيد اللاجئين والنازحين من دمج منسوبي الحركات المسلحة في القوات النظامية؟ لا شيء ، آخذين في الاعتبار ، الرتب والنمر العسكرية ، المعروضة في أسواق “الله أكبر” والتي أصبحت حديث الناس، ومصدر قلق حتى لبعض قيادات الحركات المسلحة ، عليه في هذا الخصوص ، وفيما يخص الصرف على بند الترتيبات الأمنية ، يجب التركيز على القوى الأمنية المنوط بها ، حماية النازحين واللاجئين في معسكراتهم ومزارعهم ، والإنفاق على البنى التحية الأمنية ، من مراكز شرطية ، ونيابات عامة ، وأساطيل ومعدات الدعم اللوجستي لهذه القوات ، وتفادي إضاعة الأموال في مخصصات الدعم وحوافز التسريح لتقويم مسار اتفاق جوبا للسلام ، وفي ظل العودة المرتقبة للعسكر إلى الثكنات ، وتشكيل الحكم المدني الخالص من القوات النظامية ، ليس متسقا ، ومن غير المتوقع ، أن يتولى قائد حركة مسلحة منصب دستوري، تشريفي أو تنفيذي ، وهذا ما نص عليه الاتفاق الإطاري صراحةً وضمنا ، عليه ، من المتوقع ، أن يفارق قيادات الحركات المسلحة ، المناصب الدستورية “فراق الطريفي لجمله” وهنا مكمن تحايل توصيات ورشة تقيم اتفاق جوبا للسلام . ذلك أن في عالم اليوم ، من فقد السلطة ، فقد المال، وهما أس الخلل في هذا الاتفاق” الماسورة”
