بعد إغلاق حقل سفيان النفطي بشرق دارفور.. هل ستستجيب الحكومة لمطالب المجتمع المحلي؟

*إتفاقية جوبا للسلام حددت نسبة ٤٠٪ للاقاليم المنتجة للبترول وتخصيص نسبة ٣٪ منها للمناطق المنتجة
* دعم مشروعات المسؤولية الاجتماعية يجب أن لا تقل عن نسبة 10٪ من صافي أرباح شركات النفط
* إغلاق حقل سفيان النفطي بولاية شرق دارفور وتزايد عدد المعتصمين بشكل كبير
* المعتصمون يتمسكون بسلمية الإعتصام ويحذروا السلطات الولائية والمركزية من محاولة فض الاعتصام
الجريدة – عبدالرحمن العاجب
درجت المجتمعات المحلية على إغلاق محطات وحقول إنتاج النفط، للضغط على الشركات لتنفيذ مطالب تتعلق بالنسب المخصصة للتنمية، ومعالجة الآثار البيئية، وتوظيف السكان المحليين، علاوة على المال المخصص للمسؤولية المجتمعية وأوجه صرفه، وظلت حقول النفط في ولايتي غرب كردفان وشرق دارفور عرضة للاستهداف المستمر من الأهالي الغاضبين وجماعات مسلحة بعضها ينتمي للمجتمعات المحلية في ولاية غرب كردفان. وفي سياق متصل بتلك الاحتجاجات والاعتصامات أعلن تجمع العاملين بقطاع النفط أمس الأول (الاثنين) إغلاق حقل سفيان النفطي، التابع لمربع (6) بحقل بليلة التابع لولاية شرق دارفور، على يد أهالي غاضبين، يرفعون شعارات ومطالب تنموية، وقال بيان صادر عن التجمع تحصلت عليه (الجريدة) إن إغلاق الحقل تمَّ على يد محتجين يرفعون مطالب تنموية وفرص توظيف في الشركات العاملة بالمنطقة.
(١) وأكد التجمع معايشة العاملين بالحقل لأوضاع أمنية ومعيشية مقلقة، جراء احتجازهم، وقطع إمدادات الكهرباء عنهم، من قبل المحتجين، وقدّر البيان الخسائر الناجمة عن الإغلاق بـ(4) آلاف برميل من الخام الخفيف يومياً، فيما رفض العاملون في شركة (بتروانيرجي) أحدى كبريات الشركات الناشطة في المنطقة، خطة إخلاء من مسؤولي الأمن والسلامة المهنية، للحيلولة دون توقف الإنتاج، وحمّل مسؤولي وزارة الطاقة مسؤولية سلامة العاملين بالشركة، وحذروا من التعاطي السلبي مع تطورات الأوضاع بالحقول النفطية.
ودخل إعتصام حقل سفيان يومه الخامس وسط تزايد كبير في اعداد المشاركين بانضمام معظم قرى ومناطق محليتي عديلة وأبوكارنكا، ودفع المعتصمون بحزمة مطالب تمثلت في إنشاء شبكات متكاملة لمياه الشرب للإنسان، وحفر ابآر ومحطات للمياه.. ويذكر أن سكان تلك المناطق يعانون ظروف قاسية بسبب شح المياه الناتج عن قلة محطات المياه والتوقف المستمر للمحطات الموجودة بسبب الاسبيرات وعدم توفر الوقود رغم قربها من حقول انتاج النفط بمنطقة (سفيان). وطالب المعتصمون ببناء مستشفيات متكاملة لتقديم الخدمات الصحية، وشددوا على ضرورة أن تكون المستشفيات بمواصفات متقدمة وبكادر طبي ذو خبرة وكفاءة واجهزة ومعدات ذات جودة عالية تخدم انسان المنطقة الذي ظل يعاني من انعدام الخدمات الصحية لعقود طويلة.
(٢) وشدد المعتصمون على ضرورة تأهيل وصيانة المؤسسات التعليمية (المدراس) ودور العبادة وبناءها بالمواد الثابتة ودعمها بوسائل التدريس والاجلاس، فضلا عن مطالبتهم بامداد المنطقة بالتيار الكهربائي، كما طالب المعتصمون بإنشاء مركز للابحاث الزراعية لتقديم الارشاد الزراعي، وطالبوا بضرورة توفير عربات إطفاء (مطافي) وسيارات اسعاف لحالات الطوارئ الصحية، فضلا عن الاهتمام بقضايا الشباب والحرفيين والمهنيين.
وطالب المعتصمون برصف طرق برية وردميات خرسانية تربط المنطقة برئاسة المحليتين (عديلة وأبوكارنكا) والولاية، وشدد المعتصمون على ضرورة مراجعة علميات التعويض التي تمت لملاك الاراضي التي وقعت تحت دائرة الاستكشاف والانتاج لحقول النفط واعادة النظر في قيمة التعويض الفردي والجماعي وتقييم الاشجار المثمرة مثل شجرة الهشاب المنتجة للصمغ العربي تقييم حقيقي.
وأعلنت ولاية غرب كردفان، أمس الأول (الاثنين) حالة الطوارئ في عموم الولاية، وفي مناطق التنقيب عن البترول على وجه الخصوص، لوقف الاعتداءات المتكررة على الحقول والعاملين في القطاع الحيوي، فيما تمسك المعتصمون في حقل سفيان النفطي بسلمية الإعتصام، وحذروا السلطات الولائية والمركزية من محاولة فض الاعتصام، وناشد المعتصمون رئيس مجلس السيادة بضرورة التدخل والاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة.
(٣) ويذكر أن إتفاقية جوبا للسلام حددت نسبة ٤٠٪ للاقاليم المنتجة للبترول، على أن تخصص منها نسبة ٣٪ للمناطق المنتجة، غير أن هذه النسبة لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وشدد ناشطون من أبناء المنطقة على ضرورة الإيفاء بدفع هذه الاستحقاقات والتي اعتبروها أصبحت استحقاقات دستورية واجبة النفاذ.
وكان الدكتور أدم حريكة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء أكد في مؤتمر الفولة لمناقشة قضايا النفط، أكد أن مساهمة شركات البترول في دعم مشروعات المسؤولية الاجتماعية يجب أن لا تقل عن نسبة 10٪ من صافي أرباح الشركات المنتجة للنفط بتلك المناطق.
و أصدر والي غرب كُردفان خالد محمد جيلية أمس الأول (الاثنين) قراراً بفرض حالة الطوارئ في كل أنحاء الولاية لمدة شهر، وفوض الأجهزة العسكرية والأمنية لحسم التفلتات في مناطق إنتاج البترول، فيما تزايدت خلال الأشهر القليلة الماضية الهجمات المسلحة التي تستهدف الحقول المنتجة للنفط في الولاية وسط اتهامات لسلطات الولاية بالتقصير في تأمين الحقول.
وقال مرسوم أصدره الوالي (تُعلن حالة الطوارئ في كل الولاية ومناطق حقول البترول اعتبارا من اليوم 27 فبراير ولمدة شهر قابلة للتجديد) وأوضح ان القرار اتخذ عملا بأحكام المادة 9 من الوثيقة الدستورية لسنة 2019 تعديل لعام 2020 مقروءة مع المادة 5 – 8 من قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997 وبعد استعراض الموقف الأمني والجنائي ومقررات لجنة أمن الولاية مع موجهات وقرارات لجنة الأمن والدفاع.
وفوض الوالي بموجب المرسوم سلطاته الواردة في قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة للقوات النظامية المشتركة من قوات الشعب المسلحة والشرطة والدعم السريع والمخابرات العامة ولجان أمن الحقول للتدخل واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع التفلتات الأمنية وفرض هيبة الدولة في جميع أنحاء الولاية ومناطق إنتاج البترول، وحدد المرسوم عقوبات المخالفين بالسجن لمدة لا تتجاوز ثلاثة سنوات والغرامة 3 ملايين جنيه بجانب مصادرة الوسيلة أو الآلة والمحال المستخدم في مخالفة أحكام المرسوم.
(٤) وأعلن تجمع العاملين بقطاع النفط( الأحد) الماضي توقف حقل (كيي) النفطي التابع لمربع 6 بحقل بليلة، بعد احتجاجات نفذها مواطنون، وأدى توقف الحقل النفطي لفقدان نحو 4 ألاف برميل تستخرج من الموقع يومياً، وظف الاهالي المحليون بولاية غرب كردفان ينظمون احتجاجات متكررة لعدم توظيف أبناء المنطقة في شركات النفط علاوة على التردي البيئي الذي يصاحب عمليات استخراج البترول، كما ظهرت حركات مسلحة أغلب عضويتها من منسوبي قوات الدفاع الشعبي التي استخدمها نظام الرئيس المعزول في مساندة الجيش أثناء الحرب مع الحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب، تطالب بترتيبات أمنية وإلحاقها بالأجهزة الأمنية والعسكرية. وخسر السودان ثُلثي إنتاجه النفطي بانفصال جنوب السودان العام 2011، الأمر الذي فاقم من أزمات البلاد الاقتصادية، ويشير التوزيع الجغرافي إلى وجود (24 %) من الحقول المنتجة للبترول بالولايات الشمالية مقابل (76 %) من الحقول المنتجة للبترول بالولايات الجنوبية، ومن خلال هذا يتضح أن دولة شمال السودان تأثرت تأثيرا كبيرا بانفصال الجنوب بسبب افتقادها لـ(76 %) من البترول المنتج بجنوب السودان.
وعقب انفصال الجنوب أوضحت وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن ميزانية الحكومة السودانية في الشمال ستفقد (36,5 %) من إيراداتها بعد الانفصال بسبب فقدانها لحصتها من عائدات النفط المنتج في جنوب السودان، وتجدر الإشارة إلى أنه في السابق كان الشمال والجنوب يتقاسمان عائدات البترول بنسبة (50 %) لكل منهما، ولكن بعد الانفصال ظل الجنوب يمتلك أغلبية البترول والشمال يمتلك خط الأنابيب والموانئ، وطوال عمر اتفاقية السلام الشامل ظل النفط هو القاسم المشترك بين شمال السودان وجنوبه.
الجريدة