ماذا وراء زيارة لافروف للسودان؟

د. محمد عطا مدنى
سوف يذكر التاريخ الأسود للعهد البائد و(لبقاياه) الآن. أنهم الأشخاص الوحيدون فى تاريخ العالم، أول من باعوا وطنهم (المهم تاريخيا وحضاريا واقتصاديا) بالجملة والقطاعى ، وقبضوا ثمن الخيانة مالا حراما ، مع وعود بمحاولات تثبيتهم فى الحكم الزائل . ولا زال الفيديو الذى يسجل عمالة وخيانة البشير للوطن (وهو ليس وطنه باعترافه فى آخر مؤتمر للعصابة الإرهابية بأن ولاء الجماعة أقوى وأعمق للتنظيم الدولى من ولائهم للوطن)..!
لازال هذا الفيديو ماثلا أمام عيونى يشعرنى ويشعر كل سودانى بالمهانة ويكوى القلب والوجدان نظرا لانتسابنا لرئيس مثل هذا المأفون الذليل والذى جاء فى غيبة من الزمن ليقدم وطنه لقمة سائغة لواحدة من الدول الكبرى فى العالم، والتى إن دخلت بلدا برغبة بعض قادة أهله الخونة، فلن تخرج منه حتى قيام الساعة..! .
ومن العجيب أن أزاهيج العصابة المتأسلمة كان بعضها يتضمن تهديدا لروسيا وأمريكا بالزوال من خريطة العالم..! بقولهم فى هذه الأهازيج:
(أن روسيا وأمريكا قد دنا عذابهما) أى ستقضى عليهما العصابة معا بضربة واحدة..!
الفيديو الكارثة قد تم تسجيله للبشير وهو يطلب علانية وبصراحة من بوتن (خدمة) حمايته من الأمريكان، مع وعد بإعطائه قاعدة عسكرية فى بورسودان. محاولا أن يتقى مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه إليها ببيع جزء من الوطن..!
ولازلت أذكر نظرات بوتن إليه فى احتقار (رغم العرض المجانى المغرى) لأن بوتن رجل المخابرات القوى والسياسى البارع ، قد خبر هذه السيناريوهات السياسية والعسكرية جيدا ، ويعلم تماما أنه لايمكن أن يجد موطىء قدم فى دولة حرة إلا بعد أن تحفى قدماه ويداه أيضا ، فى سبيل طلب مثل هذا .. أما أن تأتيه (هكذا) هدية مجانية من (مأفون) و (خائن) بوعد بقاعدة عسكرية ، ليست داخل البلاد ، وإنما فى ميناء يعتبر من أهم موانى البحر الأحمر ، ذلك البحر الذى يتحكم فى أهم شرايين الملاحة البحرية والتجارة العالمية وحركة السفن الحربية ، بالإضافة لموقعه الاستراتيجى والوجستى..! مما جعل بوتن يحدق بنظرة غريبة للمأفون تحوى خليطا من الاحتقار والسعادة. لأنه وبقاعدة اللاذقية العسكرية الروسية فى سورية استطاع السيطرة على شرق البحر المتوسط وأصبح مهددا أصيلا للأساطيل الأمريكية والفرنسية والبريطانية فى البحر المتوسط ، وقد أخرجته هذه القاعدة من عزلة أساطيله وسفنه التجارية فى البحر الأسود ، وتكبدها المشاق والأموال (رسوم العبور) كى تخرج من بوغازى البسفور والدردنيل إلى بحر مرمرة فى تركيا ، ومنها الى البحر المتوسط ، وإلى العالم الواسع..! .
وقد شارك بوتن مع الأسد فى ضرب المقاومة السورية حتى لاتقوم دولة ديموقراطية فى سورية تحاول زعزعة ملكيته لقاعدة اللاذقية العسكرية ، ويمكن له أن يمحى الشعب السورى بكامله من الوجود فى سبيل قاعدته العسكرية فى ميناء اللاذقية..! .
ومنذ ذلك الزمن الأغبر، ظل بوتن يحلم بهدية (المأفون الذليل البشير) بائع وطنه من أجل تثبيته فى كرسى زائل فوق رقاب الشعب السودانى.
ومن الغريب أن أئمة العصابة المتأسلمة وشيوخها لم ينتقد أحدا منهم وعد البشير لبوتن بكلمة واحدة .. وقد ابتلعوا كل (أدبياتهم) عن كراهيتهم التاريخية للشيوعية إلى الأبد. رغم خطورة ذلك على الوطن وعلى المنطقة . ورغم أنها ستجر على السودان – بالتأكيد- عداءات كثيرة نحن فى غنى عنها ونحن دولة فى طور التكوين من دول مثل الولايات المتحدة وغرب أوروبا وبعض الدول العربية. لأن تلك القاعدة ستمكن روسيا عن طريقها من السيطرة على البحر الأحمر بكامله. وستمكن القاعدة امبراطورية بوتن التى يحلم بإعادة سطوتها القديمة (أيام الاتحاد السوفيتى) على أهم المنافذ والمعابر الاستراتيجية فى العالم ، وفى استطاعته إغلاق باب المندب وقناة السويس فى حالة نشوب حرب عالمية ، لأن طريق البحر الأحمر هو الطريق الوحيد بين شرق العالم وغربه..! .
بعد الثورة المباركة أحضر الروس بعض المعدات ووضعوها على شاطىء بور سودان (لجس نبض الحكومة الانتقالية) ولكن حمدوك كان منتبها لدلالة هذه الحركة وأمرهم بسحب متعلقاتهم ، وأخبرهم بأن الحكومة الانتقالية ليست مكلفة بتنفيذ هذه الوعود ، وأن مثل هذا الأمر إن كانت هنالك اتفاقات موقعة فهو -أى حمدوك- ليس مسؤولا عنها ، وأن حكومته الانتقالية ليس من سلطاتها اتخاذ قرارات مصيرية ، وأن هذا من سلطات برلمان منتخب من قبل الشعب.
وبعد الانقلاب الغاشم .. بدأت روسيا تجس نبض السلطة الجديدة وأغرقتها (بجمايلها)، مثل إهدائها عصابة (فاجنر) الإرهابية الرسمية التابعة لبوتن. والتى ورّدت أجهزة تجسس وتقصى حقائق لسلطة الانقلاب الغاشم ، وذلك لتتبع الناشطين من الشباب فى المظاهرات وقتلهم عن طريق قناصة (فاجنر) وبعد المتدربين من بقايا العهد البائد.
<وهذا هو البرهان يستقبل وزير الخارجية الروسى الذى يزور السودان وبعض الدول الأفريقية لمحاولة إيجاد دعم معنوى لبلده فى حربها فى أوكرانيا .. وقد تسربت أنباء عن طلب لافروف ببدء العمل فى القاعدة العسكرية الروسية فى بور سودان. ولأن البرهان يواصل مهمة البشير فى بيع الوطن لتثبيته فى الحكم مثل رغبة سلفه ، فتقول بعض الأخبار أنه وعد لافروف (خيرا)..!
آخر الكلام :
أيها الشعب السودانى الطيب الحر بكافة جهوياته وانتماءاته السياسية ، أوقفوا تطبيع البرهان مع إسرائيل .. وأوقفوا تسليم جزء من الوطن لروسيا لأنها لن تتركه مطلقا وأمامنا مثال واضح ، قاعدة اللاذقية الروسية فى سوريا .. وإذا لم تقفوا صفا واحدا ضد هذه المخططات لبيع ماتبقى من الوطن .. فأرجو أن تبحثوا من الآن على وطن بديل..!! .
الشعب السودانى شعب عظيم ولاكن للاسف يحكمة جبناء وخونه لله والوطن وكل ذلك بفعل الجيش الخايب الذى لم يصد عدوان خارجى على الوطن منذ تاسيسة .كل هم قادتة الظهور بالدبابير الفالصو وملىْ كروشهم ولو على حساب الوطن. ما من قتيل اوجريح الا وكان برصاص الجيش الذى لم يحافظ على وحدة اراضية بل تم فصل جزء عزيز منه : حتى الانجليز المستعمرين الذين كان بامكانهم فصل السودان الى جنوب وشمال قد استحوا من فصل ذلك التراب.