السودان الدولة الخيرة التي تتصدق علي حكامها

أسامة ضي النعيم محمد
يأتيها النافذ حافي القدمين ، أغبر أشعث ، لا يملك قوت يومه ، ثم بالتمكين يتحول الي مالك عقارات حكومية لها ارث تأريخي يمتد لعشرات السنين ، تحاول جامعة الخرطوم استرداد ارثها فاذا بالنافذ يغرز اسنانه ممسكا بفريسته ، ما يقارب من مائة قطعة أرض حكومية أو تعود لوقف خيري تصك باسم ذاك النافذ ، يصب حديث شيخهم الترابي اعترافا بأن مانفيستوو صحف (الاخوان) لا تحمل ما يردعهم عن اِتيان المال العام بل تشجع الحصول عليه بالوسيلة التي تبرر الغاية ، الاستحواذ بطرق غيرشرعية وفي منافسة مقفولة علي الاخوان تجيزه صحفهم وتزيد عليه اضافة فقرة التحلل ليصبح (النذر القليل) كفارة تجيزها (مزاميرهم) ليصبح جل الغنيمة لقمة سائقة ينفرد بها (الاخو) ، ربما حولها عقارات وعمائر سكنية في الاراضي التركية ، ويتبعها الله عز وجل بأن يفرغ علي قلب ذلك (الاخو) جنده من عناصر الخوف يتمثل في شبح الزلزال.
كان السودان يتمتع في عهد الاستعمار الانجليزي بخاصية ومميزات الدولة الخيرة كما هو الحال في الام بريطانيا ، يجد في كنفها أصحاب الحاجات متطلباتهم من الدولة ، علاوة غلاء المعيشة زيادة تحسب وتضاف سنويا لمرتب العامل والموظف ، التعليم والعلاج والسفر علي الخطوط الجوية السودانية والسكة حديد مجانا ، يصرف للفقراء من الطلاب اعانات مالية شهرية ، سكن التلاميذ والطلاب في داخليات حكومية تقدم لهم وجبات الطعام مجانا . الخريج الجامعي يجد وظيفة في سوق عمل تتدافع الوظائف الشاغرة تخطب هي ود الخريج ، علي تمام العامين من الخدمة في الميري يكون الموظف في طريقه الي انجلترا أو أمريكا في بعثة حكومية ، تستقبله الملحقية الثقافية في مطار (هيثرو ) مثلا وينزل ضيفا في بيت السودان عند (رتلاند قيت ) الي أن يتم تزويده بالمصروفات وارشاده الي طريقة الوصول لمقر الجامعة في المملكة المتحدة.
كما حل التتر علي بغداد ودمروها ، أعاد التأريخ جحافل مماثلة أيضا وتجبرالاخوان علي الخرطوم وميادينها ، حولوها الي عصف مأكول بعد أن فصلوا اللحم عن العظم ، غابت سماحة الاسلام وحكمته بكسبهم ، لم يعد بيننا اخوة ندعوهم للدخول في دين الاسلام ، ذهبت عزوتنا في جنوب السودان مغاضبة وغدت دولة مسيحية بالكامل ، توزيع الصدقات والزكوات من بيت مال المسلمين علت فيه حصة (العاملون عليها) علي باقي المصارف الشرعية.
السودان الدولة الخيرة تفتح مناجم الذهب حكرا علي النافذين ، خزائن أرض السودان يغيب عن سدنتها (حفيظ عليم) ، لم تعد الا جبايات وضرائب و(دقنية) وعادت (زندية) تؤخذ من الفقير والاكثر فقرا ، ينتظر تلك الغلة عصبة سلام جوبا توزع تعيينات ومعينات للعيش الرغد في سوح الخرطوم ، للفقراء والنازحين في معسكرات دارفور رب يحميهم ، ربما رزقهم الله من حيث لا يحتسبون وجاء العون والمدد من (كارتر) ومنظمته الخيرية تحذو حذو (عيش ريغان).
تأملات تطوف في ذهن من يتابع تأريخ توزيع نفقات الدولة السودانية ، هي اليوم ومنذ عهد الانقاذ تمايز ايجابيا من هم علي رأس هرم السلطة بفقه توزيع السلطة والثروة ، تتوزع بينهم مناجم الذهب وفي بلاد الدنيا الاخري هي من خزائن الارض يحتكرها فقط السلطان أو الدولة ، يتشبث المنادون بقسمة السلطة والثروة بوظائف الدولة مصدر رزق وحيد وسبل كسب عيش رغيد ، اتسعت الشقة بين الذين تمكنوا من مفاصل الدولة وجيروها منافع حصريا لهم ، وبين الفقراء الذين ازدادت أعدادهم باضافة الغالبية من العمال والموظفين من غيرعناصر التمكين وأصبحوا فقراء .
أما آن للسودان أن يتحول الي دولة خيرة ، يقوم فيها ديوان الزكاة بعدل الميل والرجوع الي الصراط المستقيم ، توزع الزكوات والصدقات الي مصارفها الشرعية ، تعود مناجم الذهب ملكا للدولة ، تقام المزارع الجماعية عبر شركات مساهمة تردفها خبرات واستثمارات أجنبية ، التعليم يمنح قدرا عاليا من الاهتمام ونصيبا مقدرا من عائدات الذهب ومصادر ايرادات الدولةالاخري ، يتاح التعليم موردا يدلف اليه مجانا وينهل منه كل أبناء السودان وتلغي الخصوصية في الحصول عليه اعانات الطلاب تبذل لمساعدة الفقراء من التلاميذ ، الدولة الخيرة في السودان يسهل اقامتها مع موارد حبا الله بها البلاد ونسبة سكان نحسد عليها تعيش بين الانهار والمساحات المهولة من الاراضي الخصبة الصالحة للزراعة. فقط المطلوب كف أيادي النافذين وتوزيع السلطة والثروة بمعيار العدل والمساواة.
وتقبلوا أطيب تحياتي.