المعارضة هي الحكومة البديلة

أسامة ضي النعيم محمد
محاولات البعض للتبشير بضرورة اِدخال جميع مكونات الطيف السوداني في بالونة واحدة ، حتمية اِتفاق كامل قوس قزح السياسة في السودان علي برنامج واحد ، يضعه شرطا لتسليم السلطة لتصبح مدنية ، هوعبث يتنافى مع طبيعة وسنن الكون ، منذ بدء الخليقة أبى وعارض اِبليس دعوة رب العباد ولم يسجد لادم كما سجدت سائر الملائكة.
في تأريخ أمة السودان أيضا تحضرنا أمثلة ، فيها يبدو جليا خطل وخطأ محاولة حشر الاطياف السياسية الي بيت طاعة يقيمه الحاكم أو الفرعون ، الاتحاد الاشتراكي ودعوة تكامل السودان مع مصر وليبيا ، ثم القفز علي اتفاقية أديس أبابا لعام 1972م وتعديلها من قبل نميري ، أطلقت الرؤية الاحادية انيانيا (تو) وحربا زادت شراسة علي ما كانت عليه قبل عام الاتفاقية ، غياب الرأي البديل المعارض أسهم في استبداد النميري برأيه ولسان حاله يقول (ما أُريكم الا ما أرى) ، المشروع الحضارى سقط في التجربة حين فصل الجنوب عن الشمال ، لم يسعف السيد الصادق المهدي ليقف معارضا في مواجهة ذلك الرأي المتخلف ، لم يفتح الله عليه بقول كلمة تدعم ضرورة وحدة السودان ولو بتأجيل تطبيق قوانين سبتمبر 1983م ، الحجة كانت جاهزة في ضرورة المحافظة علي تواصل الارحام بين الدينكا والفور وبقية قبائل السودان ، ولم لا وبين تلك القبائل جاءت المصاهرة التي أنجبت السيدة/ أويت دينق ديت أو (مقبولة) كما الاسم الذي عرفت به مذ أطلقه عليها الامام المهدي – عليهم جميعا رحمة الله ، أنجبت له السيد عبد الرحمن المهدي ومن بعده أحفادا رفعوا شعار (السودان للسودانيين).
حشد مركب الاتفاق الاطاري بالمعارضين لا يمثل حكمة جمع الشمل ، هي دعوة لاتتسق مع العقل السوى الذي يقبل أكثرمن طريقة حل لمسألة رياضية واحدة وأكثر من رأي لفتوى دينية واحدة ، تعدد مسارات الحلول ينبئ عن ثراء الحكمة ، الاصرار علي جلب الناس لمورد واحد أو حشرهم في سفينة واحدة لا يعني الابحار بمنجاة ، لا يخلو من بين الركاب من يريد خرق السفينة ، بعضهم ربما خرقها شفقة ورحمة بأهل السفينة ، حرصه علي حلال أصحاب السفينة لكي لا يغتصبها منهم ملك ظالم ، البعض يخرق السفينة حسدا من عنده وليغرق أهلها .
خيرا فعلت قوى الحرية والتغيير المركزي بتحديد أطراف الاتفاق الاطاري ، أصحاب السفينة لا بد من أن يكونوا علي قلب رجل واحد ، جلب أصحاب الاراء المتعددة لا يجعل الابحار سهلا لبلوغ الجودي لترسو السفينة عنده ، كما في ممارسات الشعوب الاخري حولنا في الهند أو بريطانيا ، أصحاب البرامج البديلة هم مشروع حكومة تقف تحت الطلب ، لا تطرق المعارضة الابواب لتسمح لها الحكومة بالجلوس وتقاسمها مقاعد ادارة الدولة ، المحاصصة وقسمة السلطة والثروة ثقافة أتت بها الانقاذ لتثبيت وتمكين (أخوان) بعينهم في وضع تمكيني ثابت في دولاب الحكم ، تحرك المؤلفة جيوبهم من الحركات المسلحة وأطراف الاتفاقات بحسب توافر خانة شاغرة في بيت الطاعة منصات الحكم أو المجلس الوطني .
علي الكتلة الديمقراطية وأحزاب البعث والشيوعي وغيرها ، أن تطرح برامجها البديلة كمشروع حكومة ظل ، تبشر برؤاها الشعب السوداني وتزين مواقفها ، عند اخفاق أطراف الاتفاق الاطاري في رفع اسم السودان من قائمة المقاطعة الدولية ، فشلهم في استقطاب كبرى الشركات العالمية للاستثمار في مختلف المجالات بالسودان ، استمرار السكوت علي احتلال حلايب وشلاتين وأبو رمادة ، الاخفاق في ادخال نظام العقود الموثقة والدفع بموجب الاعتمادات المستندية في التجارة مع مصر ، حينها فقط تتحرك المعارضة البديلة من خلف الظل لتطرح نفسها للشعب السوداني ليفوضها الحكم.
يبقي خيار جمع الطيف الحزبي السوداني بأحزابه المختلفة المتناحرة وحركاته المسلحة المتعددة مصادر تمويلها ، جمعها كلها في عباءة واحدة ، عبث يسير عكس طبيعة الاشياء والكون بانسه وجنه .
نحن في فترة انتقالية يا أخي والموقعين على الاطاري ليسوا منتخبين من الشعب فعليهم أن يتواضعوا ويشاركوا الاخرين الحكم والا سقطوا كما سقطت حكومة حمدوك بكل بساطة والعاقل من اتعظ بغيره.